هدف بايدن من معاداة أردوغان
كان إعلان العداء للرئيس التركي الطيب رجب أردوغان في أجندة الحملة الانتخابية التي خاضها الرئيس جو بايدن، متوعدا بإنهاء عهده لحساب معارضيه، واضعا هذا الوعد في أولويات برامجه الرئاسية.
وعد جو بايدن تدخل صريح في الشأن الداخلي التركي، وأمر يتناقض مع مبادئ العلاقات الدولية المتكافئة، وضعه كمهمة يسعى البيت الأبيض لتحقيقها في إطار برنامج دولي واسع.
عداء البيت الأبيض لأردوغان، هو عداء موروث مارسه الرئيس السابق باراك اوباما، حيث شهدت تركيا في عهده انقلابا عسكريا فاشلا، تم احتواءه في ساعات قليلة، أعلنت أنقرة دون تردد عن دور أمريكي في دعمه.
هذا العداء المبرمج في مهام البيت الأبيض ليس مصادفة حين ينتقل من باراك أوباما إلى جو بايدن، دون احتوائه في عهد الرئيس دونالد ترامب، هو إستراتيجية لا ترتبط بعهد رئاسي ما.
لم يضمر الجمهوريون في عهدتهم الرئاسية عداء معلنا لرئيس حزب العدالة والتنمية الطيب رجب أردوغان، جورج دبليو بوش رأى فيه الثقل الوازن في سياسات الشرق الأوسط، والحليف المتقدم في محاربة الإرهاب، وتعامل دونالد ترامب بمرونة مع تركيا رغم الخلاف حول صفقة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية 400 أس، وعلق تطبيق أي عقوبات ضدها حررت فيما يعرف بـ”قانون عقوبات كاتسا”.
لكن الديمقراطيين المتوائمين مع أوروبا لهم رؤيا أخرى في تركيا التي يقودها الطيب رجب أردوغان، وهم يزرعون الفخاخ في العلاقات الثنائية التركية – الأمريكية، ويتناسون دورها في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وأرضها المنبسطة لأهم قواعد البنتاغون في أول بوابة رابطة بين آسيا وأوروبا.
تصعيد خطير في خطاب جو بايدن ضد الرئيس الطيب رجب أردوغان، وصل إلى حد التدخل في الشأن الداخلي التركي، وهو يعقد العزم على دعم المعارضة في أقرب استحقاق انتخابي لإنهاء حكمه، متناسيا ان هذا العزم هو دعم انقلاب بلباس ديمقراطي.
كان الرئيس جو بايدن قد تحدث مع رجب أردوغان في اتصال هاتفي، بعد جفوة دامت زمنا منذ دخوله البيت الأبيض، ظن البعض إنها تصحيح لمسار علاقات متوترة بين الطرفين، وإبداء نوايا حسنة في تقارب البلدين على قاعدة طي كم الخلافات القائمة.
لكن بايدن فاجأ تركيا والعالم بعد يوم من التواصل مع أردوغان، التواصل الذي أشادت به وسائل إعلام البيت الأبيض ووصفته بـ”تطوير علاقات بناءة”، بإعلان أن “مذابح الأرمن في ظل الإمبراطورية العثمانية عام 1915 تعد إبادة جماعية”، وهو ما يضع تركيا في زاوية حرجة بسبب حدث لم تسقطه أمريكا وأوروبا بالتقادم.
إعلان “إدانة مذابح الأرمن” يبدو في شكله أمريكيا، وفي جوهره أوروبيا، فرؤساء البيت الأبيض المتعاقبون لم يأخذوا الأمر بالجدية التي أخذها جو بايدن الذي توعد الطيب رجب أردوغان بالملاحقة سياسيا واقتصاديا وتاريخيا وإخلاء مقعده القيادي لصالح معارضيه.
واشنطن لن تجني من “إعلان مذابح الأرمن” شيئا، لكنها دعمت سياسة الاتحاد الأوروبي فعززت مبررات غلق أبوابه أمام تركيا بوابة أوروبا المفتوحة على مجتمع إسلامي.
(المصدر: صحيفة الشروق الالكترونية)