مقالاتمقالات المنتدى

نكران المعروف

نكران المعروف

 

بقلم د. عبدالله المشوخي (خاص بالمنتدى)

 

المعروف هو فعل الخير مع الآخرين سواء ببذل مال أو إطعام طعام أو قضاء حاجة من حوائج الناس أو إصلاح بينهم أو شفاعة أو تعليم أو إعانة ضعيف… إلى غير ذلك من أنواع المعروف.

جاء الإسلام بالأمر بالمعروف والحث عليه، ومن ذلك قوله تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.

وقال سبحانه وتعالى: {واحسنوا إن الله يحب المحسنين}.

ومن السنة المطهرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا ولئن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا…) أي: المسجد النبوي.

ومما لا شك فيه أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء وتطفئ غضب الرب وفيها أجر عظيم.

لكن من المؤسف أن هناك فئة من الناس تقتل المعروف بين الناس؛ وذلك بالتنكر لصاحبه وبالجحود، ومن مظاهر ذلك:
عدم شكر صاحب المعروف، وهذا مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ارشدنا بقوله: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله).

وبعض الناس يبلغ به الجحود مبلغًا برد المعروف بالإساءة، وعلى سبيل المثال هناك رجل كفل آخر بمبلغ من المال، وبسبب عدم إيفاء المكفول للمبلغ تم سجن الكفيل ولم يكترث المكفول بذلك، أي خسة وحقارة بلغت بهذا المكفول، أهكذا يقابل المعروف؟!

وهناك فئة أخرى من الناس تبقى على تواصل مع صاحب معروف بلطف ولين على أمل قضاء حوائجهم، وبعد حصولهم على مبتغاهم لا تسمع لهم همسًا ولا ترى لهم أثرا.

قد يقول قائل: إن الأصل بصاحب المعروف احتساب الأجر عند الله سبحانه وتعالى، نعم هذا الأصل، ولكن الله بعظمته وجلاله المستغني عن عباده، طلب منهم أن يشكروه وهو الغني عن الشكر، حيث قال سبحانه وتعالى: {فاذكروني اذكركم، واشكروا لي ولا تكفرون}.

وقال: {لئن شكرتم لازيدنكم}.
فشكر الله يكون بالقلب واللسان والجوارح، وفي الآيات السابقة ايحاء من الله لعبادة بمقابلة المعروف بالشكر، لهذا نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حث على مكافأة صاحب المعروف بقوله : (من صنع اليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافئتموه).

فعدم الشكر يدل على الجحود وعدم التقدير وقد يؤدي إلى منع استمرار المعروف بين الناس.

وقصة جحود النِعَم من قِبل الأبرص والأقرع تدل على أن كفران النِعَم والجحود سبب في زوالها، بينما شكر النِعم من قِبَل الأعمى والاعتراف بأنها فضل من الله كان السبب في دوامها.

ومن مظاهر نكران المعروف، نكران فضل الوالدين على الأبناء لاسيما بعد زواجهما.

ونكران فضل المعلم من قبل تلاميذه.

ونكران فضل العلماء والدعاة الى الله لاسيما أصحاب السبق منهم.

ونكران فضل الدائن من قبل المدين بل ومماطلته والتذمر من الدائن عند مطالبته بحقه.

وكذلك نكران فضل الزوج على زوجته وفضل الزوجة على زوجها.

فكل ما سبق من نكران للمعروف يدل على خسة في الطبع وعدم حفظ للجميل.

إضافة إلى مخالفة قول الحق سبحانه وتعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.

في الختام، يبقى جمال الحياة وإشاعة الخير بين الناس بمكافأة المعروف بالمعروف ولو بالدعاء.

فما أجمل الوفاء بين الناس لاسيما لمن أسدى إلينا معروفًا.

وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى