مقالاتمقالات مختارة

هل يصنع تكتل مهاتير محمد اتحادا إسلاميا كالاتحاد الأوروبي؟

هل يصنع تكتل مهاتير محمد اتحادا إسلاميا كالاتحاد الأوروبي؟

بقلم محمد مغاور

تساؤلات عديدة أثيرت مؤخرا في الشارع العربي والإسلامي حول مآلات التكتل الذي دعا إليه رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد، والمكون من خمس دول إسلامية، وعما إذا كان يمكنه تشكيل نواة لاتحاد إسلامي شبيه بالاتحاد الأوروبي؟ وما قد يواجهه هذا التكتل من صعوبات بمقابل تحالف السعودية والإمارات ومصر؟

وأعلن مهاتير محمد، الخميس، تشكيل قمة إسلامية مصغرة تضم ماليزيا، وقطر، وإندونيسيا، وتركيا، وباكستان، تجتمع في 19 كانون الأول/ ديسمبر المقبل بكوالالمبور، لتشكل نواة لبداية تعاون إسلامي بمجالات التنمية الاقتصادية، والدفاع والحفاظ على السيادة، وقيم الثقافة والحرية والعدالة، ومواكبة التكنولوجيا، وبينها مواجهة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

“قمة في وقتها”

وفي رؤيته حول مآلات هذا التكتل، قال أستاذ الفلسفة والمذاهب الفكرية جمال نصار، إن “لقمة كوالالمبور المرتقبة أهمية كبرى، وخصوصا أننا نعيش مرحلة تفرق وتشرذم كبيرة بجميع المستويات، ناهيك عن التحديات التي تقابلها الأمة الإسلامية بشكل عام”.

الأكاديمي المصري، أضاف لـ”عربي21″، أن “هذ التكتل في غاية الأهمية وبتوقيت مناسب”، مشيرا إلى أن “فكرة التكتلات موجودة بالفعل، ولدينا تكتل واضح وكبير هو الاتحاد الأوروبي، وهناك محاور تتم بالمنطقة بشكل أو بآخر، ولكن للأسف العديد من المحاور التي تم تشكيلها مؤخرا لا تصب لصالح القضايا الإسلامية”.

وأكد أن هذا “التكتل مهم لخدمة القضايا الإسلامية العديدة، والتي تحتاج من يهتم بها وخصوصا فلسطين التي أصبحت تشكل زخما والكيان الصهيوني يحاول دائما استهداف الفلسطينيين وخاصة بغزة”، مضيفا: “آمل أن يتم التوافق على أجندة بالمستقبل لحل مثل هذه المشاكل”.

ويرى نصار، أن “ماليزيا بقيادة مهاتير محمد، وتركيا، وباكستان، وأندونيسا، وقطر، وباقي الدول المنضمة كل هذا في تقديري لو تم الترتيب له جيدا سيكون في مصلحة العالم الإسلامي”.

ويعتقد الأكاديمي المصري أن “هناك تحديات عديدة تقابلها أي تكتلات، وخاصة التي تدعو للدفاع عن القضايا الإسلامية، ولدينا للأسف  بعض المحاور بالمنطقة ضد هذا التوجه وخصوصا محور السعودية والإمارات، وللأسف مصر”.

وختم أستاذ الفلسفة والمذاهب الفكرية حديثه بالقول: “لو أن هؤلاء انتبهوا لمصالحه

م ولم يتجهوا لمصالح أعدائهم سيكون مصلحة للمنطقة بكاملها أن ينضموا لهذا التكتل ليكونوا منعة وقوة بالمنطقة، وتكون الشعوب وراء الجميع، وعندها ستكون قضايا الأمة بالمقدمة ولا يستطيع أيا من كان سلب إمكانياتها”.

“عناصر الإنتاج متوفرة وتكاملية”

ويعتقد أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم التركية أشرف دوابة، أن “هذا التحرك يقود إلى نوع من التوازن في العالم الإسلامي خاصة وأن هناك محور صهيوني موجود على الجانب الآخر”.

رئيس الأكاديمية الأوربية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، أكد لـ”عربي21″، أن “هذا المحور يجمعه الجانب الإسلامي كنقطة أساسية ومحركة فيه”.

وأكد دوابة أنه “في الغالب فإن هذا الاتحاد يعبر عن نبض الشارع الإسلامي بالوقت الحالي؛ ويعتبر نواة يمكن البناء عليها، خاصة وأننا في حاجة لمن يرعى ويدعم المصالح الخاصة للشعوب الإسلامية”.

وفي رؤيته الاقتصادية، حول كيفية الاستفادة من قدرات وإمكانيات وتقدم ماليزيا وتركيا، وقوة إندونيسا وباكستان البشرية، وأموال قطر لإفادة العالم الإسلامي من هذا التحالف، قال الخبير بالاقتصاد الإسلامي: “لو نظرت لعناصر الإنتاج فإنها بالفعل متوفرة وتكاملية بين هذه الدول؛ خاصة وأن قطر لديها رأس مال كبير، وكثير من الدول الأخرى بالتكتل لديها أيدي عاملة جيدة وتقنية عالية”.

وحول احتمالات ما قد يواجهه تكتل مهاتير محمد، من عقبات تقودها الصهيونية العاليمة وأتباعها بالمنطقة العربية، أكد دوابة أن “الصهيونية لا تترك أحدا دونها يتقدم دون عرقلته، ومع ذلك فمن حق الإنسان أن يتقدم”.

وجزم بالقول إن هذه المخاوف والعقبات المحتملة “لا تمنع من وجود تكتل قد يُكتب له الاستمرارية، وقد يكون نواة لشيء أكبر مستقبلا، وهكذا تُبنى التكتلات في البداية”.

“لابد للأمة بمثله”

وفي حديث مقتضب مع المفكر الإسلامي محمد عمارة، أكد لـ”عربي21″، على أهمية مثل “تلك التكتلات والتحالفات لإنقاذ العالم الإسلامي من كبوته واستعادة قوة الأمة الإسلامية”، مضيفا أن “الأمر يحتاج منه إلى قراءة كاملة لهذا التكتل وأهدافه وأدواره المحتملة حتى يمكنه أن يدلي بدلوه في الحديث حوله”.

وهو ما أقره أيضا الأكاديمي المصري، وأستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية وصفي أبوزيد، في حديثه لـ”عربي21″، مؤكدا على أهمية هذا التكتل ودوره، لكنه رد الأمر إلى السياسيين المسلمين الذين يمكنهم فهم الأبعاد السياسية التي يجب الإحاطة بها لنجاح مثل هذا التكتل.

“الخمسة الكبار”

وفي مقال له بـ”الجزيرة نت”، تحدث مستشار وزير الأوقاف السابق محمد الصغير، عن حجم هذا التكتل واصفا إندونيسيا بأنها أكبر البلاد الإسلامية عددا (مائتي مليون نسمة)، وباكستان بالدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا، وتركيا صاحبة أعلى معدلات للنمو الاقتصادي، والأولى أوربيا والسابعة عالميا في الإنتاج الزراعي، وجيشها ضمن أقوى عشرة جيوش بالعالم، وقطر كممثلة وحيدة للأمة العربية بما لديها من قوة مالية وناعمة.

“العالم الإسلامي الجديد”

وكتب رئيس مجلس إدارة مجموعة تنمية القيادة (LDG) هاني سليمان، عبر “فيسبوك”، تحت عنوان “العالم الإسلامي الجديد”، قائلا: “يقيني أن العالم الإسلامي قد بدأ إعادة تشكيله، فهذا التكتل الذي دعا إليه مهاتير محمد قد يشكل نواة لا أقول لدولة إسلامية موحدة على نظام الخلافة مثلا، ولكن ربما مثلا لاتحاد إسلامي شبيه بالاتحاد الأوروبي”.

وأكد أن هذا التكتل الإسلامي ينقصه دولا إسلامية كبيرة قيمة وتاريخا ومساحة وسكانا، أهمها السعودية ومصر، مشيرا إلى أن “نوعية نظم الحكم بتلك الدول تعمل ليس فقط الابتعاد على عن أي تكتل إسلامي، بل أيضا محاربة أي تكتل إسلامي لصالح أعداء هذا التكتل”.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى