بقلم محمد سرحان
ملايين من الساعات يقضيها يوميا مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي في تصفح تطبيقات السوشيال ميديا حول العالم، ومنها يتدفق محتوى هائل يوميا على هذه المنصات، لكن المتابع للمحتوى العربي والإسلامي أو جانب منه في مواقع التواصل يلاحظ مدى الانشغال بقضايا جدلية مكررة تضييعا للأوقات وإهدارا للطاقات، ولا بد أن نتساءل: متى يمكن أن ننتقل من مربع التكرار والترفيه، إلى الإضافة والتأثير، أو على الأقل التعبير عن أنفسنا وقيمنا
وحتى من خلال متابعة العديد من الأقليات المسلمة في بلاد كثيرة حول العالم، وتعاملهم مع منصات التواصل الاجتماعي، تجد أن أغلبها لم يتقن معرفة قيمة وأهمية هذه المنصات التي وفرتها النهضة التكنولوجية في وسائل الاتصال، وكيف أنها أصبحت بوابة لمعرفة ثقافات الشعوب وتقريب طرق ووسائل التواصل فيما بينها، ومن أساسيات ذلك بلا شك التعبير عن قيم ديننا وتعريف الآخر بثقافتنا، ومن نكون وكيف ننظر للحياة.وديننا؟.
ففي الوقت الذي تسخر وسائل الإعلام التلقيدي -لا سيما في الغرب- ساعات من برامجها للهجوم على الإسلام وربطه بالإرهاب، وحتى في أفلام السينما، تجد في المقابل أغلب المؤسسات القائمة على شؤون المسلمين في هذه الدول تقف موقف العاجز، وخاصة عند وقوع اعتداء يوصف بأنه إرهابي، يكون المسلمون هم المتهم الأول، ويصبحون مطالبين بتبرئة أنفسهم من جرائم لا علاقة لهم بها في الأساس.
ولا يمكن التعويل على وسائل الإعلام العربية في أغلبها، التي لا يتعدى اهتمامها بقضايا الأقليات المسلمة حول العالم في الدول غير المسلمة، عن كونه اهتماما انتقائيا ومناسباتيا، وإن كان لا يمكننا التعميم وتجاهل بعض التجارب، لكن يرتبط حضور الإعلام العربي في أغلبه بوقوع مذابح أو تهجير لهؤلاء المسلمين، أو بصلوات التراويح في شهر رمضان أو الأعياد، ويغفل كثيرا تجارب الحياة وقضايا التعايش.
وفي حقيقة الأمر فهذا اهتمام مبتور يعرض فقط جزءا من الصورة، فالتركيز المرهون فقط بالبكائية والمرتبط باضطهاد المسلمين هؤلاء، ينقل إليك الصورة ناقصة، أغفلت قصصا كثيرة من النجاحات وتعايش المسلمين في المجتمعات غير المسلمة، وكيف أسهموا في نهضتها، ويغيب معها السؤال الأهم ألا وهو: ما دور المسلمين أنفسهم تجاه مجتمعاتهم غير المسلمة التي تفتح لهم الباب وتمنحهم حقوق المواطنة والتعايش؟؟.
وإن كان أبناء الأقليات المسلمة لا يمتلكون منابر إعلامية تقليدية لمخاطبة العالم من خلالها، فإن أغلبهم لم ينتبه إلى الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي في مخاطبة الآخر بلغته، ما يجعلهم في أحيان كثيرة في عزلة عن واقع مجتمعاتهم غير المسلمة وما يدور فيها.
فالأمر لم يعد يقتصر على الرضا بدور المتلقي، وإنما أصبح بإمكان كل شخص القيام بدور صانع الرسالة، والأقليات المسلمة في أمسِّ الحاجة إلى أن تتميز من خلال المحتوى الذي تقدمه على منصات التواصل؛ بحيث لا يقتصر على عرض الأنشطة وإنما يتسع لإفادة المجتمعات والتأثير في الآخرين إيجابيا من خلال استثمار اليوتيوب وفيسبوك وغيرهما عن طريق إنشاء قنوات وصفحات بلغة كل مجتمع، عبر أناس مؤهلين يجيدون الحكمة في الخطاب والصدق في الطرح للتعربف بالإسلام ونظرته للحياة، حتى لا نبقى كالمجهول في نظر الآخر، والمجهول دائما مخيف.
(المصدر: موقع مهارات الدعوة)