مقالات مختارة

هل الشورى واجبة على الحاكم؟

بقلم حمدي شفيق

هناك خلاف فقهي مشهور، حول ما إذا كانت الشورى واجبة على الحاكم أم اختيارية..

الرأي الراجح، هو أن الشورى ملزمة للحاكم ابتداء، وملزمة أيضاً فيما يقرره المستشارون من حُكْمٍ، أو رَأْيٍ في المسألة المعروضة عليهم. والنصوص والسنّة العملية وتطبيقات الخلفاء الراشدين -كما عرضنا- كلها يثبت وجوب العمل بما يستقر عليه رَأْي المستشارين، كلهم، أو أغلبيتهم.

وفي ذلك يقول أحد أنصار هذا الرأي: “والواقع أن الشورى لن يكون لها معنى إذا لم يؤخذ برأي الأكثرية، ووجوب الشورى على الأمّة يقتضى التزام رأى الأكثرية. ويجب أن تكون الأقلية التي لم يؤخذ برأيها أول من يسارع إلى تنفيذ رأى الأغلبية باعتباره الرأي الذي يجب إتباعه ولا يصح إتباع غيره.

وليس للأقلية أن تناقش من جديد رأياً اجتاز دور المناقشة، أو تناقش رأياً تم وضعه موضع التنفيذ، وتلك سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم التي سنّها للناس، والتي يجب على كل مسلم إتباعها.” ويضيف صاحب هذا الرأي أيضا: “الجمهور أبعد عن الخطأ من الفرد في الأكثر، والخطر على الأمّة فى تفويض أمرها إلى الرجل الواحد أشد وأكبر”. انتهى.

ولم يتعرض من قالوا بوجوب الشورى ونتائجها إلى حالة ممكنة الحدوث بل تحدث بالفعل، وهى حالة انقسام أهل الشورى إلى فريقين متساويين، لكل منهما رأى مخالف لصاحبه في الأمر المطروح للتشاور. وأرى أنه يكون للحاكم في هذه الحالة حرية المفاضلة بين الرأيين و تقرير الأنفع منهما للأمّة ليأخذ به. وهذا مستنبط مما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في التصرف بشأن أسرى بدر، إذ أخذ عليه الصلاة والسلام برأي الصدّيق ولم يأخذ برأي الفاروق كما تقدم.

وليس هذا غريباً حتى بمقاييس العصر الحديث، فنحن نرى أنه في اجتماعات مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات المعاصرة تنص القوانين واللوائح على أنه “في حالة تساوى عدد الأصوات في الاجتماعات يرجّح الجانب الذي معه الرئيس”.

 ونحن هنا أيضا لم نخرج أبداً عن نطاق وجوب واحترام ثمرة الشورى، وكل ما في الأمر أنه عند تعدّد وجهات النظر لابد من وسيلة لترجيح أحد الرأيين، منعاً لتعطيل دولاب العمل. كما أن الحاكم بلا شك تتوافر لديه معلومات لا يعرفها غيره، ومن المصلحة العامة أن نعطيه حرية الاختيار و مرونة اتخاذ القرار على ضوء ما لديه من علم و دراية بمجريات الأمور في البلاد.

وأخيرًا، نشير أيضا إلى نقطة هامة وجوهرية، وهي أنه إذا كشفت المناقشات والمداولات عن وجود حديث شريف صحيح، في الأمر، لم يتذكّره أحد من المستشارين قبل بدء التشاور، فإنه ينبغي تطبيق هذا النص فوراً ووقف كل المداولات، لأننا هنا نصبح أمام نص واجب التطبيق، وتخرج المسألة المطروحة بذلك من نطاق الشورى.

المصدر: موقع الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى