ورقات من يلوا 2 “تركستان الشرقية شعب مسلم تحت الأنقاض (1)”
بقلم عبد الحكيم يس سعداوي
لماذا على المسلمين وحدهم أن تراق دماؤهم وتستباح أرضهم ؟!!!
كان يمكن أن يشكل الجواب عن هذا التساؤل معضلة حقيقية لو لم يتكفل القرآن بتجلية الأمر ،فضلا عن الآيات الكثيرة التي تعرض الجواب في شكل سنن
ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم
لتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكك
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم
أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون
فإن أوضح ما يكون ذلك ما جاء في سورة البروج
…وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد
ومع ذلك تبقى معضلة الإجابة قائمة عند غير المسلمين أو عند من صلتهم بالقرآن رخوة
وهي معضلة أكبر أن لم يطرحوا السؤال أصلا !!!
أما وقد فهمنا أن للأمر علاقة بالسنن بمعنى أسباب ونتائج فإن ما تحاول هذه الورقات النظر فيه فهو تلك الأسباب أو السنن .
أين هي تركستان الشرقية؟
ما قصتها ؟
في الملتقى العلمي حضر معنا خمسة عشر طالبا أزهريا تركستانيا كان قد تم ترحيلهم من مصر إلى بكين مرورا بإسطمبول التي انتهت رحلتهم بها وعلى كل حال لاجئين خير من معتقلين
وكان هذا من حسن حظهم لأن آخرين واصلوا رحلتهم بالفعل وهم الذين اختير لهم خط القاهرة أبو ظبي -أبوظبي بكين حيث المصير المجهول…
هؤلاء حكوا لنا القصة كاملة
من المخيف أن لا نفهم حقيقة الأخوة الإسلامية ومقتضياتها لأن من وراء ذلك شعب يقتل بلا بواكي
ولا أبلغ مما شبهها به الحبيب صلى الله عليه وسلم
كمثل الجسد الواحد
فما يجوز أن يفجع بعضه ويترح البعض الآخر ولما لم نقدر هذه الأخوة حق قدرها ظننا أن المسلمين في الصين ليسوا سوى أقلية عرقية فلم يحظوا باهتمام منا إلا بقدر ذلك التصور الغامض الذي يمن به الإعلام متى أتى على قضيتهم في هامش نشرات الأخبار كأقلية عرقية تتعرض لأعمال عنف !!!!مع ما في هذا من التعمية فإن صور أخرى أتتنا تساوي بين الجلاد والضحية فنتصور أن العنف متبادل وربما ترجح عندنا أن المسألة مسألة عرقية أبعد عن أي تصفية دينية فلم يكن بد من أن تسكن في مخيلتنا إلى جانب أحداث مماثلة في أفريقيا أو الهند أو أي مكان تستيقظ الحمية فيه كما البراكين والظواهر الطبيعية فلا تلبث أن تخمد أسرع مما بدأت…
ما أخبرنا به إخوتنا و بلغة عربية أقرب إلى الفصاحة أثبت مقدار الخطأ في تصورنا ومقدار التقصير في اهتمامنا .
تركستان الشرقية ياسادة كما تبين الخريطة دولة مسلمة متجذرة لها حدودها ولغتها وعاصمتها وعلمها وتراثها كما أي دولة …
مساحتها تكاد تغطي ربع مساحة الصين !!!
نعم نحن مستخفون إلى هذا الحد
القضية قضية احتلال غير أنه وراء السحاب
لا علاقة لي بمهنة الصحافة غير أني مدرك لخطورتها التي تكمن أساسا في إيصال الحقيقة إلى الناس
ما كتبه في ورقات هي أمامي الآن كتبته وأنا أسمع القصة من أصحابها بطريقة لم أتعود عليها يعني أن تسأل وتسمع وتسجل وتقاوم أحاسيسك في نفس الوقت فلابد وأن كلمات مقتطعة وسياقات غير مكتملة وخط رديئ سمة غالبة عليها لكن حزنا شديد الوطأة يثقل كاهلي ولا أمر من أن تسمع شكوى عزيز تعلم أنك أعجز من أن تفيده بشيء ولا بد وأن وضعية كهذه تفسر رواج الأساطير في مخيلة العاجزين …
وقد تسرح بخيالك قليلا لتتمنى لو أنك كنت سوبرمان فقط لتنتشل إخوانك من جحيم يعيشونه كما لا يمكن أن تتصور
لكنك لست سوبرمان ولن تكون كذلك يوما لأجل هذا نحتاج أن نفهم السنن الإلاهية
الإحتلال هو الإحتلال ليس الفارق مهما بين هذا وذاك إلا بقدر نجاح أحدهم في تعمية أنظار العالم عن جرمه وهذا بالضبط ما يشكل فارقا في قضية تركستان الشرقية…
لا تسأل عن هدم البيوت ولا حرق المساجد ولا الإغتيالات والإغتصاب تلك سمة المحتل في كل زمان لكن فقط هنا لا يتم تعدادها فلا تظهر أعدادها …
ما يلفت أكثر من الجرم الحاصل قدرة المسلمين على تحمله والصمود في وجهه لا بد أن تتخيل معي وضعية كهذه سيكون المحافظة على الحياة أولوية فمن غير المعقول أن تفكر في جهد يحفظ الدين إلا كما تفكر في الكماليات خاصة وأن ظرفا كهذا المأكل والمشرب والدواء فيه يقترب من الكماليات بالفعل فضلا عن التعليم والنقل والتفاصيل الأخرى التي تسقط حكومات وتأتي بثانية في وضعيات أقل من العادية .
ذكرني هذا بوفد من أركان زار تونس يعرف يقضية شبيهة بالتي نتحدث عنها طلبوا مساعدة لا تخطر على بال ، إلا على أناس على قدر من العظمة طلبوا أخصائيين يساعدونهم في وضع برامج للتعليم !!!!وهذا رابط مقال كتبته سابقا عن الموضوع “اضغط هنا“
خذ نفسا أولا ثم خذ هذا مني وعلق بما شئت
لم ينقطع سند الحفظ في القرآن كما في الحديث عن مسلمي تركستان رغم ما عرفت من ظروف قاهرة
نعم الأمر كذلك …
وهذه الأمة تفاجؤك كلما نفضت يدك مستسلما أن لا شمس ستشرق يوما …
لكن يكفي أن تتذكر غزة المحاصرة وكيف تفننت في صنع الحياة ليس كما تتخيل لكن بمعنى النور الذي أخرج إليه الله بآياته بعد أن تاهوا في الظلمات
أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس
هذا النور في تركستان الشرقية لم يحجبه سور الصين العظيم حتى تسلل إلى القلوب كما تتسلل أشعة الشمس من بين الحواجز البصرية فقط لأنها تقدر أن تعلو فوقها كلها
والله متم نوره ولو كره الكافرون
كيف تم ذلك ؟ليس مهما لأنك لن تعدم حيلة متى ما تسلحت بالإرادة ومع ذلك سأخبرك ولا أدري أتقف تعظيم سلام إجلالا وإكبارا
أم ستطأطئ رأسك خجلا تماما كما صنعت أنا عندما سمعت القصة أول مرة
إذا رأيت إثنين في مطعم فلا تسلم أن ما بينهم لا يتجاوز الدردشة على طاولة الطعام فإن ذلك تماما ما ظنه المراقبون الصينيون ،لكن الحقيقة أن ما تتابعه من دردشات ليست سوى آيات تتلى و تلقن في لحظات يبلغ العقل فيها أعلى درجات التحفز والتركيز مع أنك لن تقرأ على الوجوه إلا الهدوء و الإسترخاء !!!!
الأمر كذلك إذا رأيت اثنين يستقلان سيارة أجرة أو يجلسان في مقبرة أو يتنزهان في الشارع ولك أن تطلق لعقلك العنان ليتخيل أي صورة فإن الآيات والأحاديث هي الغاية والمبتغى…
هذا ما يظهر من وسائل وما خفي أعظم …
لكنك في النهاية ستقف على مدى قدرة الإنسان على التحدي بنفس القدر الذي تبنى فيه العراقيل .
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)