مقتطفات من كتاب هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟
تأليف منقذ بن محمود السقار
بسم الله الرحمن الرحيم
النبي الأمي
لقد أشار القرآن الكريم إلى أمية الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأنها مذكورة عند أهل التوراة والإنجيل. قال – تعالى – (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوبًا عِندَهُم فِي التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ )- سورة الأعراف آية 157
إن أمية النبي – صلى الله عليه وسلم – وكيفية بدء الوحي إليه لأول مرة موجود عند أهل الكتاب إلى يومنا هذا
فقد جاء في سفر أشعيا: \” ويدفع الكتاب للأمي ويقال له: اقرأ هذا أرجوك فيقول: أنا أمي \” (4) أي لست بقارئ. (أ) وهذا ترجمة للنص الذي ورد في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس المعتمدة عند النصارى وهي أوثق النسخ للتوراة والإنجيل عندهم(5) وفي النسخة المسماة Bible Good News
ورد ما ترجمته كالآتي :
إذا تعطيه إلى شخص لا يستطيع القراءة وتطلب إليه أن يقرأه عليك سيجيب بأنه لا يعرف كيف(ب) وبينما نجد هذا النص الواضح في الطبعات الإنجليزية نرى أن القسس العرب قد حرفوا هذا النص في نسخته العربية فجعلوا العبارة كالآتي
أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا
فيقول: لا أعرف الكتابة (6)(ت) فانظر كيف حرفوا النص! فالسائل يطلب القراءة والنبي ينفي عن نفسه معرفة الكتابة! وهذا التحريف مقصود لئلا تتطابق الحادثة المذكورة في النص السابق مع قصة نزول جبريل – عليه السلام – على النبي – صلى الله عليه وسلم – ومطالبته له بالقراءة فنفى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن نفسه القدرة على القراءة
قال الحافظ ابن حجر: وقد وقع في مرسل عبيد بن عمير عند ابن إسحاق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: \” أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ\” (7). وكم من الزمن قد مر بعد عيسى – عليه السلام -، وما نزل وحي على نبي أمي إلا على النبي الأمي محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي يجدون أميته مكتوبةً عندهم حتى يومنا هذا
اسم النبي
أ – لا تزال نسخ التوراة باللغة العبرية تحمل اسم محمد جلياً واضحاً إلى يومنا هذا. ففي نشيد الأنشاد من التوراة في الإصحاح الخامس الفقرة السادسة عشر وردت هذه الكلمات: حِكو مَمتَكيم فِكلّو محمديم زيه دُودي فَزيه ريعي. (ث) ومعنى هذا: \”كلامه أحلى الكلام إنه محمد العظيم هذا حبيبي وهذا خليلي\”. فاللفظ العبري يذكر اسم محمد جلياً واضحاً ويلحقه بـيم التي تستعمل في العبرية للتعظيم
واسم محمد مذكور أيضاً في المعجم المفهرس للتوراة(8) (ث) عند بيانه هذا اللفظ المتعلق بالنص السابق \”محمد يم\”(9). لكن يد التحريف عند اليهود والنصارى تأبى التسليم بأن لفظ \”محمد\” هو اسم النبي وتصر على أنه صفة للنبي وليس اسماً له. فيقولون إن معنى لفظ \”محمد يم\” هو \”المتصف بالصفات الحميدة\” كما جاء في نسخة الملك جيمس المعتمدة عند النصارى. (ج) وعليه فيكون المعنى لهذه الإشارة عندهم: كلامه أحلى الكلام(10)إنه صاحب الصفات الحميدة (ح) فمن هو، يا أهل الكتاب، غير \”محمد يم\” محمد العظيم الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي كلامه أحسن الكلام وهو المحمود في صفاته كلها، وهو حبيب الله وخليله كما جاء ذلك في نفس النشيد عقب ذكر اسمه. \”هذا هو حبيبي وهذا هو خليلي\”- ج، ح
ب- وأما ما جاء عن اسمه عند النصارى، فقد ورد في عدة أماكن، منها ما جاء في إنجيل يوحنا(11) في قول عيسى – عليه السلام – وهو يخاطب أصحابه: \”لكني أقول لكم إنه من الخير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي الفارقليط -خ
وكلمة \”المعزي\” أصلها منقول عن الكلمة اليونانية باراكلي طوس المحرفة عن الكلمة بيركلوطوس التي تعني محمد أو أحمد. \”إن التفاوت بين اللفظين يسير جداً، وإن الحروف اليونانية كانت متشابهة، وإن تصحيف \”بيركلوطوس\” إلى \”باراكلي طوس\” من الكاتب في بعض النسخ قريب من القياس، ثم رجح أهل التثليث هذه النسخة على النسخ الأخرى\”(12)
جـ وهناك إنجيل اسمه إنجيل \”برنابا\” استبعدته الكنيسة في عهدها القديم عام 492م بأمر من البابا جلاسيوس، وحرّمت قراءته وصودر من كل مكان، لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب. وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب لاتيني اسمه \”فرامرينو\” الذي عثر على رسائل \”الإبريانوس\” وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا \”سكتش الخامس\” فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب \”22\”: \” وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله\”. وقد اسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس(13)
د- هذا وقد كان اسم النبي – صلى الله عليه وسلم – موجوداً بجلاء في كتب اليهود والنصارى عبر التاريخ، وكان علماء المسلمين يحاجون الأحبار والرهبان بما هو موجود من ذكر محمد – صلى الله عليه وسلم – في كتبهم، ومن ذلك
جاء في سفر أشعيا: \” إني جعلت اسمك محمداً، يا محمد يا قدوس الرب، اسمك موجود من الأبد \” ذكر هذه الفقرة علي بن ربّن الطبري الذي كان نصرانياً فهداه الله للإسلام في كتابه: الدين والدولة، وقد توفي عام 247هـ(14) •
وجاء في سفر أشعيا أيضاً: \” سمعنا من أطراف الأرض صوت محمد \”(15) •
وجاء في سفر حبقوق: \” إن الله جاء من التيمان، والقدوس من جبل فاران، لقد أضاءت السماء من بهاء محمد، وامتلأت الأرض من حمده \” ذكره علي بن ربن الطبري في كتابه الدين والدولة(16) وذكره إبراهيم خليل احمد، الذي كان قساً نصرانياً فاسلم في عصرنا ونشر العبارة السابقة في كتاب له عام 1409هـ •
وجاء في سفر أشعيا أيضاً: \”وما أعطيه لا أعطيه لغيره، أحمد يحمد الله حمداً حديثاً، يأتي من أفضل الأرض، فتفرح به البَرّية وسكانها، ويوحدون الله على كل شرف، ويعظمونه على كل رابية\”(17). وذكره عبدالله الترجمان الذي كان اسمه: انسلم تورميدا، وكان قساً من أسبانيا فأسلم وتوفي عام 832هـ. ولقد روى جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إِنَّ لِي أَسمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحمَدُ وَأَنَا المَاحِي الَّذِي يَمحُو اللَّهُ بِيَ الكُفرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ الَّذِي يُحشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ(18)
قال الله تعالى ((وَإِذ قَالَ عِيسَى ابنُ مَريَمَ يَابَنِي إِسرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُم مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ, يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحرٌ مُبِينٌ)) – سورة الصف آية 6 •
ويقول مطران الموصل السابق الذي هداه الله للإسلام، وهو البروفيسور عبد الأحد داود الآشوري في كتابه: محمد في الكتاب المقدس(19): إن العبارة الشائعة عند النصارى: \” المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة \” لم تكن هكذا، بل كانت: \” المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض إسلام، وللناس أحمد \” •
هـ – و لقد جاء ذكر اسم النبي – صلى الله عليه وسلم – في الكتب المقدسة عند الهندوس فقد جاء في كتاب \”السامافيدا\”(20)ما نصه \” أحمد تلقى الشريعة من ربه وهي مملوءة بالحكمة وقد قبست من النور كما يقبس من الشمس \”..(د)
و- وجاء في كتاب أدروافيدم أدهروويدم وهو كتاب مقدس عند الهندوس(21) \” أيها الناس اسمعوا وعوا يبعث المحمد بين أظهر الناس… وعظمته تحمد حتى في الجنة ويجعلها خاضعةله وهو المحامد\”(22). (ذ)
ز- وجاء في كتاب هندوسي آخر هو بفوشيا برانم \”بهوشى بهوشى برانم\”(23): \” في ذلك الحين يبعث أجنبي مع أصحابه باسم محامد الملقب بأستاذ العالم(24)، والملك يطهره بالخمس المطهرات\”. (ر) وفي قوله الخمس المطهرات إشارة إلى الصلوات الخمس التي يتطهر بها المسلم من ذنوبه كل يوم(25)
نسبه – صلى الله عليه وسلم –
لقد دعا سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام الله وهما بمكة أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة له وأن يبعث فيهم رسولاً منهم وقد ذكر الله – سبحانه وتعالى – دعاءهما في قوله تعالى ( رَبَّنَا وَاجعَلنَا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُب عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ128رَبَّنَا وَابعَث فِيهِم رَسُولًا مِنهُم يَتلُو عَلَيهِم ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَيُزَكِّيهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) سورة البقرة آية 128-129
أ- وقد جاء في التوراة ذكر للوعد الإلهي لإبراهيم أن يجعل من ذرية إسماعيل أمة هداية عظيمة، فقد ورد في سفر التكوين(26) مايأتي: \” وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه، هاأنا أباركه وأثمّره وأكثّره كثيراً جداً. اثنى عشر رئيساً يلد، واجعله أمة كبيرة(ز)
ب- وورد فيه أيضاً: \”وابن الجارية أيضاً سأجعله أمة لأنه نسلك\”(27). (س) ولم تكن هناك أمة هداية من نسل إسماعيل إلا أمة محمد – صلى الله عليه وسلم – التي قال الله عنها: كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ, أُخرِجَت لِلنَّاسِ سورة آل عمران آية110
ج- وقد جاء في التوراة في سفر التثنية(28)على لسان موسى – عليه السلام -: \” قال لي الرب: قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه. \”(ش)والمقصود باخوتهم أبناء إسماعيل – عليه السلام – لأنه أخو إسحاق – عليه السلام – الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، حيث هما ابنا إبراهيم الخليل – عليه السلام -، ومحمد – صلى الله عليه وسلم – من ذرية إسماعيل ولو كانت البشارة تخص أحداً من بني إسرائيل لقالت: \”منهم\”(29). فمحمد – صلى الله عليه وسلم – هو من وسط أخوتهم، وهو مثل موسى – عليه السلام – نبي ورسول وصاحب شريعة جديدة، وحارب المشركين وتزوج وكان راعي غنم، ولا تنطبق هذه البشارة على يوشع كما يزعم اليهود لأن يوشع لم يوح إليه بكتاب، كما جاء في سفر التثنية: \”ولم يقم بعُد نبي في إسرائيل مثل موسى\”(30) (ض)
كما أن البشارة لا تنطبق على عيسى – عليه السلام – كما يزعم النصارى، إذ لم يكن مثل موسى – عليه السلام – من وجوه، فقد ولد من غيرأب وتكلم في المهد ولم تكن له شريعة كما لموسى – عليه السلام -، ولم يمت بل رفعه الله – تعالى -إليه
د- وفي إنجيل متى(31)جاء ما يلي: \” قال لهم يسوع(32)أما قرأتم قط في الكتب. الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره \”. (ط)وهذا معناه أن الرسالة تنتقل من بني إسرائيل إلى أمة أخرى، فيكون الرسول المبشر به من غير بني إسرائيل
مكان بعثته – صلى الله عليه وسلم –
أ- تذكر التوراة المكان الذي نشأ فيه إسماعيل – عليه السلام -، فقد جاء في سفر التكوين(33): \”وفتح الله عينيها(34)فأبصرت بئر ماء(35)فذهبت وملأت القربة ماءً وسقت الغلام(36)وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. وسكن في برية فاران\”(ظ)وقد أشار النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى أن إسماعيل – عليه السلام – كان رامياً، فقد مر على نفر من قبيلة أسلم يرمون بالسهام فقال لهم: (ارمُوا بَنِي إِسمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُم كَانَ رَامِيًا)(37)
ب- كما جاء في التوراة في سفر أشعيا(38): \” وحي من جهة بلاد العرب \” (ع) وهذا إعلان عن المكان والأمة التي سيخرج منها الرسول حاملاً الوحي من الله إلى الناس
ج- ويأتي تحديد آخر للمكان الذي سترتفع فيه الدعوة الجديدة بشعاراتها الجديدة التي ترفع من رؤوس الجبال ويهتف بها الناس، فتقول التوراة في سفر أشعيا(39): \” غنوا للرب أغنية جديدة، تسبيحهُ من أقصى الأرض، أيها المنحدرون في البحر وملؤه، والجزائر وسكانها، لترفع البرّية ومدنها صوتها(40)الديار التي سكنها قيدار(41). لتترنم سكان سالع(42)من رؤوس الجبال ليهتفوا(43)\”(غ) والأغنية عندهم هي الهتاف بذكر الله الذي يرفع به الصوت من رؤوس الجبال، وهذا لا ينطبق إلا على الأذان عند المسلمين.
(المصدر: موقع مداد)