مدائن صالح.. أرض “البكاء” تهتز طربا
أشعلت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي جدلا في السعودية بعد حفلها الغنائي، فمع أن البعض رأوا فيه مؤشرا على “الانفتاح” الذي ينشدونه، ندد به معظم المغردين مبدين دهشتهم من إطلاقه بالقرب من أرض ثمود التي أمر النبي عليه السلام بالبكاء فيها.
وجاء حفل الفنانة ماجدة مساء الجمعة بعد حملة ترويجية امتدت عدة أيام، ضمن مهرجان “شتاء طنطورة” الذي أطلقته السعودية في العشرين من الشهر الجاري لتستمر فعالياته حتى التاسع من فبراير/شباط، وتحتضنه محافظة العلا شمال المملكة.
ويتزامن انطلاق المهرجان مع بداية فصل الشتاء، واسمه مقتبس من بناء هرمي من الطين يستخدمه سكان المنطقة لمعرفة دخول فصل الشتاء وكيفية توزيع المياه للأغراض الزراعية.
وتستضيف المنطقة خلال المهرجان نجوما محليين وعالميين في الغناء والموسيقى، فبعد الحفل الذي أحياه المطرب السعودي محمد عبده في الافتتاح، غنت ماجدة الرومي بحضور شخصيات رسمية من السعودية ولبنان الجمعة، ومن المقرر أن تنطلق حفلات لاحقا لكل من فنان الأوبر أندريا بوتشيلي، وعازف الكمان رينو كابوسون، وعازف البيانو عمر خيرت، والموسيقار اليوناني ياني، إضافة إلى حفل للراحلة أم كلثوم عبر تقنية الهولوغرام (التصوير التجسيمي).
ويستاء الكثير من السعوديين في الشهور الأخيرة مما يعتبرونه شيوعا للمنكرات التي نهى عنها الإسلام، والتي باتت ظاهرة في الفعاليات الترفيهية والسياحية والفنية والرياضية التي ترعاها السلطة، لكن استياءهم من حفل الرومي يبدو أكثر عمقا، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات يغلب عليها الاستنكار والتنديد بما يرونه تجاوزا غير مسبوق للخطوط الحمراء.
ولعل أبرز التجاوزات -في رأي المغردين- أن الحفل يأتي في موقع قريب من مدائن صالح، وهي المسماة تاريخيا بالحِجر وكان يقطنها قوم ثمود الذين أرسل الله تعالى إليهم النبي صالحا عليه السلام، ثم هلكوا بعقاب إلهي كما ورد في القرآن الكريم.
وأشار عشرات المغردين إلى الأحاديث النبوية التي تحدث عن هذا الموقع، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أثناء مرورهم بالمنطقة قبل غزوة تبوك “لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم”، وفي بعض الروايات أنه لما مر بالمنطقة أسرع راحلته ونهى عن دخول منازلهم.
وبهذا الصدد، كتب الشيخ عبد الله الشهري تغريدة قال فيها “يرشدنا القرآن إلى الاعتبار بحال ومآل ساكنيها. أي بطر أكبر من معاكسة هذا الإرشاد جهارا؟”.
كما كتب ناشط يدعى “حجازي” متسائلا “ماذا يطمح ولي العهد عندما يقيم حفلا في قرى صالح التي منع السكن فيها بالحديث الصحيح، ناهيك عن إقامة حفلات؟ هناك مخطط يلهث وراءه ولي العهد يتناقض مع برنامج الأسرة الحاكمة. سوف تشاهدون العجب في العام المقبل”.
وبدوره، كتب الشيخ سامي العقيلي تغريدة تستنكر إقامة هذا الحفل ونقله على القناة السعودية الرسمية، معتبرا أن “التحول الغريب” في الفترة الأخيرة لا يليق بالشعب السعودي ولا ببلده ولا بحكامه.
واكتفى أستاذ الشريعة في جامعة تبوك أحمد الأزوري بالقول “الحمد لله، لا زال فينا من ينكر المنكر. اللهم كثرهم”.
أما المغرد عبد الله بن حكيم فطالب متابعيه بالرفض والاستنكار، قائلا “كرّر الإنكار في قلبك لو عجز لسانك.. اجعل له وردا لا تفتر عنه. إياك أن تستمرئه، أو يُعميك دُخانه عن استقباحه”.
وبالطريقة نفسها، كتبت مغردة تسمي نفسها “هويام خانوم” قائلة “الساكت عن الحق شيطان أخرس. دافعوا وناهضوا ما يحدث في بلدنا من منكرات بكل قوتكم، فإن سكتم شملتكم العقوبة. اللهم إنا نبرأ إليك من هذه الحفلات، اللهم رد ولاة أمورنا إليك ردا جميلا”.
ورأى بعض المغردين أن حفل الرومي كان نقلة نوعية في التغيير الثقافي الذي يشهده المجتمع السعودي، حيث قالت مغردة تستخدم اسم “بلقيس” في تغريدة “كانت البداية حفلة نسائية واليوم مختلطة، لكن نقول ما يحدث منكر نأثم جميعا إن سكتنا. حسبنا الله ونعم الوكيل”.
وفي الأثناء، استنكر البعض استضافة الرومي في السعودية نظرا لمواقفها السياسية، وقالوا إنها مؤيدة لزعيم حزب الله حسن نصر الله الذي أطلق العديد من التصريحات المعادية للسعودية. ومن بين هؤلاء المغردين الناشط الاجتماعي مشعل الزاهد الذي نقل مقطعا مصورا لإحدى المقابلات التي تتحدث فيها الرومي عن تقديرها لنصر الله.
(المصدر: الجزيرة)