واجب الدّعاة إلی اللّه تجاه الولاة
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
الحمد للّه القائل: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللّهَ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا﴾ والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد القائل: {الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ وَلِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعامَّتِهِمْ} أمّا بعد: فإنّ على العلماء العاملين والدّعاة المصلحين أن يقوموا بواجباتهم تجاه كلّ المسؤولين وذلك بنصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة واللّين وأن يشفقوا عليهم مِن عذاب الجحيم وأن يحذّروهم من كلّ ما يؤدّي لغضب اللّه ربّ العالمين وفي الوقت ذاته عدم طاعتهم في أيّ معصية للّه عزّ وجلّ لقوله ﷺ: {لا طاعَة لِبَشَرٍ في مَعصِيَة اللّهِ إنّما الطّاعَة في المَعروف} ويجب عليهم كذلك أن ينهوا عن المنكر بالتي هي أحسن وأن يأمروا بالمعروف بكلّ معروف ولو أدّى ذلك إلى ضربهم أو قتلهم أو سجنهم أو نفيهم أو إقالتهم مِن وظائفهم أو تشويه سمعتهم أو التّضييق عليهم أو منعهم من الظّهور في وسائل الإعلام! قال نبيّنا ﷺ: {سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَرَجُلٌ قامَ إلى إمامٍ جَائِرٍ فَأمرَهُ وَنَهاهُ فَقَتَلهُ} ويقول ﷺ: {أفضَلُ الجِهادِ كَلِمةُ عَدلٍ عِندَ سُلطانٍ أو أميرٍ جائرٍ} ويقول ﷺ: {لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ ولتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ ولَتَأْطرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا ولَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ ليَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ} واعلموا أيّها الإخوة الأعزّاء أنّ كثيرا من الدّعاة والعلماء ورثة الأنبياء قد جهروا بالحقّ بشجاعة وصدق وإخلاص ورفق فضربوا وعذّبوا وسجنوا ولكنّهم للّه تعالی درّهم لم يخشوا في اللّه لومة لائم في الجهر بالحقّ أمام أيّ راع ظالم! وبما أنّ الحياة والموت والرّزق والسّعادة والشّقاء بيد خالق الأرض والسّماء فلا نامت عيون الجبناء! قال سيّد الأنبياء ﷺ لعبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما: {وَاعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعَت علَى أن يَنفَعوكَ بِشَيءٍ لمْ يَنفَعوكَ إلَّا بِشَيءٍ قَد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ وَإن اجتَمَعوا على أن يَضرُّوكَ بِشَيءٍ لمْ يَضرُّوكَ إلَّا بِشيءٍ قَد كتبَهُ اللَّهُ عَليكَ رُفِعَتِ الأقلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ}! ويقول الامام ابن تيمية: ما يفعل أعدائي بي أنا جنّتي وبستاني في صدري أين ما ذهبت فهي معي أنا حبسي خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة! اللّهمّ احفظ دعاة الإسلام وعلماء الثّغر في أرض المحشر ووفّقهم ربّنا للأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر!