مصر … لماذا تجاهلت “عين شمس” العلامة حسن الشافعي وكرمت ممثلة؟
في زمن الرويبضة الذي يقوده السيسي الذي لا يعترف بالعلم ولا دراسات الجدوى أو البحث العلمي، لا يستغرب المتابع أن تكرم أعرق جامعة مصرية كبيرة الفنانة إلهام شاهين، وتتناسى العالم والخادم الأول للإسلام واللغة العربية والقرآن الكريم، د حسن الشافعي الذي حصل مؤخرا على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام.
ولا يكاد يُستغرب من ذلك في ظل وجود الآلاف من العلماء والمثقفين والمعلمين والقانونيين والخبراء في سجون السيسي أو خارج البلاد هربا من المطاردة والتضييق.
في المقابل كرمت جامعة عين شمس مؤخرا الممثلة إلهام شاهين في احتفالية أثارت الكثير من الجدل باعتبارها أقيمت في إحدى قلاع العلم المرموقة في مصر.
وحصل الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عضو مجلس حكماء المسلمين، رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، قبل أيام، على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 2022، بالاشتراك مع رئيس تنزانيا الأسبق.
وأوضح الأزهر في بيان، أن هذه المرة هي المرة الأولى التي يحصل فيها الشافعي على جائزة الملك فيصل العالمية على المستوى الشخصي، حيث تسلم جائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية وآدابها خلال ترؤسه مجمع اللغة العربية عام 2013م، من الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، وجاءت الجائزة وقتها تقديرا لجهود المجمع على مدى أكثر من 80عاما في خدمة اللغة العربية، وما أصدره من معاجم ساهمت في خدمة لغة القرآن.
سيرة مشرفة
ولد الدكتور حسن الشافعي في التاسع عشر من شهر ديسمبر 1930م بمحافظة بني سويف، وحصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة 1963م، ثم على الشهادة العالية في العقيدة والفلسفة من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر في العام ذاته، كما حصل على الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية من جامعة لندن عام 1977م، وتدرج في المناصب العلمية والإدارية بكلية دار العلوم والأزهر الشريف والجامعات العربية والإسلامية، بالإضافة إلى عضوية المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ومجمع اللغة العربية الذي تولى رئاسته عام 2012م، ومجمع البحوث الإسلامية، وعضوية هيئة كبار العلماء في تشكيلها الأول حين عودتها عام 1433ه/ 2012م، ومجلس حكماء المسلمين، وله إسهامات علمية رصينة متنوعة بالتأليف والتحقيق والترجمة في الفلسفة الإسلامية وعلوم اللغة العربية، بالإضافة إلى المقالات والبحوث والمشاركات العلمية محليا وإقليميا وعالميا.
وتهدف الجائزة إلى الاحتفاء بالعلماء والنابغين والرواد بدون تمييز لأي فكر أو عِرق، فهي دعوة للعالم أجمع أن يستقوا من قيم الحضارة الإسلامية، التي تدعو إلى السمو في العلم وتكريم العلماء وتقدير الثقافة والتحضر، وتم اختيار الفائزين في الفئات الخمس للجائزة وهي الدراسات الإسلامية، واللغة العربية وآدابها، والطب، والعلوم، وخدمة الإسلام؛ من قبل مؤسسات ومجالس علمية وجامعات ومراكز بحثية.
وتُمنح جائزة الملك فيصل لمن لعب دورا مهما في خدمة الإسلام والمسلمين فكريا وعلميا واجتماعيا، من خلال الأعمال والأنشطة والبرامج والمشاريع المختلفة التي كان لها تأثير إيجابي على المجتمع المسلم، وتأسست جائزة الملك فيصل، التي أطلقتها مؤسسة الملك فيصل، في عام 1979.
تكريم “ممثلة”!
اللافت أن خبر فوز الدكتور الشافعي بالجائزة المرموقة تزامن مع احتفاء جامعة عين شمس بإلهام شاهين وإهدائها درع الجامعة في حفل خاص داخل قصر الزعفران، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1870. وهو الأمر الذي دفع عضو مجلس النواب بسلطة الانقلاب عن حزب “الشعب الجمهوري”، مجدي الوليلي، إلى تقديم طلب إحاطة إلى وزير التعليم العالي بحكومة الانقلاب، خالد عبد الغفار، بشأن تكريم الجامعة الممثلة إلهام شاهين، معتبرا ذلك سقطة كبرى لا تغتفر في تاريخ المسيرة العلمية للجامعة.
وقال “الوليلي”: “جامعة عين شمس العريقة كرمت إلهام شاهين منذ أيام، واحتفت بها من قبل قياداتها وقاماتها العلمية، وذلك بإهدائها درع الجامعة، وجائزة تفوق خاصة”.
وأضاف “نحن نكن للفن بصفة عامة، ولهذه الممثلة بصفة خاصة، كل التقدير والاحترام كأحد الوجوه التي نفتخر بها في بلدنا”، مستدركا بقوله “على الجانب الآخر، ليس للفنانة أي إسهامات علمية، أو قدمت للمجتمع العلمي شيئا يذكر، حتى تنال التكريم من جامعة عين شمس”.
وتابع الوليلي “كان من باب أولى على جامعة عين شمس، ذلك الصرح العلمي الكبير الذي خرج منه أساتذة وعلماء أجلاء، أفنوا حياتهم من أجل رفع اسم مصر عاليا، أن تكرم المتميزين من العلماء وأساتذة الجامعات، الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل نهضة الدولة المصرية”.
وزاد قائلا “كان من الأولى تكريم الأطباء الذين يضحون بأغلى ما يملكون، وهي أرواحهم، في مواجهة أزمة مثل جائحة كورونا، مستطردا أما مثل هذه التكريمات الفنية، فمكانها المسرح والسينما، وليس في محراب العلم”.
وختم الوليلي “حضارات الأمم تقاس بما تقدمه من علوم، وإسهامات بحثية وعلمية تعود بالنفع على الإنسانية، وبما تقدمه للعالم من علماء ومبتكرين، بوصفهم قاطرة التقدم والازدهار لأي مجتمع”، حسبما ورد في طلب الإحاطة.
رفض إراقة دماء المصريين برابعة والنهضة وراء تجاهل “الشافعي”
فيما يرى مراقبون أن إهمال نظام الانقلاب لفوز الدكتور الشافعي بجائزة كبيرة جاء بسبب إعلان الدكتور حسن الشافعي عام 2013 رفضه القاطع لإراقة دماء المصريين وتأثيم مهدرها بالشوارع والميادين، على خلفية قتل قوات الجيش والشرطة المصريين في مجزرة الحرس الجمهوري ، ومن بعدها في ميداني رابعة العدوية والنهضة ، في أعقاب الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي.
ويوم الأحد 7 يوليو 2013 قال الدكتور حسن الشافعي، مستشار شيخ الأزهر، آنذاك، إن «مصر تمر بظروف خاصة وحرجة، ويجد المرء فيها منقسما على نفسه، ونرجو أن تخرج منها قوية متحدة، وأشعر أنه علىّ واجب وطني نحو شباب وطني» مخاطبا الجيش قائلا «مرسي الذي قمتم بإدانته لم يقتل أحدا من معارضيه أيها السادة».
وأضاف «الشافعي»، في بيان له أُذيع على قناة «الجزيرة مباشر مصر» أن «ما حدث في مصر سواء كان انقلابا عسكريا مكتمل الأركان على دستور شعبي أعدته هيئة منتخبة من الشعب، أو ما حدث تحقيق لمطالب شعبية، فسفك الدماء غير مبرر».
وتابع «لقد أخرجتم 30 يونيو في بطان مدني، وباستخفاف، ولم تحسبوا التكلفة البشرية والحقوق الإنسانية، واكتفيتم بالنظر إلى المعارضين للرئيس محمد مرسي، ولم تنظروا إلى المؤيدين في كل أنحاء مصر».
وأضاف «أعلن الجيش والشرطة أنهم لم يمسوا مواطنا ملتزما بالتعبير السلمي، ولم يفكروا كيف يحتوون المواطنين المعترضين على الانقلاب، ولم يقدروا الأرواح التي زهقت في ميدان النهضة وسيدي بشر، ولم يتطرق أحد إلى المعتقلين، وأغفل الجميع المصالحة الوطنية» مضيفا «الفريق أول عبد الفتاح السيسي لم يتطرق إلى الشهداء من المؤيدين أو المعتقلين منهم، أليس النفس معصومة، والروح غالية عندالله عز وجل؟».
وأردف «أبلغتني شخصية كبيرة بأنه تم اختياري للجنة مصالحة وطنية، فكيف أطالب المعتصمين في رابعة بالمصالحة وهم ينظرون لدماء إخوانهم أمام دار الحرس الوطني؟ مطالبا بأنه يجب المساءلة والكشف عمن ارتكبوا أحداث الحرس الجمهوري قبل الخوض في أي جهود للمصالحة الوطنية”.
وطالب بأن يفرج عن الدكتور محمد مرسي، وأن يعاد إلى منزله، كما طالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأن تقتصر المرحلة الانتقالية على 4 أشهر، وإعادة القنوات الإسلامية والصحف المعارضة، مضيفا «صحف وقنوات هاجمت مرسي ووصفته بالعميل ولم يغلقها على مدار عام، والآن البعض صدعونا بالحرية والديمقراطية ويوافقون على إغلاق القنوات، والبعض تحجج بإغلاق القنوات لأنها تحتوي على أسلحة، ولكنها تحتوي على أسلحة فكرية».
وأشار إلى أنه مطلوب التوقف عن التهديد والترهيب ودعوة الجميع لمصالحة وطنية بما فيها حزب الحرية والعدالة، مطالبا بالكف عن الضغط على الإسلاميين حتى لا يعودوا إلى تحت الأرض مرة أخرى، وحتى لا يتكرر سيناريو الجزائر.
وأكد أن ثورة يناير لن تنسخ أو تستبدل فهي قائمة في قلوب جميع المصريين، ولم يخرج عليها إلا الفاسدون، حسب قوله، مشيرا إلى أنه لا يريد أن تتورط القوات المسلحة في مستنقع السياسة، وأنه يريد عودتهم إلى دورهم في حماية الوطن.
وتابع «قتل 50 مواطنا أمام دار الحرس الجمهوري وهم يصلون، وادعت وسائل الإعلام أنهم إرهابيون، وأبلغني 10 رجال أن ما حدث غير ذلك، ولو تقبلنا الرواية الرسمية، فأين حماية المتظاهرين؟ وواجب السلطة حماية كل مواطن، وأرجو منكم حماية الملايين في رابعة العدوية».
وخاطب الجيش قائلا «مرسي الذي أدنتموه لم يقتل أحدا من معارضيه أيها السادة، وزاد عدد المقتولين إلى أكثر من 100 وألف مصاب منذ قمتم بعزله، وسنقاطعكم حتى تعودوا لرشدكم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم إني أبرأ إليك مما حدث».
وكانت تلك الكلمات كافية لتهميش القامة العلمية للدكتور الشافعي، والذي يعد من أعلم أهل الأرض.
المصدر: رابطة علماء أهل السنة