نعم لعلماء الرّباط لا لعلماء البلاط
بقلم أ.د. محمّد حافظ الشّريدة (خاص بالمنتدى)
قال اللّه تعالی: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ ويقول ﷺ: {أفضَلُ الجهادِ كَلِمةُ عَدلٍ عندَ سُلطانٍ جائرٍ} وقال ﷺ: {سَيِّدُ الشُّهداءِ حَمزةُ بنُ عبدِ المُطَّلبِ وَرَجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائرٍ فأمرَه وَنَهاه فَقتَله}.
لقد كثر أيّها الإخوان علماء السّلطان في هذه الأزمان وقلّ السّلاطين العلماء أمثال الإمام العزّ بن عبد السّلام وقد اكتظت الفضائيّات بالشّيوخ المفتين وبالمفسّرين للأحلام والمنامات وأصبح العوامّ في حيرة من أمرهم وبات الحليم في دنيانا حيران لا يدري من هو العالم الرّبّانيّ ليقتدي به ومن هو داعية الضّلال كي يحذر منه؟! وشتّان بين عالم سلطان لا ينتفع بعلمه -البتّة- وبين ربّانيّ داعية ديدنه الحقّ بشكل عامّ دائم ولا يخشى في اللّه لومة لائم وكلّ همّه إرضاء ربّه وصلاح آخرته! لقد أفتى سلطان العلماء الإمام الهمام العزّ بن عبد السّلام بحرمة بيع السّلاح لجنود الصّليبيّين! فلم يجرؤ أيّ مسلم أن يبيع قطعة سلاح!
وحينما نودي يوم الجمعة: حيّ علی الصّلاة حيّ علی الفلاح.. وصعد خطيب الإسلام ابن عبد السّلام منبر المسجد بدمشق الشّام والمسجد غاصّ بالمصلّين والملك والملأ في الصّفّ الأوّل والحرس علی الشّمال واليمين وخطب خطبته المشهورة في ذمّ موالاة أعداء الدّين وتقبيح الجناية علی عامّة المسلمين وأعلنها مدوّية علی رؤوس الأشهاد لقد خان السّلطان البلاد ولا ولاية له علی العباد ثمّ دعا ربّه قائلاً: اللَّهُمَّ أبْرِمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرًا رَشِيدًا تُعِزُّ فِيهِ وَلِيَّكَ وَتُذِلُّ بهِ عَدُوَّكَ يُعْمَلُ فِيهِ بِطَاعَتِكَ وَيُتَنَاهَى فِيهِ عَنْ سَخَطِكَ! صارت جموع المصلّين تؤمّن علی دعاء سلطان العلماء العاملين وبعد انتهاء الصّلاة ألقی حرس الملك القبض عليه وأودع السّجن والقيد في يديه ثمّ هاج النّاس والعلماء وانطلق الأهالي يفتكون بمن رأوه من الصّليبيّين وبعد وساطة من بعض الصّالحين وافق الملك علی أن يخرج من السّجن: بشرط أن يغادر أرض الوطن بزعم أنّ وجوده يثير الفتن؟!
وختاماً: أمّتنا اليوم معشر المؤمنين بحاجة ماسّة للعلماء الرّبّانيّين العاملين لا للعلماء المضلّين المنافقين!