هل يواجه مسلمو “الأويغور” ذات مصير “الروهينغا”؟
“هو أحد أكبر المعتقلات الإنسانية في العالم وأفضعها”، هكذا علقت اللجنة التنفيذية للكونغرس الأمريكي على ما يتعرض له المسلمون في الصين، أو ما يعرفون بأقلية “الإيغور”، بعد الكشف عن عشرات المعتقلات التي تقيمها الحكومة الصينية كعقاب لألاف المواطنين بسبب معتقدهم وديانتهم.
لم تأت دعوة مشرعين أميركيين إلى فرض عقوبات على الصين جراء حملة قمع تستهدف الأقليات المسلمة في إقليم تركستان الشرقية من فراغ، بل لم تكن سوى نتيجة منطقية لسنوات من الاحتجاز والتعذيب والقيود الصارخة على الممارسات الدينية والثقافية وغيرها من الانتهاكات حسب الرسالة التي وجهها النواب إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.
فأكثر من مليون إنسان إلى حد الآن محتجزون في معسكرات جماعية معروف أيضًا باسم “مراكز إعادة التأهيل السياسي” حسب بيان للأمم المتحدة والذي طالبت فيه الصين بالافراج عن المعتقلين واحترام حقوق الإنسان وحرية المعتقد، حيث توصف المعتقلات بأنها “مرافق خاضعة لسيطرة حراس مسلحين، ويتم إجبار المسلمين فيها على التنصل من معتقداتهم الدينية وانتقاد أنفسهم وأحبائهم وتقديم الشكر للحزب الشيوعي الحاكم” حسب رواية المحتجزين هناك.
وكانت تركيا قد أعلنت عن فتح الأبواب أمام المسلمين الإيغور لدخول أرضها كتضامن مع ما يتعرضون له، فمنذ سيطرة بكين على إقليم “تركستان الشرقية” عام 1949، حاولت حكوماتها المتعاقبة تهجير مسلمي الإيغور قسرا، ولكن لم تقدر على ذلك بسبب صمودهم وتمسكهم بأرضهم، إلا أن منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، تضاعفت حملات القمع لتصل حتى قطع كل سبل التواصل معهم، عبر الاتصال أو الانترنت، بالإضافة إلى إكتشاف عشرات المقابر الجماعية لهم، وهو ما ينذر على مستقبل مشابه لما حدث لأقلية “الروهينغا” في مينمار.
من هم الأويغور؟
تعود جذور مسلمي الإيغور إلى مئات السنين قبل الاستقرار في تركستان الشرقية بغرب الصين إقليم سنغيانغ حاليا، عندما نزحوا من قبائل تعيش في منغوليا بعد سيطرتهم على القبائل المغولية وزحفهم نحو الشمال الغربي للصين في القرن الثامن ميلادي.
وهم قبائل ناطقة باللغة التركية ويستعملون الحروف العربية في كتابتها، وترجح أغلب الروايات التاريخية أنهم من أصول تركية كذلك، اعتنقوا الإسلام منذ القرن العاشر الميلادي ويتوزعون اليوم على أغلبية سنية حنفية وأقلية شيعية إسماعيلية.
ويقدر عدد الإيغور حسب آخر إحصاء بنحو 23 مليون نسمة يعيش أغلبهم منهم داخل إقليم سنغيانغ ويتوزع الباقون بين كزاخستان ومنغوليا وتركيا وأفغانستان وباكستان وألمانيا وإندونيسيا وأستراليا وتايوان والسعودية، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز الـ100 مليون، أي نحو 9.5% من مجموع السكان.
منذ القرن الثامن عشر، وتحديدا عندما بدأت المحاولات الأولى من الصين لاحتلال تركستان الشرقية وضمها كإقليم لها، بدأت سلسلة الصدامات بين الأقلية المسلمة وحكومات الصين المتعاقبة، التي أصرت على إضفاء الطابع الصيني الخالص كديانة وثقاقة على الإقليم، خاصة بعد تولي “كيان لونغ” الحكم بين عامي 1736م-1795م، حين أعلن بدء حملة مطولة لإذابة القوميات والهويات الفرعية داخل الطابع الصيني، وفي تلك العملية تحولت المنطقة التي عُرفت حينها بـ”الصين التركمانية” إلى “شينغيانغ”، التي تعني بالصينية “الإقليم الجديد”،
والتي واجهها سكان الإقليم بقوة عبر حركات تحرير مسلحة، والتي وصلت إلى حد تأسيس دولة مستقلة في عام 1872م، على يد “يعقوب بيغ” باعتراف عثماني لحقه إعتراف الروس والإنجليز والتي عرفت باسم الدولة الكاشغارية، وتمتعت بسيادة مستقلة حتى عام 1877م، الأمر الذي عزّز من شعور الاعتزاز بالنزعة الإيغورية في تركستان الشرقية، ولكمهت سرعان ما انهارت بوفاة يعقوب بيغ، وهو ما سبب في عودة الصين للاستلاء على الإقليم مجددا.
غياب شبه كامل للمؤسسات الحقوقية والدولية عن مراقبة وضع الإيغور والمعاناة التي يعيشونها في الصين، والتي ينقل بعضا من تفاصيلها الفارون من المعتقلات المليونية. لتلتقي هذه المأساة مع مأساة أقلية مسلمة أخرى، وهم مسلمو الروهنغيا في ميانمار ليكون الانتماء لدين أو عرق سببا في الاضطهاد والقتل والتشريد.
(المصدر: تي آر تي TRT العربية / تركستان تايمز)