مساجد الكويت في خطبة الجمعة: رفض قاطع لما يسمى بصفقة القرن
صدحت منابر المساجد الكويتية بإعلانها رفض الغطرسة الصهيونية والتأكيد على مكانة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
فقد شددت خطبة الجمعة الموحدة والمعممة من وزارة الأوقاف على الثقة بالنصر والظفر واسترداد الحق المغتصب وتطهير الأقصى من يد المغتصبين .
ودعا الخطباء من على المنابر إلى نصرة «الأقصى» بالنفس والنفيس من أجل تحريره من دنس اليهود الغاصبين والصهاينة المعتدين.
وجاء في الخطبة التي جاءت تحت عنوان “الْقُدْسُ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ” : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَّفَ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ قَدَّرَ الأَيَّامَ دُوَلًا بِعَدْلِهِ، وَجَعَلَ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ بِفَضْلِهِ، فَلَهُ الشُّكْرُ عَلَى نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أُسْرِيَ بِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ وَقُلُوبَ الْعِبَادِ فَزَادَ اللهُ فَضْلَهُمُ فَلَا يُنْكَرُ وَلَا يُقْصَى، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا إِلَى يَوْمٍ يُجْزَى فِيهِ الطَّائِعُ بِطَاعَتِهِ، وَيُؤْخَذُ الْعَاصِي بِمَا عَصَى.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ الْمَتِينِ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ وَكُونُوا لَهُ مِنَ الذَّاكِرِينَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ( [التوبة:119].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ عِزَّ الأُمَمِ وَعُنْوَانَ رِفْعَتِهَا، وَرَمْزَ خُلُودِهَا وعُلُوَّ مَكَانَتِهَا: إِنَّمَا يُقَاسُ بِتَعْظِيمِهَا لِحُرُمَاتِهَا، وَدِفَاعِهَا عَنْ مُقَدَّسَاتِهَا، وَالْتِزَامِهَا بِدِينِهَا الْحَقِّ، وَأَدَاءِ حُقُوقِ الْخَلْقِ. وَإِنَّ أُمَّتَنَا الإِسْلَامِيَّةَ قَدْ وَهَبَهَا اللهُ هِبَاتٍ وَمَزَايَا، وَفَضَّلَهَا عَلَى الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ الْبَـرَايَا؛ فَأَنْزَلَ إِلَيْهَا أَفْضَلَ الْكُتُبِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا صَفْوَةَ الرُّسُلِ، وَجَعَلَ دِينَهَا الإِسْلَامَ أَكْمَلَ الأَدْيَانِ وَخَاتِمَهَا، وَشَرَّفَهَا بِأَفْضَلِ الأَمَاكِنِ وَالْبِقَاعِ وَأَتَمِّهَا، وَمِمَّا شَرَّفَ اللهُ بِهِ هَذِهِ الأُمَّةَ الْخَيِّرَةَ: الْقُدْسُ الشَّرِيفُ وَالْمَسْجِدُ الأَقْصَى الْمُبَارَكُ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا؛ فَهِيَ مَهْدُ الأَنْبِيَاءِ، وَمَهْوَى الأَوْلِيَاءِ، وَمُهَاجَرُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامِ.
وَإِنَّ لِمَدِينَةِ الْقُدْسِ الشَّرِيفَةِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى مَكَانَةً عَالِيَةً فِي دِينِنَا، وَمَنْزِلَةً عَظِيمَةً فِي قُلُوبِنَا؛ فَالْقُدْسُ عَاصِمَةٌ خالِدَةٌ، وَمَدِينَةٌ مُطَهَّرَةٌ، وَبَلْدَةٌ مُبَارَكَةٌ، وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى ثَالِثُ الْمَسَاجِدِ فَضْلًا وَمَنْزِلَةً فِي الْإِسْلَامِ؛ فَهُوَ مِعْرَاجُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنْهُ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَصَلَّى فِيهِ إِمَاماً بِالأَنْبِيَاءِ، كَمَا أَنَّهُ كَانَ قِبْلَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَإلَيْهِ تَحِنُّ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، تُضَاعَفُ فِيهِ الصَّلَوَاتُ، وَيُتَقَرَّبُ فِيهِ إِلَى اللهِ بِسَائِرِ الطَّاعَاتِ، دَرَجَ فِيهِ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَتَعَبَّدَ فِيهِ الأَوْلِيَاءُ العِظَامُ، وَرَخُصَتْ مِنْ أَجْلِهِ دِمَاءُ الشُّهَدَاءِ الْكِرَامِ.
وَهُوَ ثَانِي الْمَسْجِدَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فِي الْبِنَاءِ وَالتَّمْكِينِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَهُوَ ثَالِثُ الْمَسَاجِدِ فِي الْفَضْلِ وَالْمَنْزِلَةِ، وَهُوَ أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تَذَاكَرْنَا وَنَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: »صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَلَنِعْمَ الْمُصَلَّى، وَلَيُوشِكَنَّ أَنْ لَا يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ شَطَنِ فَرَسِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا – أَوْ قَالَ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ].
وَمِنْ فَضَائِلِهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثَةً: سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ، وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ].
إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:
وَقَدْ كَانَ الْمَسْجِدُ الأَقْصَى مِعْرَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِبَيَانِ فَضْلِهِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى قَدْرِهِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( [الإسراء:1]. وَالْمُرَادُ بِالْبَرَكَةِ فِي الآيَةِ الْكَرِيمَةِ: الْبَرَكَةُ الْحِسِّيَّةُ وَالْمَعْنَوِيَّةُ، فَأَمَّا الْحِسِّيَّةُ فَهِيَ: مَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى الْبِقَاعِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالأَنْهَارِ.
وَأَمَّا الْمَعْنَوِيَّةُ فَهِيَ: مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْبُقْعَةُ مِنْ جَوَانِبَ دِينِيَّةٍ، حَيْثُ كَانَتْ مَهْدَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَهُوَ أُولَى الْقِبْلَتَيْنِ؛ فَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ زَمَناً حَتَّى حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: )قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ([البقرة:144]. وَهُوَ أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ الدَّجَّالُ أَنْ يَدْخُلَهَا؛ كَمَا أَخْبَـرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: »لَا يَأْتِي أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: الْكَعْبَةَ، وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ، وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَالطُّورَ« [رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ]. وَسَيَكُونُ الْقُدْسُ الشَّرِيفُ حَاضِرَ الْعَالَمِ الْإِسْلَامِيِّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوَالَةَ الْأَزْدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ هَامَتِهِ فَقَالَ: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: (وَدَلَّتِ الدَّلَائِلُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى أَنَّ ” مُلْكَ النُّبُوَّةِ ” بِالشَّامِ وَالْحَشْرَ إلَيْهَا، فَإِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَا حَوْلَهُ يَعُودُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَهُنَاكَ يُحْشَرُ الْخَلْقُ، وَالْإِسْلَامُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَكُونُ أَظْهَرَ بِالشَّامِ). وَهُوَ أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَيْهَا؛ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
أَعَزَّ اللهُ الْقُدْسَ والْمَسْجِدَ الأَقْصَى وَسَائِرَ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَرَّرَهُمَا مِنْ دَنَسِ الْيَهُودِ الْمُغْتَصِبِينَ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَزَّ جَاهُهُ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَ فِي عُلَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَمُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ نَلْقَاهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ:
إِنَّ مَوْطِنًا هَذَا شَأْنُهُ وَمَنْزِلَتُهُ، وَمَسْجِدًا هَذِهِ فَضَائِلُهُ وَدَرَجَتُهُ؛ لَحَرِيٌّ أَنْ يُفْدَى بِالْنَّفْسِ وَالنَّفِيسِ، وَيُبْذَلَ مِنْ أَجْلِهِ الْغَالِي وَالرَّخِيصُ، فَكَانَ لِزَاماً عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا أَنْ يَنْصُرُوا هَذَا الْقُدْسَ السَّلِيبَ، وَيُحَرِّرُوهُ مِنْ دَنَسِ الْيَهُودِ الْغَاصِبِينَ، وَالصَّهَايِنَةِ الْمُعْتَدِينَ، الَّذِينَ مَا فَتِئُوا يَسْتَخْدِمُونَ شَتَّى الطُّرُقِ وَمُخْتَلِفَ الأَسَالِيبِ لِطَمْسِ مَعَالِمِ هَذَا الصَّرْحِ الإِسْلَامِيِّ الْعَظِيمِ، يُزَيِّفُونَ الْحَقَائِقَ، وَيُغَيِّـبُونَ التَّارِيخَ، وَيَسْتَغْفِلُونَ النَّاسَ فِي تَشْوِيهِ صَفْحَةِ التَّارِيخِ النَّاصِعَةِ الْشَّامِخَةِ، وَدَفْنِ الْحَقَائِقِ القَاطِعَةِ الرَّاسِخَةِ.
لَقَدْ أَحَاطَتْ -عِبَادَ اللهِ- بِالْقُدْسِ وَالْمَسْجِدِ الأَقْصَى أَحْدَاثٌ جِسَامٌ، تُنْذِرُ بِمَخَاطِرَ عِظَامٍ، وَأَخْطَرُ مَا يُهَدِّدُ مَدِينَةَ الْقُدْسِ الْيَوْمَ تِلْكَ الْمُحَاوَلَاتُ الْمُسْتَمِيتَةُ لِتَهْوِيدِها وَسَلْبِهَا مَنْ أَيْدِي أَهْلِها الْحَقِيقِيِّينَ فِي فِلَسْطِينَ، وَالْاِعْتِرَافِ بِها عَاصِمَةً لِلْكِيَانِ الْمُغْتَصِبِ، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ فَاضِحَةٌ وَجَرِيمَةٌ مُنْكَرَةٌ بِحَقِّ الْقُدْسِ وَأَهْلِها، وَاسْتِهْتَارٌ بِالْحُقوقِ التَّارِيخِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ لِهَذِهِ الْمَدِينَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ.
إِنَّ الْقُدْسَ الشَّرِيفَةَ لَيْسَتْ قَضِيَّةَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ وَحْدَهُمْ، واسْتِرْدَادَهَا مِنْ أَيْدِي المُحْتَلِّينَ لَيْسَ مَسْؤُولِيَّتَهُمْ بِمُفْرَدِهِمْ؛ بَلْ هِيَ قَضِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَهِيَ فِي خَطَرٍ حَقِيقِيٍّ يُوجِبُ عَلَى الأُمَّةِ جَمْعَاءَ: شُعُوباً وَحُكُومَاتٍ، وَدُوَلًا وَمُؤَسَّسَاتٍ؛ أَنْ يَهُبُّوا لِمُوَاجَهَةِ هَذَا التَّهْدِيدِ بِكُلِّ الْوَسَائِلِ الْمَشْرُوعَةِ لِرَدِّ الْيَهُودِ عَنْ غَيِّهِمْ، وَانْتِزَاعِ فِلَسْطِينَ وَالأَقْصَى مِنْ شَرِّهِمْ، إِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي عُنُقِ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، كُلٌّ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ.
أَجَلْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
وَإِنَّنَا- مَعَ كُلِّ هَذِهِ الْغَطْرَسَةِ الصِّهْيُونِيَّةِ – لَعَلَى ثِقَةٍ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ وَاسْتِرْدَادِ الْحَقِّ الْمُغْتَصَبِ، وَتَطْهِيرِ الأَقْصَى مِنْ رِجْسِ الْمُجْرِمِينَ؛ تَصْدِيقًا بِوَعْدِ الصَّادِقِ الأَمِينِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ! يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
وَمَهْمَا امْتَدَّ الظَّلَامُ وَاسْتَمْرَأَ الظَّلَمَةُ الإِجْرَامَ: فَإِنَّ الْحَقَّ سَيُرَدُّ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ سَيُطْرَدُ؛ مَا نَصَرَ الْمُسْلِمُونَ دِينَـهُمْ وَكَانُوا يَدًا وَاحِدَةً فِي وَجْهِ عَدُوِّهِمْ؛ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: »لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ« [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ] قَالَ مُطَرِّفٌ: (نَظَرْتُ فِي هَذِهِ الْعِصَابَةِ فَوَجَدْتُهُمْ أَهْلَ الشَّامِ). وَالْخَيْرُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
إِنَّـــا لَــمِــنْ أُمَّــةٍ أَللهُ يَكْلَؤُهَـــــا نَبِيُّهَا أَحْمَدٌ فَارُوقُهَا عُـمَــــرُ
أَقْسَمْتُ بِاللهِ رَبِّي لَا شَرِيكَ لَـهُ يَا أُمَّةَ الْحَقِّ إِنَّ الْحَقَّ مُـنْتَصِرُ
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ عَزَّ جَاهُكَ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، اللَّهُمَّ لَا يُرَدُّ أَمْرُكَ، وَلَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، انْصُرْ إِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ فِي فِلَسْطِينَ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يَا قَوِيُّ يَا مَتِينُ، اللَّهُمَّ آمِنْ رَوْعَاتِهِمْ، وَاحْمِ مُقَدَّسَاتِهِمْ، وَاحْفَظْ دِينَهُمْ وَصُنْ أَعْرَاضَهُمْ، اللَّهُمَّ رُدَّ الْمَسْجِدَ الأَقْصَى إِلَى حَوْزَةِ الدِّينِ، وَطَهِّرْهُ مِنْ دَنَسِ الْغَاصِبِينَ، وَارْزُقْنَا فِيهِ صَلَاةً قَبْلَ الْمَمَاتِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللَّهُمَّ أَبْقِ لِلإِسْلَامِ مُهْجَتَهُ، وَاحْمِ لِلإِيمَانِ حَوْزَتَهُ، وَانْشُرْ فِي الأَرْضِ دَعْوَتَهُ، وَأَعْلِ فِي الْعَالَمِينَ حُجَّتَهُ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا دَارَ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ وَعَدْلٍ وَأَمَانٍ وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
خطبة وزارة الأوقاف اليوم الجمعة عن مكانة القدس عند المسلمين ردٌّ عملي لموقف الدولة الرسمي الشجاع وأنه لا مجاملة في الثوابت من أحكام الشريعة وقضايا الأمة..
شكرا وزارة الأوقاف وللجنة كتابة الخطب المذاعة.— د. يوسف السند (@DrYALSANAD) February 7, 2020
https://twitter.com/DrAlshayji/status/1225722178731159552?s=20
مساجد الكويت كلها اليوم ترفض، في خطبة الجمعة، #صفقة_القرن، وتحذر منها وتبين مخاطرها.
الخطبة بعنوان؛ القدس في قلب المسلمين.
هذا هو الدور الحقيقي، المفقود أحياناً، للمسجد ولخطبة الجمعة في بلداننا الإسلامية.#تسقط_صفقة_القرن— سعدية مفرح (@saadiahmufarreh) February 7, 2020
شُكر مِن القلب إلى وزارة الأوقاف في دولة الكويت لتعميم خطبة الجمعة لنُصرة فلسطين و المسجد الأقصى .
أتعبتم من بعدكم ، و جعل الله هذه الأمة النائمة تسير على خطاكم حتى يتمّم الله النصر و يمكّن لهذه الأمة استرجاع مقدّساتها المُغتصبة .#المسجد_الأقصى#صفقة_العار#صفقة_القرن_لن_تمر— د.عزيز الظفيري (@AzeezAlzafiri) February 7, 2020
#المسجد_الأقصى جميع مساجد الكويت في خطبة الجمعة لهذا اليوم ترفض رفضآ قاطعآ بما يسمى في صفقة القرن او بالأحرى صفعة القرن للمسلمين .. اللهم ثبتنا وثبت جميع المسلمين معنا على الحق واخذل من خذل المسلمين يارب العالمين pic.twitter.com/eDRzVnvMGU
— 🇰🇼عبدالله الفضلي (@q8_alfdhil) February 7, 2020
https://twitter.com/MohamdNashwan/status/1225550653478625280?s=20
(المصدر: مجلة المجتمع)