توصل الباحث الدكتور علي أبو البصل من خلال دراسته عن “السرية في الفقه” إلى النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً: ضبط الفقه الإسلامي السرية بضوابط علمية محددة؛ لأنها في نظر الشرع وسيلةٌ لتحقيق المصالح المعتبرة شرعًا، ودفع المفاسد عن الإنسان في زاده أو دنياه، ومعاده أو آخرته، وهي:
1- درء المفسدة أولى من جلب المصلحة.
2- ألا يكون محل السرية وموضوعها محظورًا شرعيًّا؛ لأن ما بُنِي على باطل فهو باطل.
3- حدد الإسلام آداب الصحبة وشروطها، ومنها:
أ- التقوى.
ب- العقل؛ فصحبة الأحمق بلاء.
ج- حسن الخُلق؛ لأن سيِّئ الخُلق لا تؤمن عداوته.
د- أن يكون سليم الصدر في الحضور والغَيبة، لا حقودًا، ولا حسودًا، ولا مريدًا للشر، ولا ذا وجهين.
هـ- أن يكون ثابت العهد، لا ملولاً ولا متلونًا.
و- أن يقوم بحقوقك كما تقوم بحقوقه، فلا خيرَ في صحبة مَن لا يرى لك من الحق مِثل الذي ترى له.
4- لا يتخاطب شخصان دون الشخص الثالث إلا بإذنه، لا في سفر ولا في حضر، وكذلك لا يتناجى ثلاثة دون واحد، وكلما كثرت الجماعة اشتد حزنه، فيجب المنع؛ لأن ذلك يؤذي المؤمن، والله يكره أذى المؤمن، دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كانوا ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث)).
ثانيًا: تتسع السرية لتشمل الحياة الخاصة، والأسرة، والمجتمع، والعمل، وشؤون الدولة، وكل أمر نفيس مهم يترتب على إظهاره وإعلانه ضرر بالفرد والمجتمع والدولة، ومن هنا ندرك أهمية دعوة الإسلام إلى الستر، والابتعاد عن القيل والقال، والغَيبة والنميمة، وتحريم الإشاعات الكاذبة، واغتيال السمعة والشخصية، والتثبت في القول والعمل؛ كل ذلك من أجل حفظ المجتمع المسلم من الفساد والعبث.
ثالثًا: اهتم الإسلام بالمجالس، ووضع لها الأصول والقواعد والآداب التي تحكمها، واعتبرها وسيلة لتحقيقِ مصالح الناس في دنياهم وآخرتهم؛ لأن المجالس أماناتٌ، وتتعدد وتتنوع وَفْق أغراضها.
رابعًا: العمل في الإسلام يقوم على الإخلاص والإتقان، وهذا يستلزمُ الحفاظ على أسرار العمل؛ لأن العامل أمينٌ فيما أُسند إليه من عمل.
خامسًا: قرَّر الفقه الإسلامي أن الجزاء من جنس العمل؛ فمن ستر مسلمًا ستره الله، ومن يسَّر على مُعسِر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن نفَّس عن مؤمن كربة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كُرَب يوم القيامة، ومن أقال نادمًا أقال الله عثرته يوم القيامة، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن ضارَّ مسلِمًا ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه، ومن خذل مسلمًا في موضعٍ يحب نصرته فيه خذله الله في موضع يحب نصرته فيه.
سادسًا: قرَّر الفقه الإسلامي مبدأ السرية في الأمور المهمة التي تمس حياة الأمة وأمنها، وتؤكد على ضعاف المسلمين – الذين لم يكن فيهم خبرة الأحوال ولا استنباط الأمور – إذا بلغهم خبر عن سرايا المسلمين، من أمنٍ وسلامة، أو خوف وخلل: عدمَ إذاعة الخبر؛ لأن إذاعته مفسدة، ويجب رد الأمر إلى أولي الأمر، وهم البصراء بالأمور، الذين يستخرجون الأحكام بفطنتهم وتجارِبهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها.
سابعًا: الأمن لا يتحقق في الأمة إلا بعدة أمور، هي:
1- الإيمان بالله تعالى.
2- العدل والابتعاد عن ظلم عباد الله تعالى.
3- السرية، قولاً وعملاً، فيما يخص مصالح المسلمين وأمنهم الداخلي والخارجي.
4- استخدام المنهج العلمي في اتخاذ القرار، وهو ما يسمى الهدايةَ إلى الحق.
5- عدم كفران النعمة أو جحودها.
ثامنًا: يترتب على إفشاء الأسرار آثار كثيرة، أهمها:
1- الإثم والمعصية؛ لأن الذي أفشى السر خان الأمانة، وخيانة الأمانة من الكبائر التي تُلحِق بصاحبها الإثم.
2- العقوبة التعزيرية.
3- تعريض أمن البلاد السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي للخطر.
المصدر: الألوكة نت.