مقالاتمقالات المنتدى

‏مختصرات في المشاريع والتيارات السياسية التاريخية والمعاصرة (2):

(الإحياء الشيعي المعاصر)

‏مختصرات في المشاريع والتيارات السياسية التاريخية والمعاصرة (2):

(الإحياء الشيعي المعاصر)

بقلم الشيخ: حسن الدغيم (خاص بالمنتدى)

١- الحيرة الشيعية زمن الغيبة

تقوم الأسطورة الشيعية على نظرية الإمامة، التي أصبحت بعد الغيبة الكبرى المدعاة ل(محمد بن الحسن العسكري ) مصدرًا لحيرة واضطراب الشيعة بسبب غياب المرجعية السياسية والدينية، مما دفعهم إلى اعتزال المشهد السياسي وترك قضايا الشأن العام، منتظرين عودة المهديّ المنتظر. استمرت هذه الحال لعدة قرون، بينما انشغلت الحركات الشيعية الأخرى، كالإسماعيلية والزيدية، بالمشاركة في المجال السياسي.

٢- التجديد الصفوي

ظلّت نظرية الإمامة على هذا المنوال حتى بروز إسماعيل الصفوي الذي ورث طريقة صوفية تبناها أجداده من أصولٍ تركمانية عن الشيخ صفي الدين الأردبيلي وهو من أصولٍ كردية ،و كانت الطريقة في البداية سُنيّة، ثم تحولت إلى شيعية لتتماشى مع طموحات إسماعيل الصفوي، الذي سعى لتأسيس هوية دينية مستقلة عن العثمانيين،
استقدم الصفوي علماء شيعة من لبنان، مثل الكركي العاملي، الذي طوّر نظرية الإمامة الشيعية وأرسى فكرة النيابة عن المهدي الغائب وأقام الدولة الصفوية عام ١٥٠١ في إيران وفرض التشيع بالقوة

٣- نظرية نيابة الفقيه

أكد الكركي العاملي أن الشيعة لا يمكن أن يبقوا بلا إمام، وأن الفقهاء يمكنهم أن ينوبوا عن المهدي في رعاية الشؤون الدينية، وإصدار الفتاوى، وجمع الخمس. منح هؤلاء الفقهاء الشرعية للملوك الشيعة، مما ساعد الصفويين على تأسيس سلطتهم السياسية بناءً على هذه النيابة، واستمر هذا النظام في ظل الدول الصفوية والقاجارية.

٤- الإحياء الشيعي المعاصر وتطوير نظرية نيابة الفقيه إلى ولايته :

مع ظهور الخميني أواخر الستينيات، بعد نفيه إلى العراق، قام بتطوير نظرية النيابة إلى نظام ولاية الفقيه العامة،
ووفقًا لهذا النظرية أصبح الفقيه لا ينوب فقط عن المهدي في الشؤون الدينية والمالية، بل يتولى كافة أمور المسلمين، بما في ذلك حكم البلاد وإدارة الجيوش ، وبهذا التغيير ألغى الخميني عمليًا أي صلاحيات للمهدي المنتظر وفق التنظير الشيعي، واستغل الثورة الإيرانية ضد الشاه محمد رضا بهلوي لتمكين نظريته الدينية

في عام 1979، وصلت طائرة فرنسية تقلّ الخميني إلى إيران، حيث أعلن تأسيس الجمهورية الإسلامية وتولى زعامة الشيعة دينيًا وسياسيًا.
واجه الخميني معارضة من مرجعيات دينية أخرى رأت في نظريته انقلابًا على صلاحيات المهدي، إلا أنه قمع هذه الأصوات بوحشية، وبدأ بتصدير الثورة الإيرانية إلى البلدان المجاورة.

٥- مآلات الثورة الإيرانية ونظريتها العنصرية

أدى هذا المشروع إلى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، ثم الاحتلال الإيراني للعراق وسوريا واليمن، ونشر الميليشيات في العالم العربي،

نقل الخميني الشيعة الإمامية من طائفة تنتظر الخلاص على يد إمام غائب، إلى طائفة سياسية تحمل مظلومية تُوظفها في صراعها مع السُّنة، الذين يُتهمون من قبل الشيعة بقتل رموز أهل البيت واغتصاب حق الأئمة المعصومين في قيادة الأمة.

استثمرت القيادة الإيرانية الموروث الروائي الشيعي الذي يذخر بأدبيات التظلم والكراهية تجاه أهل السنة، لتأسيس أذرعها في الدول العربية، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان. كما سعت للتمدد وإثارة الاضطرابات في السعودية والبحرين، بينما أصبح العراق محكومًا مباشرةً من قبل المرجعيات الإيرانية وأذرعها من فرق الموت كفيلق بدر وحزب الدعوة وجيش المهدي والحشد الشعبي ، والتي همشت المرجعيات الشيعية العربية الموالية للعراق وأقصت أنصارها من المشهد السياسي لصالح الولاء لإيران .

من المهم أن ندرك أن مشروع ولاية الفقيه ليس مجرد نظام ديني، بل مشروع سياسي يهدف إلى تعزيز النفوذ الإيراني في العالم العربي والإسلامي. يعتمد هذا المشروع على ولاء الشيعة لإيران، بغض النظر عن انتماءاتهم الوطنية، بحيث يصبحون أدوات لتنفيذ الأجندة الإيرانية على حساب أوطانهم، وقد أدى هذا النهج إلى تصاعد الطائفية، وتفاقم الكراهية المذهبية، وإشعال الحروب الداخلية، مما قوّض استقرار الدول الإسلامية وأفشل مشاريع التنمية والتحرر في المنطقة ، بل ووقف مشروع ولاية الفقيه ضد الربيع العربي وحرية الشعوب في المشاركة السياسية

وما نشهده اليوم من خراب ودمار ومجازر هو نتيجة مباشرة لهذه السردية العنصرية المتلبسة بلبوس الدين ، ولهذه السردية بقية نتابعها بمنشورات قادمة إن شاء الله

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى