يا علماء الإسلام! تشبّهوا بالإمام الهمام: العزّ بن عبد السّلام!
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾وسئل رسول اللّه ﷺ: أيّ الجهاد أفضل؟ فقال: {كلمةُ حَقٍّ عِندَ سُلطانٍ جائرٍ} إنّ قمّة الجهاد في سبيل اللّه أمر بمعروف ونهي عن منكر مهما كانت صورة ذلك كتابة أو فعلًا أو قولًا عند زعيم ظالم فقد جعل خالق العباد الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من أعلى مراتب الجهاد ولعلّ خير من يضرب به المثل في هذا المقام سلطان علماء ذلك الزّمان شيخ الإسلام العزّ بن عبد السّلام المولود في دمشق الشّام في سنة 577 هـ والمتوفّی في القاهرة سنة 660 هـ وقد سمّي بسلطان العلماء لأنّه أعاد سيرة الدّعاة الرّبّانيّين ورفع شأنهم في الإنكار على السّلاطين الظّالمين حين تخالف تصرّفاتهم تعاليم الدّين وقد اشتهر هذا الإمام بمواقفه الجريئة في إحقاق الحقّ وإبطال المنكر مع سلاطين ذلك العصر ومن هذه المواقف المشرّفة موقفه مع الملك الصّالح اسماعيل فبعد وفاة السّلطان صلاح الدّين الأيّوبيّ اختلف خلفاؤه من بعده وقويت إمارات الصّليبيّين بسبب ذلك وبلغ النّزاع مداه بين حاكم دمشق الصّالح إسماعيل وبين أخيه نجم الدّين أيوب سلطان مصر فقد تحالف حاكم دمشق مع الأعداء وأعطاهم عدّة قلاع وسمح لهم بدخول دمشق لشراء السّلاح والتّزوّد بالطّعام! وكان سلطان العلماء وبائع الأمراء العزّ بن السّلام خطيب المسجد الأمويّ ومفتي أرض الشّام فاستنكر خيانة الحكّام وخطب خطبة ناريّة أفتى فيها بحرمة بيع السّلاح للفرنجة وهاجم ما سمّي بوليّ الأمر وقال قبل نزوله عن المنبر: اللّهمّ أبرم أمرًا رشدًا لهذه الأمّة يعزّ فيه أهل طاعتك ويذلّ فيه أهل معصيتك! ولم يدع للحاكم كما جرت العادة فأمر السّلطان باعتقاله وعزله من منصبه وتمّ الإفرج عنه فيما بعد بشرط ملازمة داره وعدم الإفتاء للسّائلين فقرّر الخروج إلى مصر وأراد السّلطان إسماعيل مساومته كي يتراجع عن آرائه فأرسل له من علماء القصر من يغريه بأعلی المناصب فكان هذا ردّه: يا مسكين لا أرضاه أن يقبّل يدي فضلًا أن أقبّل يده يا قوم أنتم في واد وأنا في واد والحمد للّه الذي عافاني ممّا ابتلاكم به! فتشبّهوا يا دعاة الإسلام في هذا الزّمان بالإمام العزّ بن عبد السّلام واجهروا بكلمة الحقّ برفق بأيّ زمان أو مجال أو مكان فالأنفاس معدودة والأرزاق محدودة! وما دام ذلك كذلك: فلا نامت أعين حثالة الجبناء الأقزام!