نشرت صحيفة “تاغس تسايتونغ” الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة التي يتألف أغلبية سكانها من المسلمين، وتقع في ولاية ميشيغان. ويعيش المسلمون والمسيحيون في هذه المدينة في سلام تام، فحين تدق أجراس الكنيسة يسكت الإمام، وعندما يرتفع صوت الأذان تقف أجراس الكنيسة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي أعده الكاتب يورغ فيمالاسينا و ترجمته “عربي21”، إن عبد المطلب عقد اتفاقا مع الكنيسة منذ 13 سنة في مدينة “هامتراميك” الأمريكية ينص على احترام الأديان بشكل متبادل. فالمسيحيون يؤدون صلاتهم صباح كل يوم حتى الساعة العاشرة، وعند منتصف النهار، يرفع الإمام أذان صلاة الظهر بصوت عال. ويرى عبد المطلب أن ذلك هو التعايش الحقيقي بين الأديان.
والجدير بالذكر أنه منذ قدوم المهاجرين من بنغلاديش وباكستان واليمن أصبحت مدينة هامتراميك المدينة الإسلامية الوحيدة في الولايات المتحدة. ومنذ سنة 2015، يشكل المسلمون غالبية أعضاء مجلس المدينة المكون من ستة أعضاء.
وذكرت الصحيفة أن عبد المطلب هو مدير المركز الإسلامي لمدينة هامتراميك، الذي يمثل مشكلة سياسية كبيرة في الولايات المتحدة، ليس بسبب المسجد فحسب وإنما بسبب طبيعة المدينة بأسرها. في الواقع، يعيش في هذه المدينة قرابة 24 ألف نسمة وتقع في منطقة قريبة من عاصمة صناعة الصلب في الولايات المتحدة، ديترويت.
وبينما يرى الكثيرون أن مدينة هامتراميك مثال واضح على التعايش السلمي بين الأديان، يعتقد آخرون بأن تزايد عدد المسلمين أصبح يشكل غزوا إسلاميا. ويرجع ذلك الاعتقاد إلى زيادة الخطابات المعادية للإسلام في المجتمع الأمريكي وخاصة منذ انتخاب ترامب.
وأفادت الصحيفة بأن المدينة تحظى باهتمام إعلامي كبير، بينما لا يرغب سكانها في لفت الأنظار إليهم، فقد جاءوا إلى المدينة بحثا عن العمل والحياة الكريمة. وعلى بعد أمتار قليلة من المسجد، يقع أحد أضخم مصانع السيارات التابع لشركة “جنرال موتورز” في منطقة ديترويت.
في البداية، جذبت مدينة هامتراميك آلاف البنغاليين الراغبين في العمل، خاصة أن شراء منزل في هذه المدينة كان لا يكلف سوى بضعة آلاف من الدولارات، وبعد فترة، لحق بهم اليمنيون. ومع مرور الوقت، اختلفت التركيبة السكانية للمدينة، إذ إن قرابة 43 بالمائة من سكان المدينة لا ينحدرون من أصول أمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المدينة في الوقت الحالي تمتلك متاجر لبيع اللحوم الحلال، ومتاجر لبيع الأزياء الإسلامية، فضلا عن العديد من المساجد. ومن جهة أخرى، يوجد في المدينة مقهى “بولش فيلدج” الذي يعتبر أكبر تجمع للجالية البولندية في المدينة، الذين كانوا يشكلون غالبية سكانها قبل قدوم المسلمين. وبالطبع، فإن من المستحيل أن يتواجد المسلمون في ذلك المقهى، إلا أن الأمريكي من أصل بولندي، غريغ كوالكي، أثنى على وجود المسلمين في المدينة قائلا: “لقد أنقذ المسلمون مدينتنا”.
ونقلت الصحيفة على لسان كوالكي أنه سنة 2004 كان السكان بصدد التصويت على رفع الأذان في المدينة بصوت عال وحدثت العديد من النقاشات حول هذا الأمر مع المسلمين، فقام اليمين المتطرف بنقل العديد من المتظاهرين في حافلات إلى المدينة بهدف الاحتجاج ضد ما يسمى “أسلمة المدينة”. وأكد كوالكي أن مثل تلك الصراعات تأتي من خارج المدينة وليس من الداخل. وبالفعل، قام أغلبية سكان المدينة وقتها بالتصويت لصالح رفع الأذان.
وقالت إن المرة الثانية التي تصدرت فيها هامتراميك عناوين الصحف كانت حين وقع انتخاب أغلب أعضاء مجلس المدينة من المسلمين. وخرجت وقتها شائعات بأنه سيتم إغلاق الحانات ومحلات الخمور وتطبيق الشريعة، إلا أنه لم يحدث شيء من ذلك. وأقر كوالكي بأن ذلك المجلس قام مؤخرا بالعديد من الإصلاحات المالية، خاصة أن المدينة أصبحت مثقلة بالديون. وفي الوقت الحالي، يعيش قرابة نصف سكان المدينة تحت عتبة الفقر.
وأشارت إلى الدور الذي اضطلع به خالد إقبال، رئيس “مركز الأسرة المسلمة” في هامتراميك.
والمعروف عن خالد إقبال أنه يتجول يوميا بسيارته للبحث عن الفقراء في شوارع المدينة. وذات مرة، وجد إقبال رجلا مشردا أسود البشرة مبتور الأصابع يجلس أمام أحد المتاجر، فأقبل عليه وحياه وأعطاه الكثير من الطعام، وانصرف.
وأوضحت الصحيفة أن المدينة حظيت بشهرة متزايدة على الإنترنت. وفي هذا السياق، أكد إقبال أنه “لا توجد عداءات مع أي جهة خارجية، حتى إنه عندما تم انتخاب ترامب تلقينا العديد من رسائل الطمأنة من جيراننا غير المسلمين”. ومن جانبه، قال عبد المطلب إن “الولايات المتحدة ليست من ممتلكات ترامب الخاصة، ومبدأنا في المدينة أن جميع المواطنين سواسية”، وتابع قائلا: “لا نريد أن نكون مكانا لتصفية الحسابات”.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن العديد من اللاجئين السوريين جاءوا مؤخرا إلى مدينة هامتراميك، وسيندمجون في المجتمع سريعا دون أدنى شك، فمدينة هامتراميك لديها الخبرة الكافية في هذا المجال.
(المصدر: عربي21)