مقالاتمقالات مختارة

هذا هو “المنهج” الذي أَعجب الصّهاينة!

هذا هو “المنهج” الذي أَعجب الصّهاينة!

بقلم سلطان بركاني

تداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية تغريدة نشرت على حساب “إسرائيل بالعربيّة” يوم 15 نوفمبر، باسم وزارة الخارجية الصهيونية، تبدي فيها إعجابها بمنهجٍ غريب تتبنّاه طائفة من المسلمين! حيث قالت بكلّ صراحة ووضوح: “تسعدنا رؤية هذا المنهج”!

لم تكن هذه المرّة الأولى التي يبدي فيها الصهاينة وأولياؤهم الإعجاب بهذا المنهج، فقد سبق لبعض مراكز الدّراسات الغربية المموّلة أو المدعومة صهيونيا أن أوصت بالاستثمار في هذا المنهج الذي يراد له أن يلهي الأمّة بصراعات داخلية عن خوض معاركها المصيرية.. منهج يغري أتباعه بالعكوف على تصنيف وتبديع وتضليل جماعات المسلمين وعلمائهم ودعاتهم، وغضّ الطّرف عمّا يخطّط له الأعداء المتربّصون وما ينفّذونه على أرض الواقع، من مكر مركّز وحروب جائرة ظالمة، ومجازر مروّعة في حقّ الأبرياء، ولا يقف هذا “المنهج” عند هذا الحدّ حتى يرغّب معتنقيه في السّكوت عن المتسلّطين الذين يلقون بالمودّة إلى أعداء الأمّة، ويتعاونون معهم ويمكّنونهم من حرمات المسلمين وأراضيهم وممتلكاتهم. هذا فضلا عن شغله شباب الأمّة عن مجابهة الدّعوات الإلحادية والعلمانية، وعن ردّ الشبهات التي تثار على الإسلام العظيم والإساءات التي تطال رموزه.

بمقتضى أدبيات هذا المنهج الذي أعجب الصهاينة، يصبح الداعية المهتمّ بواقع الأمّة الغيور على قضاياها المنكر لتواطؤ بعض النظم السياسية مع الخارج، مبتدعا وداعية ضلال ومثير فتنة، ومهما أظهر براءته من الغلوّ والتطرّف فإنّ مجرّد جهره بإنكار التطبيع مع الصهاينة أو شجبه التعاون مع الروس أو الأمريكان، يكفي لضمّه إلى قوائم المبتدعة، بل إنّ الأمر قد وصل إلى حدّ تصنيف الدّعاة الذين يستنهضون الأمّة للردّ على السفهاء المسيئين إلى النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وينادون بمقاطعة منتجات الدول المتواطئة مع أولئك السفهاء المدافعة عنهم؛ كدعاة فتنة وتهييج وخروج، لا لشيء إلا لأنّهم لم ينتظروا إذن وليّ الأمر بالانتصار لنبيّ الهدى، ولم يرقُبوا رأيه في مقاطعة هذه الدّولة أو تلك!

هذا المنهج، يعلّم أتباعه أنّ أهل البدع أخطر من أهل الملل، وأهل البدع هم أتباع الطوائف والجماعات الإسلامية التي تخالف “المنهج”، ولو كان الخلاف في بعض فروع العقيدة وقضايا الاجتهاد!! تسأل الشابّ المفتون بهذا البلاء: لماذا لا تبدي شيئا من الاهتمام بالحديث عن العدوان الصهيو-صليبي على الأمّة، فيجيبك بأنّ الصهاينة والصليبيين أمرهم واضح لكنّ أهل البدع يخفى أمرهم على عامّة النّاس فيفتتنون بهم!! مع أنّ الواقع يشهد بأنّ أخطر فتنة تتهدّد شباب الأمّة هي موجة الإلحاد التي يقف خلفها الصهاينة والصليبيون والعلمانيون.

لقد آن لشبابنا المغرّر بهم أن يثوبوا إلى رشدهم وينفضّوا عن هذا المنهج الذي يقدّم على أنّه منهج أهل السنّة ومنهج الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وطريق الغرباء، وهم يرون ما أحدثه هذا “المنهج” في أوساط المسلمين من فتن، وكيف تسبّب في فتنة كثير من المسلمين الجدد في بلاد الغرب وأدخل بعضهم في حيرة أدت بعدد منهم إلى ترك الدين والعودة إلى الكفر.. آن لشبابنا المغرّر بهم أن يتركوا هذا المسلك وهم يرون أعداء الأمّة يعجبون به، وبعض مراكز الدراسات الغربية توصي بدعمه وتوظيفه في مواجهة العاملين لدين الله.. على شبابنا أن يكونوا على يقين بأنّ هؤلاء المتربصين لا يُعجبون بهذا المنهج قناعة بأصوله ومبادئه، ولكن لأجل توظيفه في نشر الفتنة بين المسلمين وإشغال بعضهم بعض، ومتى ما انتهت الحاجة إليه فإنّهم سيتخلون عنه ويوعزون إلى أوليائهم ليتخلّوا عنه، فهو في النهاية لا يتواءم مع النسخة المعتمدة والمزوّرة من الإسلام شكلا ولا مضمونا.

(المصدر: صحيفة الشروق الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى