مقالاتمقالات مختارة

همم في القمم (2-4)

همم في القمم (2-4)

بقلم محمد عبد الرحمن صادق

إن صاحب الهمة العالية لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته فهو كالطائر الذي اعتاد أن يُحلق في فضاء رحب فسيح فهو لا يرضى بالدون مها كانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.

تحدثنا في الحلقة الأولى بفضل الله تعالى عن مقدمة لشحذ الهمم مزودة بأمثلة على ذلك، وتطرقنا لتعريفات مختلفة لمعنى الهمة، ثم ذكرنا بعض آيات القرآن الكريم في هذا الشأن.

ثالثاً: بعض الأحاديث النبوية التي وردت في شأن الهمة العالية:

1- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللهَ تعالى جَميلٌ يحبُّ الجَمالَ، ويحبُّ مَعالِي الأَخلاقِ، ويكرَهُ سَفسافَها” [صححه الألباني].

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لو يعلمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثمَّ لم يجِدوا إلَّا أنْ يستهِموا عليه لاستهَموا، ولو يعلمونَ ما في التَّهجيرِ لاستبَقوا إليه، ولو يعلمونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبحِ لأتَوْهُما ولو حبوًا” [رواه البخاري].

• التَّهْجِيرُ إلَى الصَّلاةِ: الْمُضِيُّ إلَيْهَا فِي أوَّلِ أوقَاتِهَا.

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من خيرِ معاشِ الناسِ لهم، رجلٌ ممسكٌ عنانَ فرسِه في سبيلِ اللهِ. يطيرُ على متنِه. كلما سمع هيعةً أو فزعةً طار عليه. يبتغي القتلَ والموتَ مظانَّه. أو رجلٌ في غنيمةٍ في رأسِ شعفةٍ من هذه الشعفِ. أو بطنِ وادٍ من هذه الأوديةِ. يقيمُ الصلاةَ ويؤتي الزكاةَ. ويعبدُ ربَّه حتى يأتيَه اليقينُ. ليس من الناسِ إلا في خيرٍ” [رواه مسلم] وفي روايةٍ: في شعبةٍ من هذه الشعابِ “.

4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “والَّذي نفسي بيدِه، لولا أنَّ رجالًا من المؤمنين، لا تطيبُ أنفسُهم أن يتخلَّفوا عنِّي، ولا أجدُ ما أحمِلُهم عليه، ما تخلَّفتُ عن سريَّةٍ تغزو في سبيلِ اللهِ، والَّذي نفسي بيدِه، لوددتُ أن أُقتلَ في سبيلِ اللهِ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ ثمَّ أحيا، ثمَّ أُقتلَ” [رواه البخاري].

5- عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلِّي حتى تَرِمَ، أو تنتَفِخَ، قدَماه، فيُقالُ له، فيقولُ: [أفلا أكونُ عبدًا شَكورًا]” [رواه البخاري].

رابعاً: بعض صور الهمة العالية من حياة الصحابة والتابعين:

لقد ارتوى الصحابة والتابعين من معين النبي صلى الله عليه وسلم ما جعلهم ينطلقون في الحياة جاعليها مزرعة للآخرة فانقطعوا عن كل لذة دون لذة العمل لله تعالى ونصرة دينه.

جاء في كتاب [نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب]: “أهديت إلى عبد الرحمن الداخل جارية جميلة فنظر إليها وقال: “إن هذه من القلب والعين بمكان، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها، وإن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي، ولا حاجة لي بها الآن، وردها على صاحبها”.

1- روى قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: “افتخرت الأوس والخزرج، فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة: حنظلة، ومنا الذي حمته الدبر: عاصم بن ثابت ومنا الذي اهتز لموته عرش الرحمن: سعد بن معاذ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين: خزيمة بن ثابت. فقال الخزرجيون: منا أربعة نفر قرؤوا القرآن، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يقرأه غيرهم: زيد بن ثابت، وأبو زيد، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل. يعني بقوله: لم يقرأه كله أحد من الأوس، وأما من غيرهم فقد قرأه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وعبد الله بن مسعود، في قول، وسالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم، ذكر هذا أبو عمر” [رواه أبو داود والنسائي والترمذي].

2- السيدة أم سُليم بنة ملحان: قال ابن إسحاق: وحدثني عبدالله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنة ملحان، وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها، وإنها لحامل بعبدالله بن أبي طلحة، ومعها جمل أبي طلحة، وقد خشيت أن يعزها الجمل[يقوى عليها]، فأدنت رأسه منها، فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أم سليم؟]، قلت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك؛ فإنهم لذلك أهل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أو يكفي الله يا أم سليم؟]، قال: ومعها خَنجر، فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ قالت: خنجر أخذتُه، إن دنا مني أحد من المشركين بعجته به، قال: يقول أبو طلحة: ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء؟.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى