مقالات مختارة

مكانة الصحابي في التشريع الإسلامي

مركز التأصيل للدراسات والبحوث

لا يختلف اثنان على مكانة إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- في التشريع الإسلامي. فإجماعهم حجة قاطعة على من بعدهم باتفاق. وهذه المكانة المعتبرة في التشريع الإسلامي لمجموعهم تمتد لقول أحاد الصحابة. فالأصوليون يتحدثون في شأن مصادر التشريع الإسلامي وأدلته عن “قول الصحابي”، ومدى كونه حجة أم لا. وهي مسألة نشأت بعد عهد الصحابة –رضوان الله عليهم؛ حيث أن مصادر التشريع وأدلته في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كانت متوقفة على الكتاب والسنة. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم- تعددت أدلة التشريع، فكان الإجماع والقياس من أبرزها. وكون قولِ الصحابي مصدرا للتشريع لا يعني أنه مستقل بذاته، لكنه تبع للكتاب والسنة. فهو في نظر القائلين به مصدرا ثانويا، متفرعا عن الأصلين: الكتاب والسنة، وعن منزلة الصحابة عموما.

والحديث في المسألة يتوقف على تعريف الصحابي، ومدى ارتباطه بالأصلين الرئيسيين: الكتاب والسنة، وتحديد مدلول قول الصحابي، والمقصود منه، ومجال الأخذ به وإعماله، ومرتبته بين الأدلة الأخرى، وقواعد وضوابط الأخذ به وإعماله.

تعريف الصحابي:

للصحابي عند علماء الأمة تعريفان، تعريف عند علماء الحديث وهو المشتهر عند جمهور العلماء، وتعريف عند علماء الأصول. أما تعريف المحدثين فإنَّ الصحابي هو من لقي النبي –صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به ومات على ذلك[1]. وأما تعريفه عند علماء الأصول فهو من رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- مؤمنا، واختص به اختصاص المصحوب، وطالت مدة صحبته. وشرط الاختصاص بطول المدة عندهم هو تحرز لجانب القول بحجية قول الصحابي، وسندهم في ذلك مدلول مفهوم الصحبة في اللغة والعرف. أما المحدثون فقد نظروا إلى شأن الرواية عن الرسول –صلى الله عليه وسلم، والتي يكفي فيها ملاقاته -عليه الصلاة والسلام، وسندهم في ذلك ما جاء في صحيح البخاري، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (يأتِي على الناسِ زمانٌ فيغزو فِئَامٌ منَ الناسِ، فيُقَالُ: فيكم مَن صاحَبَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم؟ فيقولونَ: نعم، فَيُفتَحُ لَهُم. ثُمَّ يَأتِي عَلَى الناسِ زمانٌ فيغزُو فِئَامٌ مِن الناسِ، فيُقَالُ: هَل فيكم مَن صاحَبَ أصحابَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم؟ فيقولونَ: نعم، فيُفتَحُ لهم. ثُمَّ يَأتِي عَلَى الناسِ زمانٌ فيَغزُو فِئَامٌ مِن الناسِ، فيُقَالُ: هَل فيكم مَن صاحَبَ مَن صاحَبَ أصحابَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فَيُفتَحُ لهم)[2]. وعند مسلم: (رأى) بدلا عن (صحب).[3]

فالخلاف ليس على أصل التعريف، وإنما على قيده، حيث أنَّ تعريف الصحابي لدى القائلين بطول المدة لا يمنعهم من اعتبار راوي الحديث -ممن رأى الرسول –صلى الله عليه وسلم، مؤمنا به ومات على ذلك- صحابيا بمفهوم الرؤية لدى المحدثين. وهذا الشرط الذي اشترطه الأصوليون في الصحابي ناشئ عن مسألة حجية قول الصحابي.

مكانة الصحابة في الإسلام:

والقول بحجية قول الصحابي وإن كان مما اختلف فيه العلماء، في تناولهم لمصادر التشريع وأدلته في كتبهم ومؤلفاتهم، إلا أنه يقوم على فهم واعتبار منزلة الصحابة –رضي الله عنهم- في حفظ الدين، وحمله وتبليغه، وفي فقههم له وتمكنهم من فهم نصوصه، وإدراك مقاصده وقواعده على الوجه الأكمل والقدر الأتم؛ ثم اعتبار مكانتهم في الأمة وقدرهم في الاجتهاد والإمامة في الدين.

فمما لا شك فيه أن صحابة الرسول –صلى الله عليه وسلم- مشهود لهم بالعدالة. فهم حملة الدين ونقلته إلينا؛ فإن طعن في عدالتهم وصدقهم طعن في ديننا. فعنهم أخذ القرآن الكريم، وفي زمنهم حفظ ودون وجمع. وعنهم أخذت سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم، حيث حفظوها وبلغوها وكانوا أمناء عليها.

كما أنهم انطلقوا في تطبيقاتهم العملية للوحي على فهمهم الذي أقرَّهم عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما أخطأوا جرى تصويبهم فيه. فقد نزل القرآن بلغتهم، وهم أعرف الناس بأسباب نزوله وظروف نزوله، فأدركوا معانيه وفقهوا تأويله. كما أن معايشتهم للرسول –عليه الصلاة والسلام، وملازمتهم له، جعلتهم أحوط بسنته وسيرته. فقد أخذوها عنه، وعاشروها معه، وكانوا معاينين لأحواله وتصرفاته، دون وسيط بينهم وبينه.

وهذا كله جعلهم متمكنين من مراد الشارع، وفقه خطابه فهما وتنزيلا، ومعرفة منطوقه ومدلوله، ومجمله ومفصله، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، وناسخه ومنسوخه. وكانوا مع ذلك يرجعون فيما أشكل عليهم للرسول –عليه الصلاة والسلام- فيبين لهم ما أشكل عليهم أتمَّ بيان.

بل إنهم اجتهدوا بين يديه في التأويل والاجتهاد فأمضاهم في بعض وصوبهم في بعض. وما غادرهم إلا وقد شهد لهم بالعلم والفقه والإيمان. وأنزل الله فيهم قوله: ((كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ))، آل عمران: 110. حتى قال عليه الصلاة والسلام: (خيرُ النَّاسِ قَرني، ثمَّ الَّذين يَلونَهم، ثمَّ الَّذين يَلونَهم)[4].

وتعديل الصحابة -رضي الله عنهم، وتنزيههم عن الكذب والوضع، مما اتفق عليه أئمة الإسلام من أهل السنة والجماعة. وإنما جاء الطعن فيهم أو التشكيك في عدالتهم من أهل البدع والأهواء من الفرق الضالة المنحرفة، ممن لا يلتفت إلى أقوالهم. فما ثبت من روايتهم أخذ، وما نقل عنهم حفظ، فهم خزانة القرآن الكريم والسنة المطهرة.

كما أنهم أهل التنزيل والتأويل، والاجتهاد الأقرب عهدا بسلامة الموارد والمقاصد والمناهج والنظر. ومذاهب الفقه المشتهرة عند أهل السنة هي امتداد لاجتهاداتهم -رضي الله عنهم. فإنهم بانتشارهم في الأرض نشروا النصوص، واجتهدوا فيما جدَّ عليهم، وأسسوا لطرق الاستدلال والاستنباط في الأمة. ولاختلافهم –فيما اختلفوا فيه- اختلفت المدارس، وتعددت المذاهب.

ومعلوم أن الغالب في أقوال الصحابة –رضي الله عنهم- الأخذ بنصوص الوحي، واتباع الرسول –صلى الله عليه وسلم، أما الاجتهاد بالرأي فكان عارضًا وعند الضرورة، أي عند انتفاء النص. وقد كانوا يصدرون في اجتهادهم عن دين وورع وعلم؛ فلم يعمدوا إلى كتمان خبر، أو إلى تحريفه نصا أو معنى، أو إلى التقدم بين يديه إن علم لهم.

كما أنهم في طبيعتهم التكوينية ونشأتهم التربوية على عين رسول الله كانوا أبعد الأُمَّةِ عن الغلو والتشدد، والتكلف والتنطع، أو الجفاء والإفراط. ولم تخالطهم البدع والمحدثات، ولم تنشأ فيهم الفرق والأهواء، ولم يُقهَرُوا على دينهم بل كانوا ظاهرين غالبين ممكنين.

ولم تكن تشغلهم علوم المتأخرين، فلا حاجة بهم إلى النظر في الإسناد وأحوال الرواة وعلل الحديث والجرح والتعديل، ولا إلى النظر في قواعد الأصول وأوضاع الأصوليين، بل قد غُنُوا عن ذلك كُلِّه. فهم أقرب الناس من النص معرفة وفهما. وحالهم من الرسول –صلى الله عليه وسلم- يجعلهم أوفر حظا في معرفة مراده ومقصده، وسنته التي هي طريقته وسيرته، خلافا لمن علم النصوص مجتزأة عن أحوالها وظروفها وسياقاتها. فقولهم بذلك أقرب إلى الصواب، وأبعد عن الخطأ. فأيُّ اعتبار للاجتهاد والصواب عند غيرهم عندهم منه أوفر الحظ والنصيب.

قول الصحابي الحجة:

يتمحور الحديث عن قول الصحابي الذي يحتج به من عدمه حول خبر الصحابي، أو حكمه، أو فتواه، أو عمله، في المسائل الاجتهادية التي لم يرد فيها نَصٌّ مِن كتاب أو سُنَّة؛ لأنَّ قوله فيما لا مجال للاجتهاد فيه -كأخبار العقيدة ومسائل الإيمان وقضايا العبادة التي مدارها على التوقف- له حكم الرفع، ومن ثمَّ فهو حُجَّة، فإنَّ الصحابة منزهون عن القول على الله والكذب على رسوله –صلى الله عليه وسلم، أو مناقضتهم أو قصد مخالفتهم.

ومقصود الأصوليين بكونه حُجَّةً أي أن يكون حُجَّةً على من بعده. فإنَّ الصحابة إذا اختلفوا لم يكن بعضهم في موارد الاجتهاد بحجة على الآخر؛ فكلا القولين يحتمل الصواب. وأمَّا إذا لم يخالفه أحد من الصحابة فيما ذهب إليه، مع اشتهاره عنه، فإنَّ جمهور العلماء يعدونه إجماعا[5]. يقول ابن تيمية –رحمه الله: “وأما أقوال الصحابة فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم فهي حجة عند جماهير العلماء”[6].

واشترط القائلون بحُجيِّةِ قول الصحابي ألا يكون قوله مخالفًا للنص؛ ومن المستبعد أن يُخالِفَ الصحابيُّ نصًا ولا يخالفه صحابي آخر. قال ابن القيم –رحمه الله: “من الممتنع أن يقولوا -أي الصحابة- في كتاب الله الخطأ المحض؛ ويمسك الباقون عن الصواب فلا يتكلمون به، وهذه الصورة المذكورة وأمثالها قد تكلم فيها غيرهم بالصواب. والمحظور إنما هو خلو عصرهم عن ناطق بالصواب، واشتماله على ناطق بغيره فقط، فهذا هو المحال”[7].

ولا خلاف على أنَّه إذا تعارض قَولُ أَيِّ بشرٍ مع كتاب الله وسنة رسوله، ولو كان صحابيا، كانت الحُجَّةُ في كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم، وليس في قوله. وقد جاء عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما- أنه كان يقول لمن يعارض خبر رسول الله بقول عمر أو فعله: “أَمرَ رَسُولِ اللهِ أَحقُّ أَن تَتَّبِعُوه”[8]. كما كان عبدالله بن عباس –رضي الله عنهما- يقول لمن عارض كلام رسول الله: “والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، أحدثكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدثونا عن أبي بكر وعمر”[9].

والقول بحُجيَّة قَولِ الصحابي في مسائل الرأي والاجتهاد، واعتباره مصدرا للتشريع، يخضع عند كل من قال به إلى ضوابط واعتبارات، تجعل منه رافدا من روافد التأويل والاجتهاد لا مزاحما للنصوص. فقد وضع العلماء شروطا وقيودا لهذا الرأي، للموازنة بين قول الصحابي ومصادر التشريع وأدلته الأخرى، بما لا يخالف مواطن الإجماع والاتفاق فيها. وهذا ما ينفي دعوى العصمة التي يظنها البعض مُؤَسِّسَةً لهذا القول. فإنَّ ادعاء العصمة لأحاد الصحابة يعني بالضرورة حجية قوله على أيَّة حال، وهذا ما لم يقل به أحد من أهل العلم.

ورغم ما يذكر من الاختلاف في هذه المسألة الأصولية إلا أنَّ جمهور الأئمة الأربعة يقولون بحجيته. قال ابن تيمية –رحمه الله: “وإن قال بعضهم قولاً ولم يقل بعضهم بخلافه ولم ينتشر فهذا فيه نزاع، وجمهور العلماء يحتجون به كأبي حنيفة ومالك وأحمد – في المشهور عنه – والشافعي في أحد قوليه، وفي كتبه الجديدة الاحتجاج بمثل ذلك في غير موضع، ولكن من الناس من يقول: هذا هو القول القديم”[10].

يقول الإمام الشافعي –رحمه الله: “ما كان الكتاب والسُّنة موجودين فالعذر عمَّن سمعهما مَقطُوع إلا باتباعهما. فإذا لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم، أو واحد منهم.. وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم”[11]. ويقول: “إنَّمَا الحُجَّةُ في كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَثَرٍ عن بعض أَصحَابِ النبي –صلى الله عليه وسلم، أو قَولِ عَامَّةِ الـمُسلِمِينَ لم يَختَلِفُوا فيه، أو قِيَاسٍ دَاخِلٍ في مَعنَى بَعضٍ هذا..”[12]. ويقول أيضا: “ولو لم يكن لنا حُجَّة بما أوجدناك إلا أنَّ أَصلَ مَذهَبِنَا ومَذهَبِك من أَنَّا لَا نُخَالِفُ الوَاحِدَ مِن أَصحَابِ النبي –صلى الله عليه وسلم- إلَّا أَن يُخَالِفَهُ غَيرُهُ منهم”[13]. وقال –بعد ذكره فضائل الصحابة ومزاياهم: “وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا”[14]. وقال: “إذا اجتمعوا أخذنا باجتماعهم، وإن قال واحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله, فإن اختلفوا أخذنا بقول بعضهم، ولم نخرج من أقاويلهم كلهم”[15].

قال الإمام أحمد –رحمه الله: “ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم، إذا وجدت في ذلك السبيل إليه، أو عن الصحابة، أو عن التابعين، فإذا وجدت عن رسول الله لم أَعدِل إلى غيره، فإذا لم أجد عن رسول الله فعن الخلفاءِ الأربعةِ الراشدين المهديين، فإذا لم أجد عن الخلفاء فعن أصحاب رسول الله الأكابر فالأكابر من أصحاب رسول الله، فإذا لم أجد فعن التابعين، وعن تابعي التابعين”[16].

وقال ابن القيم: “وإِن لَم يَشتَهِر قَولُهُ، أَو لَم يُعلَم هَل اشتُهِرَ أَم لَا، فاختَلَفَ النَّاسُ: هَل يَكُونُ حُجَّةً أَم لَا؟ فالَّذِي عَلَيهِ جُمهُورُ الأُمَّةِ أَنَّهُ حُجَّةٌ. هَذَا قَولُ جُمهُورِ الحَنَفِيَّةِ، صَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدُ بن الحَسَنِ، وذَكَرَ عَن أَبِي حَنِيفَةَ نَصًّا. وهُوَ مَذهَبُ مَالِكٍ وأَصحَابِهِ؛ وتَصَرُّفُهُ فِي مُوَطَّئِهِ دَلِيلٌ عَلَيهِ. وهُوَ قَولُ إِسحَاقَ بن رَاهوَيهِ، وأَبِي عُبَيدٍ، وهُوَ مَنصُوصُ الإِمَامِ أَحمَدَ فِي غَيرِ مَوضِعٍ عَنهُ، واختِيَارُ جُمهُورِ أَصحَابِهِ، وهُوَ مَنصُوصُ الشَّافِعِيِّ فِي القَدِيمِ والجَدِيدِ”[17].

الخاتمة:

ثمرة القول بحجية قول الصحابي تتمثل في إثراء التشريع الإسلامي بمزيد من الأدلة والمصادر التي تعين المجتهد على الاجتهاد والنظر. كما أنَّ القول بحجية قول الصحابي يفتح المجال أمام مسائل تتعلق بأثر ذلك في تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو تفصيل مجمل، أو غير ذلك مما شأنه الجمع بين الأدلة والترجيح بينها، بحسب القواعد والضوابط الأصولية، والتي تختلف من مذهب لمذهب.

ويبقى أنَّ المسلم يظل مستحضرا لهذا الرعيل الأول لا في مخياله التاريخي وإنما في وعيه وحركته الواقعية وهو ينطلق من بركة علومهم واجتهاداتهم التي حملت هذا الدين وحفظته وأوصلته غضا طريا إلينا.

والخلاصة كما يقول بن القيم: “ليس مِثل الصَّحَابَةِ أَحَدٌ”؛ ثم يرتب على ذلك: “والـمَقصُودُ أَنَّ أَحَدًا مِمَّن بَعدَهُم لَا يُسَاوِيهِم فِي رَأيِهِم”، مستدلا بموافقة القرآن الكريم لاجتهادات عدد منهم، كعمر بن الخطاب، وسعد بن معاذ، وذلك في زمن الرسول –صلى الله عليه وسلم؛ وموافقتهم للقرآن الكريم بعده، كما جرى مع عبدالله بن مسعود وغيره. ثم يرجح رأيهم على رأي من سواهم قائلا: “وحقيق بمَن كانت آراؤُهم بهذه المنزلة أن يكون رأيُهم لنا خيرا من رأينا لأنفسنا. وكيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نورا وإيمانا وحكمة وعلما ومعرفة، وفهما عن الله ورسوله، ونصيحة للأمة. وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا واسطة بينهم وبينه. وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضا طريا، لم يشبه إشكال، ولم يشبه خلاف، ولم تدنسه معارضة، فقياس رأي غيرهم بآرائهم من أفسد القياس”[18].

———————————

[1] ذكره الآمدي في الأحكام، وابن حجر فى الإصابة، والفتح، وشرح النخبة.

[2] البخاري: 3649.

[3] مسلم: 2532.

[4] متفق عليه.

[5] إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- حجة على من بعدهم، بل هو أعلى مراتب الإجماع، وأقواها بلا خلاف. وهو حجة قطعية. وهي من المسائل المبحوثة في باب الإجماع وحجيته في مصادر التشريع وأدلته في كتب الأصول بدون استثناء.

[6] مجموع الفتاوى: ج20/14.

[7] إعلام الموقعين: ج4/155.

[8] مجموع الفتاوى: ج26/281.

[9] زاد المعاد: ج2/206.

[10] مجموع الفتاوى: ج20/14.

[11] الأم: ج7/280.

[12] الأم: ج2/29.

[13] الأم: ج2/31.

[14] مناقب الشافعي، للبيهقي: ج1/442.

[15] المدخل إلى السنن الكبرى: ج1/109.

[16] المسودة: ص336. انظر: المِنَحُ الشَّافِيات بشرح مُفردَاتِ الإمام أحمد، لمنصور بن يونس بن صلاح الدين البهوتي، تحقيق أ. د. عبدالله بن محمد المطلَق، دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1/ 1427هـ- 2006م: ج1/25.

[17] إعلام الموقعين: ج4/92.

[18] إعلام الموقعين: ج1/64- 65.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى