مقالاتمقالات مختارة

معركة عفرين .. المأزق القومي والمشروع الإسلامي

بقلم سيف الهاجري -الأمين العام لحزب الأمة الكويتي-

معركة عفرين…المأزق القومي والمشروع الإسلامي

(هذه المنطقة ما دامت مجزأة ومفككة لا تجمعها دولة مركزية فلن تصبح مصدر خطر علىنفوذنا ومصالحنا ويجب ان تبقى كما هي منذ ترتيبات الحرب العالمية الأولى) the grand chessboard زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق.

يعيش اليوم المشروع الغربي الاستعماري وأدواته الوظيفية (النظام العربي والمشروعالصهيوني والمشروع الصفوي) حالة من الصدمة والذهول والعجز أمام تقدم الأمة وشعوبهاوتلاحمها بعد ثورة الربيع العربي والنهضة التركية والذي حرصت الحملة الصليبية البريطانيةالفرنسية بعد سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية على عزل العرب والترك والكرد عن بعضهمالبعض بأنظمة ونخب قومية علمانية متطرفة لترسيخ الهيمنة الاستعمارية على المنطقةوشعوبها وثرواتها.

ومنذ نصف قرن وهذه النخب القومية المتطرفة (البعثية العربية والأتاتوركية التركية والعماليةالكردية) تعيش صراعا قوميا فيما بينها ومع شعوبها لصالح المشروع الاستعماري الغربيحتى وصلت المنطقة إلى حافة الانهيار والفوضى والتخلف، فجاءت الثورة العربية في عام2010م ونهضة تركيا وتحررها بعد فشل الانقلاب 2016م وفشل الأحزاب القومية العلمانيةوالشيوعية في تمثيل الشعب الكردي لتهيأ الفرصة أمام شعوب المنطقة لإعادة رسمخريطتها بما يعبر عن هوية الأمة وشعوبها لتصبح امتدادا لما كانت عليه من وحدة وتاريخمشترك.

واليوم جاءت معركة عفرين لتمثل فرصة تاريخية للقوميات الرئيسة في المنطقة، العربوالترك والكرد، والتي صهرها الإسلام وشكل منها أمة واحدة خلال 1300عام صنعت فيهتاريخا مشتركا وحضارة إسلامية وشكل فيه أمة واحدة في ظل الخلافة الإسلامية حتىجاءت الحملة الصليبية بالفكر القومي الذي حطم الجامعة الإسلامية فسقط الجميع تحتالنفوذ الصليبي الغربي البريطاني الفرنسي باتفاقيات سايكس بيكو وفرساي وسيفر ولوزانثم تحت النفوذ الأمريكي الروسي بعد الحرب العالمية الثانية، وقد دفعت شعوب المنطقةثمنا باهضا وأصبحت محكومة من قبل نخب سياسية عبرت عن هذه الروح القومية العلمانيةوالنفوذ الغربي الذي زرعها ولم تعبر عن هوية شعوبها ووحدتها ومصالحها سواء عند العربأو الترك أو الكرد، واستطاع الغرب بهذه النخب القومية العلمانية المتغربة أن يتحكم فيالمنطقة ويسيطر عليها ويغذي الصراعات بين شعوبها لتحقيق مصالحه الاستعمارية.

فالثورة السورية ومعركة عفرين كشفت هذا المشهد، حيث حاولت أمريكا وروسيا أن تستغلالتناقضات القومية لمواجهة ثورات شعوب المنطقة ضد الأنظمة الوظيفية المرتبطة بالغربواحتلال المنطقة وتقسيمها وهو ما يجعلها فرصة أمام العرب والأتراك والكرد لتستعيد هذهالشعوب إرادتها وهويتها وتتحرر من الارتباط بالقوى الخارجية والبحث عن حل سياسي علىأرضية مشتركة ينقذ الجميع من كوارث الحروب القومية ومنع التدخل الأجنبي ويفتح الطريقأمام قوى الأمة وعلمائها ومفكريها وسياسييها لبلورة مشروع جامع يحقق أهداف الجامعةالإسلامية بين شعوب المنطقة والتي تجلت في وحدة الأمة وتلاحمها في التصدي لمشروعترمب في صفقة القرن وبيع القدس.

وفي ظل ثورات شعوب الأمة وتضحياتها وسقوط المشاريع الوظيفية فإن مشروع الأمةالجامع هو السبيل الوحيد أمام شعوب المنطقة لتحقيق الحرية والأمن والسيادة للجميعواحترام التنوع القومي والثقافي والمذهبي وهو ما عاشته هذه الأمة بكل مكوناتها تحتظل الخلافة الإسلامية 1300عام.

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)

(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى