مقالاتمقالات المنتدى

‏هل يمكن أن تصير الصغيرة كبيرة؟

‏هل يمكن أن تصير الصغيرة كبيرة؟

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

قد اختلف أهل العلم هل يمكن أن تصير الصغيرة كبيرة؟
‏وذلك على قولين:
الأول: الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، وهو قول طائفة من أهل العلم، ويروي عن ابن عباس قوله: ” لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار” وهو أيضا عن أنس رضي الله عنه:
” لا صغيرة مع الإصرار” قال النووي: “قال العلماء: والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة”
وقال ابن تيمية:
“ويقال اللمم أن يلم بالذنب الصغير مرة من غير إصرار؛ لأنه من أصر على الصغيرة صارت كبيرة،
كما في الترمذي: “لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار”
فقد جاء الكتاب والسنة بتكفير الصغائر لمن اجتنب الكبائر، وهذا لا ريب فيه” وقال ابن القيم:” الاصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربي عليها” إغاثة اللهفان
‏فالمحسن هو من لا يأتي بكبيرة الا نادرا ثم يتوب منها، ومن إذا أتى بصغيرة كانت مغمورة في حسناته المكفرة لها.
قال السفاريني الحنبلي: ويفسق المذنب بالكبيرة كذا إذا أصرّ بالصغيرة

والقول الثاني: لا تصير الصغيرة كبيرة بالمداومة عليها والإصرار
وقد قالوا ليس على تحول الصغيرة إلى كبيرة دليل يصلح التمسك به، وأنكروا صحة “لا صغيرة مع الإصرار”

وقالوا الإصرار على الصغيرة صغيرة، والإصرار على الكبيرة كبيرة.
‏والذي يترجح أن الصغيرة بالمداومة عليها يحصل إعتياد على ركوبها يضعف في القلب إرادة التوبة،
وقد يقع مع ذلك أن يستهان بها فيحدث هذا ما يستوجب زيادة عقوبتها، وتغليظ الإثم بها، ولا يلزم من تعاظم الصغيرة أن تكون كبيرة فالصغائر تتفاوت.
والعاقل يحذر تتابع الصغائر على قلبه، فإن الصغائر بريد الكفر، كما أن النظرة المحرمة بريد الزنا!
والمؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعدٌ بأصل جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه !

وفي الحديث:
“إياكم ومحقّرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه” مسند أحمد
وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: “يا عائشة إياك ومحقّرات الأعمال فإن لها من الله طالبا” ابن ماجه
وقد قال بعض السلف:” لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت”
الزهد لابن المبارك

فليس من شأن المؤمن أن يستهين بجلال الله وعظمته، ولا المبارزة بالصغيرة فضلا عن الكبيرة!
وعليه فإن الإصرار على الصغيرة ليست كبيرة بنفسها ولا بالأصالة وإنما هي عند من قال بذلك كبيرة لغيرها لا لذاتها،
والله تعالى أعلى واعلم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى