مقالاتمقالات مختارة

موجة شيوعية جديدة تغزو السودان!!

موجة شيوعية جديدة تغزو السودان!!

بقلم أ. محمد إلهامي

من أغرب الظواهر التي تحدث الآن، ما يحدث في السودان، وهو أمرٌ عجزت عن فهمي بنفسي، وعجز من أعرفهم من الأصدقاء السودانيين عن تفسيره!

السودان الآن في موجة شيوعية جديدة، ومن كانوا في الحكم لثلاثين سنة يسقطون في “هبوط ناعم” -والتعبير لأكاديمي سوداني التقيته قبل أيام- في صورة تضاد طبيعة البشر، إنهم يسقطون بلا مقاومة ولا تمنع!

شيء شبيه بسقوط الإسلاميين في اليمن..

لكن قد يُقال: الإسلاميون في اليمن كانوا قبائل وحضورا مجتمعيا أكثر من كونهم مراكز قوى متنفذة في السلطة.. أما في السودان، فقد كان الحكم بأيديهم فعلا لثلاثين سنة، ولهم سيطرة تامة على أجهزة البلد.

ليسوا كالإسلاميين في مصر -مثلا- حيث هؤلاء لم يحكموا أصلا، ولم يمسكوا مقاليد شيء على الحقيقة، فالفترة قصيرة وهم أغراب عن جهاز الدولة!

أما هؤلاء الذين حكموا ثلاثين سنة فكيف تستطيع الشيوعية المتحالفة مع العسكر أن تمسحهم بهذه السلاسة والبساطة؟!!.. دعك الآن من كونهم فاسدين أو صالحين، إن من طبائع البشر ومن طبائع الحكم التشبث بالسلطة والدفاع الغريزي عن المصالح والنفوذ.. كيف اختفى كل هذا، كأن الشيوعيين والعسكر يستلمون بلدا كان يحكمه فراغ؟!

أضف إلى هذا أن الأمر يجري بلا محاولة خداع ولا تدرج، فحتى السيسي لم يكن بهذه السرعة ولا بهذه الفجاجة في مصر.. بداية من فجاجة التصريحات والعبارات (والحقيقة فالشيوعيون في السودان أعظم صفاقة وكفرًا من العلمانيين في مصر) وحتى فجاجة المصادرات وإغلاق القنوات الإسلامية والجمعيات الخيرية ومصادرة أموالها، وفجاجة الإزالة من كل المؤسسات (حتى جامعة القرآن الكريم يتولاها الآن شيوعي، وكان من أول قراراته تخفيض حفظ القرآن الكريم على الطلاب من 12 جزءا إلى 4 أجزاء).. وهذا فضلا عن السياسة الجديدة ضد حماس والأتراك.

ويزيد في المأساة أن هذه الأمور تجري، وبهذه الفجاجة، دون تغطية إعلامية، وفي خضم الجراح الكثيرة المفتوحة في الجسد الإسلامي الكبير، مما يجعل التنبه لما يحدث -رغم فداحته- نادرا وضئيلا للغاية.. حتى تلك القنوات التي جندت نفسها لدعم “الثورة السودانية” تصمت الآن تماما.

(وبالمناسبة، فأنا أتفهم كل من دعم الثورة السودانية لا سيما مرحلة ما قبل “اعتصام القيادة العامة”، وأستطيع أن أتفهم كذلك من دعمها في مرحلة هذا الاعتصام وإلى شهور بعده، إذ أكثر الناس قد لا ينتبه للفوارق التي تغيرت وأثارت المخاوف منذ ظهور هذا الاعتصام الذي بدت فيه علامات الشر.. أما ما لا يُتَفَهَّم فالسكوت المطبق بعد مذبحة القيادة العامة، وهي التي تشبه بوجوه كثيرة مذبحة #رابعة في مصر، إذ من بعدها اتفقت أطراف الشر: العسكر والشيوعيون على تقاسم السلطة بلا انتخابات، فمن هاهنا لا يمكن النظر إلى من صفق لهذا الاتفاق إلا بعين الشك والتهمة).

على كل حال، المهم الآن.. هل ثمة من يملك تفسيرا لهذه الظاهرة الغريبة، انهيار من كانوا في الحكم لثلاثين سنة وسقوطهم بهذه السلاسة والبساطة هذا السقوط الناعم؟!

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى