مقالاتمقالات مختارة

من علَّمك أصول الحديث؟

بقلم محمد أكرم الندوي

قالوا: ما هي أصول أهل الحديث في تصحيحه وتضعيفه؟ قلت: قد بينتها في مقال سابق بما فيه كفاية، ولي رسالة في التعريف بأهم مبادئها ورؤوس مسائلها، أسميتها (مبادئ في أصول الحديث والإسناد).
قالوا: ما هي أهم مصادر أصول الحديث ومصطلحاته؟ قلت: رسالة الإمام الشافعي المتوفى سنة 204هـ، ثم مقدمة الإمام مسلم المتوفى سنة 261هـ، وكتاب العلل لأبي عيسى الترمذي المتوفى سنة 279هـ، ثم المُحَدِّث الفاصِل بين الراوي والواعي للقاضي أبي محمد الحسن بن عبدالرحمن بن خلاد الرَّامَهُرْمُزِي المتوفى سنة 360هـ، ومعرفة علوم الحديث لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405هـ، والكفاية في علم الرواية لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ، ومقدمة علوم الحديث لأبي عَمْرو عثمان بن عبدالرحمن الشَّهْرَزُورِي المشهور بابن الصلاح المتوفى سنة 643هـ، ونُخْبَة الفِكَر في مصطلح أهل الأَثر، وشرحه نزهة النظر كلاهما للحافظ ابن حجر العَسْقَلاني المتوفى سنة 852هـ.
قالوا: ما هي أجل كتب الرجال؟ قلت: تاريخ البخاري، وما وصل إلينا من كتب علي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وابن أبي حاتم الرازي، وكتب ابن حبان، وأجمع ذلك كله تهذيب الكمال لأبي الحجاج المزي الحافظ المتقن، فإنه لم يؤلف في الإسلام مثله، ثم كتب الحافظ شمس الدين الذهبي: تاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء، وتذكرة الحفاظ، وميزان الاعتدال، والمغني.
قالوا: ما أفضل ما ألف في التعريف بمصادر الحديث؟ قلت: بستان المحدثين للشاه عبد العزيز الدهلوي بالفارسية، وترجمتُه إلى العربية، وحققته وزدت فيه أشياء، ثم الرسالة المستطرفة لشيخ كثير من شيوخنا العلامة الحافظ الصالح محمد بن جعفر الكتاني.
قالوا: ممن أخذت أصول الحديث ومعرفة الرجال؟ قلت: سمعت مقدمة ابن الصلاح وبستان المحدثين على شيخنا المحدث الشريف سلمان الحسيني الندوي مع الشرح في بسط وتفصيل. قالوا: ترجمه لنا، قلت: هو العلاَّمة المحدِّث الدَّاعية الكاتب القدير والخطيب المصقع العديم النظير الشريف أبو يوسف سَلمان بن محمد طاهر بن محمد يوسف، الحسيني الحسني العلوي الهاشمي، ولد سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وألف في مدينة لكنؤ، ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم، وجوّده، ونال شهادة العالمية سنة أربع وتسعين، وشهادة الفضيلة سنة ست وتسعين من دار العلوم لندوة العلماء. أخذ آداب اللغة العربية عن شيوخنا العلامة الأديب الشريف محمد الرابع الحسني الندوي، والأستاذ محمد واضح رشيد الندوي، والأستاذ سعيد الرحمن الأعظمي الندوي، وقرأ هداية الفقه لبرهان الدين المرغيناني على شيخنا الفقيه المحدث الشيخ ناصر علي الندوي، وحجة الله البالغة للإمام أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي على شيخنا برهان الدين السنبهلي.
وسمع رياض الصالحين على شيخنا العلامة الشريف محمد الرابع الحسني الندوي، والنصف الأول من مشكاة المصابيح على شيخنا الفقيه برهان الدين السنبهلي بروايته عن العلامة فخر الحسن، والنصف الثاني على الشيخ وجيه الدين بروايته عن العلامة المحدث الشاه حليم عطا، وسمع الجامع الصحيح للإمام البخاري على شيخنا عبد الستار الأعظمي بروايته عن العلامة عبد اللطيف السهارنفوري، وسمع أبوابًا منه على شيخنا برهان الدين السنبهلي، وسمع عليه صحيح الإمام مسلم إلا أبوابًا منه، وسمع النصف الأول من سنن أبي داود على شيخنا عبد الستار الأعظمي بروايته عن العلامة عبد اللطيف السهارنفوري، والنصف الثاني منه على شيخنا ناصر علي الندوي بروايته عن العلامة الشيخ الشاه حليم عطا، وسمع النصف الأول من جامع أبي عيسى الترمذي على شيخنا المحدث عبد الستار الأعظمي بروايته عن العلامة المحدث عبد الرحمن الكاملفوري، والنصف الثاني على شيخنا الفقيه المفتي محمد ظهور الندوي، وسمع أبوابًا من سنن النسائي وابن ماجه ومعاني الآثار للطحاوي على شيخنا عبد الستار الأعظمي، وسمع نخبة الفكر على شيخنا المفتي محمد ظهور الندوي، والمقدمة لابن الصلاح وبستان المحدثين للإمام عبد العزيز الدهلوي على شيخنا برهان الدين السنبهلي.
والتحق بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وعمل الماجستير في الحديث النبوي الشريف، وأخذ بها (مختارات من الصحاح) من الشيخ السيد محمد ندا المصري، و(التصوير الفني) و(التصوير الموضوعي) من الدكتور حسن فرحات،

وصحب شيخنا الإمام الحافظ عبد الفتاح أبو غدة، واستفاد منه كثيرًا، وسمع عليه المقدمة لابن الصلاح، وكان الشيخ معجبًا به، فأجازه إجازة عامة غير مرة.
وصحب الإمام العلامة الشريف أبا الحسن الحسني الندوي واستفاد منه، واستجازه، وكان من أقرب الناس إليه، وقال، رحمه الله تعالى، قبل وفاته بأيام: *سلمان خليفتي*.

وأجازه والده في الحديث النبوي الشريف، وفي طريقة القوم إجازة عامة.

وصحب العالم الرباني محمد أحمد البرتابكدهي واستفاد منه، وكان الشيخ يحبه محبة كبيرة ويجله، ويقدمه على كثير من أصحابه القدامى،

كما استفاد من العالم الرباني المحدث الكبير الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله،

وأجازه الشاه السيد نفيس الحسيني أحد خلفاء الشيخ الصالح عبد القادر الرائيفوري رحمه الله تعالى في طريقة أهل التصوف.

وعيِّن مدرسًا في كلية الشريعة وأصول الدين بدار العلوم لندوة العلماء سنة اثنتين وأربع مائة وألف، ولايزال إلى الآن يدرِّس كتب الحديث الشريف وعلومه ومواد الدراسات الإسلامية، ويدرِّب الطلاب على كتابة البحوث العلمية.

ومن مؤلفاته:
(جمع ألفاظ الجرح والتعديل ودراستها من كتاب تهذيب التهذيب )، و(آراء الإمام الدهلوي في تاريخ التشريع الإسلامي)، و(دروس من الحديث النبوي الشريف)، و(الأمانة في القرآن، و(لمحة عن علم الجرح والتعديل)، و(حياة الإمام البخاري)، و(التعريف الوجيز بكتب الحديث الشريف)، و (خطبات سيرت )، و(خطبات بنكلور)، وقام بتحقيق (رسالة عبد الحق المحدث الدهلوي في الحديث الشريف)، ونقل كتاب (الفوز الكبير) للإمام الدهلوي من الفارسية إلى العربية، وله ترجمة فصيحة رائعة لمعاني القرآن الكريم باللغة الأردية، وتفسير مختصر بالأردية، وشرح مشكاة المصابيح بالعربية، وذكريات له بالعربية في عدة أجزاء، وله مؤلفات أخرى، ومقالات وبحوث كثيرة.
وشيخنا أبو يوسف عالم كبير، معني بالحديث وعلومه، متحل بالأخلاق الكريمة الفاضلة، حسن الطلعة، باسم الوجه، طلق المحيا، فصيح اللسان خطيب مصقع باللغتين العربية والأردية، في حديثه حلاوة ولذة، لا يمله السامع، يرى الرأي فيتبعه، ولا يخاف لومة لائم، وقد فاق أقرانه وبذ معاصريه في التدريس، والخطابة، والكتابة والتأليف، والدعوة والتوجيه والإرشاد، وهو الآن أحد من تعقد به الآمال في شأن قيادة الأمة المسلمة المستضعفة في شبه القارة الهندية.
سمعتُ عليه مقدمة ابن الصلاح بعضها بقراءتي وبعضها بقراءة غيري، وبستان المحدثين بقراءتي، وأملى علينا أشياء في تاريخ الديانات والمذاهب، وأخذت منه دروساً في المفاهيم الدينية وتاريخ الدعوة الإسلامية، وصحبته في حله وترحاله فما زادتني الأيام إلا إعجابًا به وحبّا له، وأدين له في كثير من نواحي التربية العلمية، فجزاه الله تعالى أحسن ما يجزي به عباده الصالحين.
أجاز لي بجميع مروياته. وهذا نص إجازته: “الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد استجازني أخي في الدين الشاب العالم الفاضل المحقق الباحث النبيل الصالح/ الشيخ محمد أكرم الندوي – حفظه الله المولى ومتعه بصلاحياته وملكاته وتقبل أعماله وخدماته – رواية ما يجوز لي روايته من كتب الحديث وأصوله وعلومه، وإنني أحتسب في إجازته بكل ما أرويه عن مشايخي الكرام بأسانيدهم إلى مؤلفي هذه الكتب، ومنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راجيا منه زيادة جهوده في خدمة الحديث النبوي الشريف وعلومه، ووقف ما أوتي من علم واستعداد وإمكانيات على نشر علوم الشريعة، وخدمة السنة المطهرة قولاً وعملاً وسلوكًا، تقبل الله منا ومنه، وحشرنا في زمرة أوليائه، حفظة السنة وخدمة هذا الدين، والله ولي المتقين.

(المصدر: رابطة خريجي ندوة العلماء – الهند)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى