منهج الشيخ عبد القادر الجيلاني في توضيح العقيدة
بقلم د. علي الصلابي
بيَّن الشيخ عبد القادر الجيلاني ـ رحمه الله ـ عقيدته بوضوح، وكان كثيراً ما يردد في مجالس وعظه وحلقات دروسه عبارة: «اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح والصحابة» ومن خلال دراسة مؤلفات الشيخ عبد القادر الجيلاني، يلاحظ الباحث أن له منهجاً واضح المعالم في إيضاح القضايا، التي يعالجها خصوصاً قضايا العقيدة، ويمكن تلخيصه فيما يلي:
- عرضه للعقيدة بأسلوب بيان بليغ سهل العبارة: تجنح حركة الإيقاع فيه إلى التوازي والتوازن، وهو توازن حركة النفس، والرغبة في الإيضاح، بعيداً عن التعقيد والغموض، ومثال ذلك تعريفه للإيمان: «ونعتقد أن الإيمان قول باللسان، ومعرفة بالجنان، وعمل بالأركان يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، ويقوى بالعلم، ويضعف بالجهل، وبالتوفيق يقع.
- حرصه على عدم الخروج عن مدلول الآيات القرآنية والأحاديث النبوية: في إثبات الأسماء والصفات لله عز وجل، يدل على ذلك قوله: ولا نخرجُ عن الكتاب والسنة، نقرأ الآية والخبر، ونؤمن بما فيهما، ونكل الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل.
- يذكر الشيخ عبد القادر باستمرار أن عقيدته عقيدة السلف: ويطلب من الله أن يميته على مذهب إمام أهل السنة والجماعة، مثال ذلك قوله: قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ـ رحمه الله ـ وأماتنا على مذهبه أصلاً وفرعاً وحشرنا في زمرته ويقول: عليكم بالاتباع من غير ابتداع، عليكم بمذهب السلف الصالح، امشوا في الجادة المستقيمة.
- رفض تأويل المتكلمين: وهذا واضح من كلامه ـ رحمه الله ـ حيث يقول في صفة الاستواء: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش، لا على معنى القعود والمماسة، كما قالت المجسِّمة والكرامية، ولا على معنى العلو والرفعة، كما قالت الأشعرية، ولا على معنى الاستيلاء والغلبة، كما قالت المعتزلة لأن الشرع لم يرد بذلك.
- الإمساك عما لم يرد ذكره في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : من إثبات أو نفي. وهذا واضح جلي في قوله ـ رحمه الله ـ: ونعوذ بالله من أن نقول فيه وفي صفاته، ما لم يخبرنا به هو، أو رسوله صلى الله عليه وسلم.
- إعراضه عن علم الكلام: من قواعد منهج الشيخ عبد القادر في إيضاح العقيدة إعراضه عن علم الكلام، وعدم اعتماده عليه، لأنه يرى أنه منشأ الضلالات، التي وقع فيها القوم؛ ولذا نقل في كتابه (الغنية) قول الإمام أحمد رحمه الله: «لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلاَّ ما كان في كتاب الله عز وجل، أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أصحابه رضي الله عنهم، وعن التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود، فلا يقال في صفات الرب عز وجل كيف، ولم، ولا يقول ذلك إلا شاك».
فهذه هي أهم الجوانب البارزة في منهج الشيخ عبد القادر الجيلاني في إيضاح العقيدة
المصادر والمراجع:
علي محمد الصلابي، كتاب العالم الكبير والمربي الشهير الشيخ عبد القادر الجيلاني، ص21-23
سير أعلام النبلاء (20/442) الشيخ عبد القادر ص62.
الشيخ عبد القادر الجيلاني للقحطاني ص70.
(المصدر: إسلام أونلاين)