بقلم بولنت إرانداتش
إن النتيجة النهائية للعمليات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية والبينتاغون وحلف الشمال الأطلسي تجاه تركيا هي محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو. إذ كان تنظيم الكيان الموازي الإرهابي الأداة المستخدمة في تنفيذ محاولة الانقلاب التي استهدفت الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”.
كان فتح الله غولن قائد إحدى الحكومات الموازية التي أسسها حلف الشمال الأطلسي ضمن أراضي الدول الأعضاء في الحلف. قامت أمريكا بتطوير شبكات جديدة لتبقى خلف الكواليس، وبدأت باستخدامها فيما يخدم مصالحها الشخصية. لقيت الشبكات السرية التي أنشأتها أمريكا الدعم من قبل وكالة الاستخبارات المركزية.
كان هدف وكالة الاستخبارات المركزية في تركيا خلال سنوات الحروب الباردة هو السيطرة على العمليات والمهام التي تنفذها الدول الشرقية، إضافةً إلى تعزيز علاقاتها بحلف الشمال الأطلسي والحفاظ على استمرارية المصالح الإقليمية لأمريكا داخل الأراضي التركية. في هذا السياق، باشر “غراهام فوللر” رئيس تركيا المعيّن من قبل وكالة الاستخبارات المركزية في منصبه في سنة 1964. وقامت جمعيات مكافحة الشيوعية بتعيينه رئيساً لولاية “أرضروم”بناءً على مشروع الحزام الأخضر الذي كان فتح الله غولن المؤسس الرسمي له.
عندما كان فتح الله غولن رجلا عاديا، تم تطوير مشروع حكومة موازية بمظهر جماعة دينية في ولاية إزمير. ثم تم تحويل غولن إلى قوة سياسية واقتصادية. كما تم تسريب عناصر حزب التنظيم الموازي، الذين قاموا بالتمويه عن غولن بحجة الخدمة، إلى أكثر نقاط استراتيجية في دوائر الدولة، واضطروا بعدها إلى العمل وفق جدول أعمال يسعى إلى تحويل تركيا إلى نمط يتناسق مع السياسة الخارجية لأمريكا. سيطر عناصر تنظيم الكيان الموزي المختارون على الصحف، وأنشؤوا القنوات التلفزيونية. كما التقى فتح الله غولن مع البابا في الفاتيكان تحت ستارة “حوار حول الأديان”.
أصبح فتح الله غولن بعد ذلك، وفقاً لمشروع وكالة الاستخبارات المركزية، العنصر المستخدم في تركيا والعالم الإسلامي والأشبه بـ “منظمة كاثوليكية في العالم الإسلامي”. وتبع ذلك إلحاقه في المدارس المعروفة بأنها مدارس تركية في جميع أنحاء العالم، والتي يعمل فيها عناصر وكالة الاستخبارات المركزية كمعلمين. وبدأت عقبها وكالة الاستخبارات المركزية وبينتاغون بتنفيذ مشروع “الإسلام المعتدل”. كما ذُكر اسم فتح الله غولن ضمن التقرير الصادر عن الخبراء في الشأن التركي والعملاء لدى وكالة الاستخبارات المركزية “غراهام فوللر” و “باول هينزي”، في خصوص “موضع تركيا الجيوسياسي الجديد داخل النطاق الممتد من دول البلقان إلى الصين”.
إليكم بعض مما ورد في التقرير:
أصبحت تركيا في نقطعة تقاطع بالنسبة إلى موضعها من دول البلقان والقوقاز والشرق الأوسط التي ازدادت أهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى أوروبا وأمريكا في الآونة الأخيرة. لا بد من استخدام واستغلال فتح الله غولن الذي يعتبر عنصراً ذو أهمية كبيرة نظراً إلى تأصل جذوره مثل الشعيرات الدموية في كل من تركيا وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا ودول البلقان”.
تم نقل فتح الله غولن إلى أمريكا في سنة 1999 بهدف استغلاله في العالم الإسلامي. كما تم الانتقال إلى مرحلة الإسلام المدني الديمقراطي وتأسيس الدين، وذلك حسب ما ورد في الاستراتيجية الجديدة لوكالة الاستخبارات المركزية وشركة التنبؤ الاستراتيجي وشركة “راند” للبحوث العلمية. وأصبحت أطروحة “إسلام الغرب” قيد التنفيذ بناء على ذلك. وكان لفتح الله غولن دور كبير في نشر قناعة عدم وجود عالم إسلامي موحد.
تهدف مشاريع داعش وفتح الله غولن تحت قيادة وكالة الاستخبارات المركزية وحلف الشمال الأطلسي إلى تحويل طابع الدين الإسلامي من اعتقاد إلى ثقافة باتت قديمة ومتخلفة في الوقت الراهن. يزرعون الفتنة بين المسلمين من خلال إيقاعهم في فخ المذاهب والإسلام المتطرف. يمنعون العالم الإسلامي من رفع رأسه لرؤية ما يحدث حوله من تطورات. في هذا السياق، يستخدمون تنظيم الكيان الموازي وداعش وبي كي كي للوقوف في وجه الرئيس رجب طيب أردوغان الذي أصبح ممثلاً للعالم الإسلامي.
الخلاصة:
تمكنا من التغلب على المحاولات التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى بهدف القضاء على تركيا، وحدث ذلك بدءاً من أحداث حرب تشاناق قلعة، إلى حرب الاستقلال وليلة 15 تموز/يوليو. لكن اليوم نرى استمرار ظهور النوايا السيئة تجاه تركيا وشعبها. إذ يستمر الصليبيون الصهيونيون في تصفية حساباتهم مع تركيا من خلال توريط تركيا بالإرهاب والمشاكل الداخلية والأزمات الاقتصادية والحصار السياسي والانقلابات. كما تحالفت المنظمات الباطنية مثل بي كي كي وتنظيم الكيان الموازي وداعش للتعاون على مهاجمة تركيا. إلا أن هذه المنظمات الإرهابية التي تهاجم تركيا عبارة عن أذرع تابعة لنفس الأخطبوط. أثبتت أحداث سوريا والعراق هذه الحقائق، إذ بدأ الأشخاص الذين كانوا يحاربون تحت سقف داعش بمهاجمة تركيا تحت اسم حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات الحماية الشعبية وتنظيم الكيان الموازي. لكن تركيا مصممة على التصدي للهجمات الموجهة نحوها واحدةً تلو الأخرى تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، وبمساعدة الله ودعم الشعب التركي للحكومة التركية.
(المصدر: ترك برس)