اختتمت في مدينة إسطنبول التركية فعاليات المؤتمر السنوي الرابع لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة الأحد الماضي؛ والذي خصص لمناقشة موضوع “الإنتقال الديمقراطي.. الأسس والآليات” وذلك بمشاركة ممثلين عن أحزاب سياسية وكيانات ومنظمات مدنية ومؤسسات بحثية من مختلف دول العالم الإسلامي.
و ركزت جلسة العمل الأولى على (الانتقال الديموقراطي.. المفهوم والأنماط والمعايير) فيما تناولت الجلسة المسائية الثانية تحديات الانتقال الديموقراطي.
وفي اليوم الثاني تم استعراض بعض تجارب الانتقال الديموقراطي وجوانب الاستفادة منها كما تم عقد ندوة خاصة بمشاركة الشباب للحديث حول الانتقال الديمقراطي، وفي اليوم الثالث تم الانتقال إلى عمل الورشات وتوسيع وتطوير النقاش بغرض إعداد أرضية لصياغة الإعلان الثاني للمنتدى المنبثق عن المؤتمر تحت عنوان “معايير منتدى كوالالمبور للانتقال الديموقراطي الناجح”.
وخلال جلسات المؤتمر حضرت تجربة الربيع العربي كواحدة من أهم تجليات أشواق الشعوب العربية للحرية باعتبارها التجربة التي كشفت المقدار الكبير للحاجة إلى الانتقال الديموقراطي على أسس سليمة وميزان قوة مناسب وعبر آليات صحيحة إذ أنه ليس ثمة خيار لمواجهة الاستبداد إلا بالاتجاه نحو الديموقراطية التي ظلت محل رفض الحكومات المتمسكة بالسلطة على حساب مصلحة الأوطان والشعوب، وعدم اهتمام النخب التي تواطأت بشكل أو بآخر على تأجيل وإعاقة هذا الاستحقاق.
ودعا المؤتمر في توصياته إلى العمل: على تحويل الإنتقال الديموقراطي إلى وعي عام وثقافة مجتمعية وقناعات راسخة في أوساط الجماهير بعد أن ظلت لسنوات طويلة حبيسة النقاشات النخبوية.
وأوصى المؤتمر الأحزاب والحركات السياسية بضرورة احترام قواعد العمل السياسي في ممارستها الداخلية وفي مشاركاتها في الشأن العام، حاكمة أو معارضة، كما أكد على ضرورة تجسيد الممارسة الديموقراطية في الأطر الداخلية للكيانات السياسية وتحقيق التداول في مواقعها القيادية، وكسر احتكار اتخاذ القرار داخلها بما يؤدي إلى إشراك كل المنتمين لها في صناعة التوجهات السياسية.
وأكد المؤتمر على ضرورة تحقيق مصالحة تاريخية بين مكونات العمل السياسي داخل الأقطار بمختلف اتجاهاتهم الفكرية والوصول إلى التوافق الذي يقود إلى تعزيز مسيرة الانتقال الديموقراطي ويجعلها الخيار الوحيد للجميع، وبالقدر الذي يؤدي إلى تقوية الموقف الداخلي للأوطان بما يمكنه من إنجاز شراكة حضارية على المستوى الخارجي وتحرير إرادته من حالة الاستلاب والتبعية.
وأوصى المشاركون بضرورة تأهيل المجتمع المدني بما يمكنه من الإسهام في القيام بدوره في عملية الانتقال الديمقراطي، إذ لا يمكن لفصيل أو تنظيم أن يحقق هذا الانتقال ما لم يسنده مجتمع مدني فعال ومفيد، كما يؤكد على ضرورة تجسير العلاقة مع النخب وردم الهوة بينها وبين الكيانات السياسية الفاعلة في قلب المجتمع وتجاوز التقاطعات الفكرية.
وحث المؤتمر على أهمية دعم المجتمع المدني وتمكين المنظمات والجمعيات العاملة في هذا المجال من تأهيل ومساندة الشعوب في الوصول إلى تمثل قيم الديموقراطية والدفاع عنها والمساهمة في الرقابة على إنجاز انتقال ديموقراطي آمن في أقطارها.
وعلى ضرورة إشراك الشباب والعنصر النسوي في الشأن العام وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في الانتقال الديمقراطي والتحولات والخيارات السياسية في مختلف البلدان.
وحض المؤتمر على نشر وتنمية الوعي بالسلمية في العمل السياسي ونبذ العنف وتجريم استخدامه في المنافسة على السلطة بالقدر الذي يجعله خياراً شعبياً قادرا على إفشال كل محاولات جر المجتمعات نحو العنف أو إيقاعها في شراك الإرهاب الذي يقضي على كل أشواقها التحررية، ويبقيها رهن الاستبداد.
وأكد المؤتمر على أهمية النقاشات العلمية الواسعة في المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية تستهدف استنبات نظرية سياسية تتجاوز الموروث الاستبدادي وتصحح المفاهيم القديمة التي أجابت عن أسئلة عصرها، وتعيد الاعتبار للقيم الإسلامية الداعمة لحرية وكرامة الإنسان والمؤسسة للعدالة والحكم الرشيد.
وختم المؤتمر موصياً بالعمل على التواصل مع كافة التيارات والقوى السياسية من أجل تسوية الصراعات الماضية وتحقيق العدالة الانتقالية بما يجبر الضرر ويعوض الضحايا الذين تعرضوا خلال فترات الاستبداد للتنكيل والاستبعاد السياسي.
(المصدر: موقع بصائر)