مقالاتمقالات المنتدى

مصادمة عواطف الناس

مصادمة عواطف الناس

 

بقلم د. عبدالله المَشوخي (خاص بالمنتدى)

 

الدعوة إلى الله فن لا يتقنه كثير من الناس؛ لذا نجد أن القران الكريم أكد على أمر مهم لنجاح الدعوة إلى الله ألا وهو تضمنها الحكمة حيث قال سبحانه وتعالى: {ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} فالآية أكدت على عدة معان ينبغي لكل داعية مراعاتها وفي مقدمتها التحلي بالحكمة التي وصفها الإمام النووي بقوله: هي العلم المتصف بالاحكام المشتمل على المعرفة المصحوب بنفاذ البصيرة..الخ ثم قال: والحكيم هو شخص عاقل يرجح الأمور نحو الصواب بما إمتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة.
من المؤسف أن يتصدى للدعوة إلى الله من يفتقر إلى الحكمة والموعظة الحسنة، إذ الغاية هداية الخلق وليس مغالبتهم أو الصدام معهم أو تنفيرهم.
ومن مقتضيات الحكمة الرفق واللين بالآخرين، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه لذلك نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم راعى عواطف الناس ورغباتهم في عدة أمور رغم مغايرته لرغباتهم صلى الله عليه وسلم من ذلك:
خروجه لمواجهة كفار قريش في غزوة أحد خارج المدينة رغم قناعته صلى الله عليه وسلم بمواجهتهم داخل المدينة .

رغبته عليه الصلاة والسلام بإعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام خلافا لما هي عليه حيث قال لعائشة رضي الله عنها : يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أُخرج منه وألزقته بالأرض..الخ الحديث.

من المؤسف أن بعض الدعاة إلى الله يصادمون عواطف الناس لاسيما الشباب منهم بحسن نية ومن غير قصد ومثال ذلك تجد بعض الشباب معجبين بأداء فريق رياضي أو لاعب معين فيقوم الداعية بشتم هذا اللاعب أو ذاك الفريق والإنتقاص منهم وتسفيههم من منطلق عقائدي أو أخلاقي والسؤال الموجه لأمثال هؤلاء الدعاة ما علاقة شاب معجب بأداء لاعب من زاوية رياضية بحتة بدين اللاعب ومعتقده ؟.
ولماذا خلط الأمور؟.

وهل في شتم اللاعب أو تهميش الرياضة التي أصبحت محط إعجاب الكثير من الشباب يحقق هدف ايجابي؟ أم يؤدي إلى نتيجة سلبية؟.

ولا يفهم من سياق كلامي مراعاة عواطف الناس حال وقوعهم في المحرمات – لا سمح الله – وإنما محور حديثي عن تجنب مصادمتهم في الأمور المباحة.

واختم بحوار حدث في مجلس بين شخصين مدح أحدهما الهند في تقدمها الصناعي، وكيف أنها حققت نجاحا باهرا في تكنولوجيا المعلومات حيث وصل حجم مبيعاتها لأمريكا بما يزيد عن ٣ بليون دولار، فقام الآخر بشتم الهند لمضايقتها لأبناء المسلمين، ولا أدري ما علاقة إيذاء المسلمين في الهند بالحديث عن إعجاب فرد بتقدم الهند تقنيا.

إن خلط الأوراق في الحوار ومصادمة الآخرين غالبا يؤدي لنتائج عكسية بينما مجاراتهم ومسايرتهم في المباحات يؤدي إلى تأليف قلوبهم وكسبها.

وفق الله الجميع لكل خير وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى