مقالاتمقالات مختارة

مواجهة قمع الصين للدين

مواجهة قمع الصين للدين

بقلم فرحناز إسبهاني

إن رد الصين المتشدد على الإحتجاجات في هونغ كونغ هذا الصيف هو جزء من تحول أوسع في السياسة في عهد الرئيس شي جين بينغ يشمل زيادة اضطهاد الأقليات الدينية والعرقية. ويبدو أن الحزب الشيوعى الصينى والرئيس شي قررا تدعيم سلطتهم بالعودة إلى موقف أشد صرامة بشأن حقوق الإنسان مما شهدناه فى السنوات التى مضت منذ إنفتاح الصين أمام بقية العالم بعد عهد ماو تسى تونغ .

وتزداد حالة قمع بكين لأكثر من 13 مليون مسلم في شينجيانغ (تركستان الشرقية) وزيادة مراقبتها للمسيحيين والبوذيين التبتيين سوءاً. ولم تحترم الصين حرية الدين والمعتقد منذ إستيلاء الشيوعيين على السلطة في عام 1949. ولكن مثلما يمثل قمع المعارضة في هونغ كونغ إبتعاداً عن الوعد وممارسة الحرية النسبية على مدى السنوات القليلة الماضية، فإن الإعتقال التعسفي الجماعي والتعذيب والمحظورات المفروضة على الإسلام في شينجيانغ هو شىء مخيف حتى بمعايير الصين.

وتوصف المجموعة الحالية من سياسات الصين بإنها “فكر شي جين بينغ” أو “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد”. وقد أصبح من الواضح بصورة متزايدة أنه لا يوجد في هذه المجموعة من المعتقدات مكان للتسامح الديني أو حرية الضمير والمعتقد.

وبالإضافة إلى ما يسمى ب”معسكرات إعادة التعليم” فى شينجيانغ حيث يعتقد باعتقال أكثر من مليون مسلم، ظهرت تقارير عن قمع المسيحيين فى مقاطعة خينان وزيادة المراقبة على مسلمي الهوي فى نينغشيا. وعلى عكس الأويغور الأتراك والبوذيين من التبت، المتهمين برعاية الأفكار الإنفصالية، فإن مسيحيي الصين ومسلمي الهوي يعاقبون بلا سبب سوى معتقداتهم الدينية.

كما شنت الحكومة الصينية حملة على ممارسي الفالون جونغ، وأرسلت الكثيرين في هذا المجتمع إلى معسكرات العمل. وأشار الناجون إلى معاناتهم من التعذيب والحرمان من النوم في هذه المعسكرات.

وفي ظل إدارة ترامب، كانت الولايات المتحدة صريحة في إدانة إنتهاكات الصين للطوائف الدينية. وفى وقت سابق من هذا العام قال سام براونباك السفير الأمريكى للحرية الدينية الدولية خلال خطاب ألقاه فى هونج كونج أن الحكومة الصينية ” فى حالة حرب مع اللدين”.

كما دعا بعض زعماء الكونجرس إلى سياسة أمريكية أكثر صرامة تجاه الصين بشأن قمع الدين. عضو الكونغرس كريس سميث (R-N.J.) لاحظ رئيس اللجنة الفرعية العالمية لحقوق الإنسان في مجلس النواب أن “شي جين بينغ يتحدث عن تحقيق حلم الصين. ولكن عندما يتم حرق الأناجيل، ويكون الدين تجمع غير قانوني عندما تكون هناك صلاة بسيطة أثناء وجبة غذاء في الأماكن العامة، وعندما يتم إعتقال أكثر من مليون من المسلمين الأويغور والقازاق في “معسكرات إعادة التعليم” وإجبارهم على التخلي عن دينهم، فإن هذا الحلم هو كابوس.

ومثلما تتبنى الصين القيود المفروضة على ممارسة الدين، فإن تايوان تصعّد كداعم للحريات الديمقراطية والدينية، كما لو كانت تثبت أن الديمقراطية والإقتصاد الليبرالي وحرية الدين يمكن إزدهار وسط الثقافة الصينية. وفي ربيع هذا العام، إستضافت تايوان حدثاً لم يتم الإعلان عنه نسبياً بشأن ضمان الحرية الدينية في منطقة المحيط الهادئ الهندية.

وكان الإجتماع الذي عقد في تايبيه متابعة إقليمية بعد أول اجتماع وزاري للولايات المتحدة للنهوض بالحرية الدينية وتم عقده في واشنطن العاصمة في العام الماضي. ونتج عن ذلك في إعلان تايبيه بشأن الحرية الدينية، الذي يؤكد من جديد المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتعترف هذه المادة بحق كل فرد في حرية الفكر والوجدان والدين؛ ويشمل هذا الحق حرية تغيير دينه أو معتقده، وحريته سواء بمفرده أو مع آخرين في المجتمع علناً أوسراً، وإظهار دينه أو معتقده في التدريس والممارسة والعبادة والإلتزام.

وقد ضمت تايوان الملحدين والإنسانيين في إجتماعها للمسلمين، وتغلبت على الصعوبة التي واجهها الأشخاص المسلمون في تطبيق مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أتباع دين آخر أو على الإنسانيين والملحدين. ويتعهد إعلان تايبيه النشطاء في مجال الحرية الدينية بالدفاع عن كليهما، وأتباع الدين، فضلاً عن المجتمعات الأخرى التي تعاني من قيود على الحرية الدينية أو الإضطهاد الكامل.

وكما يذكرنا رد الصين على المظاهرات في هونغ كونغ، فإن الصين تطور بإستمرار تكنولوجيا للسيطرة الإجتماعية. وفي الوقت الذي تتحدى فيه النظام الدولي القائم على القواعد، فمن المرجح أن تحاكي الحكومات الإستبدادية الأخرى موقف الصين تجاه الدين، التي من المحتمل أن تقوم هذه الحكومات أيضاً بإستيراد أساليب المراقبة وإعادة التعليم القسري لقمع المعارضة، بما في ذلك الدين المرفوض من قبل الدولة.

إن إعلان تايبيه، وتأكيده على الحريات المدرجة لأول مرة في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هو بمثابة تذكير بالمبادئ الديمقراطية التي قد تواجه الصين وغيرها من منتهكي الحرية الدينية. ويتعين على الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الديمقراطية أيضا أن تطبق هذه المبادئ بصرامة في الداخل للحصول على مكانة أخلاقية رفيعة.

وتتمثل الخطوة التالية في ربط الحرية الدينية في الصين بالقضايا الإقتصادية والسياسية الأخرى، تماماً كما قام مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون في أوروبا لعام 1975 بربط التعاون بين البلدان الشيوعية والغربية بالإلتزام بحقوق الإنسان.

فرحناز اسبهاني: عضو سابق في البرلمان الباكستاني حيث عملت في لجنتي الشؤون الخارجية وحقوق الإنسان. تم إصدار كتابها “تنقية أرض الطاهرة: تاريخ الأقليات الدينية في باكستان” في عام 2017 (أكسفورد) وهي زميلة عالمية في مركز وودرو ويلسون وزميلة أقدم في معهد الحرية الدينية.

(المصدر: تركستان تايمز)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى