مقالاتمقالات مختارة

محنة الأتراك الأويغور مع الصين

بقلم الكاتب العقيد التركي مصطفى آكين (الخبير في العلاقات الدولية)

ترجمه من التركية محمد توران

إذا تساءلنا عن ما تريده الصين من الأتراك الأويغور فإن الجواب بسيط للغاية، وهو دمجهم وإذابتهم في المجتمع الصيني من خلال القضاء على هويتهم الوطنية والدينية والثقافية. لقد دخلت سياسة القمع والبطش والظلم والتعذيب الذي يتعرض له الشعب الأويغوري من قبل الصين في الفترة الأخيرة أجندة المجتمع الدولي .

ماذا تريد الصين من الأتراك الأويغور؟

 تريد الصين من الأتراك الأويغور نسيان هويتهم الدينية والثقافية وأن يصبحوا مواطنين صينيين طائعين للحزب الشيوعي وذلك واضح من خلال حملتها المستمرة بلا هوادة ضد الأويغور.

  يبدو أن الصين قد نجحت إلى حد ما في هدفها القضاء على الهوية الدينية والثقافية للقوميات الأخري، ولكنها تواجه مقاومة شرسة من الأويغور ضد دمجهم وإذابتهم في المجتمع الصيني ولذلك فإن الأويغور يواجهون هذه الحملة القاسية من قبل الصين والتي تمتد بدايتها إلى مطلع القرن العشرين واستمرت حتى الآن ويبدو أنها ستستمر في الفترة القادمة.

 بعد كل تلك الحملات الشرسة والهجمات التي تستهدف الأويغور هل تنجح الصين في القضاء على هوية الأويغور الوطنية والدينية؟  الجواب : لا،  وذلك أنه على الرغم  مما يبدو في العلن من تحقيق الصين لبعض النجاحات في مساعيها إلا أن الهوية الدينية والوطنية التي تلتهب في قلوب ومشاعرالمسلمين  الأويغور لا يمكن القضاء عليها على الإطلاق. ولذلك يبدو أننا سوف نستمر في مشاهدة هذه المواجهة بين الأويغور والصينيين لعقود قادمة.

 بحلول شهر رمضان في عام٢٠١٥ قامت الصين بمنع المسلمين الأويغور وخاصة الموظفين الحكوميين من الصيام حيث أجبرتهم على تناول الطعام والشراب أثناء نهار رمضان عمدا وذلك في الاجتماعات التي رتبت لتعقب من يصوم رمضان منهم.

 كما قامت الصين بإجبار أصحاب المطاعم على فتحها حيث يواجه من يغلق مطعمه أثناء نهار رمضان عقوبة السجن والغرامة المالية. وقد تسببت الحملات الصينية الشرسة ضد الدين وتقاليد الأويغور الثقافية في أحداث عنف  حيث قامت الصين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب بحملة أمنية قتلت خلالها الكثير من الشباب كما اعتقلت الكثير منهم.

 ولزمت الدول والحكومات في العالم ومن ضمنها تركيا بالصمت أثناء تلك الأحداث ومازالت تلتزم الصمت تجاه الجرائم الصينية ضد الأويغور.

 وأنا أحاول البحث عن أسباب صمت المجتمع الدولي لا استبعد أن تستمر سياسة الصمت التي تعني ضمنيا -الموافقة – حتى إبادة جميع الأتراك الأويغور.

  قد يبدو من الممكن تفهم صمت المجتمع الدولي ولكن لا يمكن تفهم صمت العالم التركي والإسلامي وعلى رأسها تركيا.

 لماذا يخشى ما نسميه العالم التركي من الصين؟ هل من المنطق والوجدان التضحية بمصير الملايين من الأتراك بالمصالح الاقتصادية بين الدول؟

  أرجو أن تراجع الدول الناطقة بالتركية مواقفها تجاه قضية الأويغور لأن هذا الوضع يمكن أن تقع فيه باقي الشعوب التركية وذلك أن الأويغور يدافعون الآن عن البوابة الشرقية للدول التركية.

 وفي مواجهة تهديد التنين الصيني ينبغي أن يكون الوضع المضطرب في الشرق الأوسط نموذجا لما يمكن أن يئول اليه الوضع في اسيا الوسطي إن تم التخلي عن الأويغور وتركهم وحدهم أمام الصين.

  بدلا من الخشية من الصين على العالم التركي أن يتسم بالشجاعة وأن يقف ضد انتهاكات الصين لحقوق الأويغور. وإذا لم يقف العالم التركي بموقف موحد تجاه الصين عليه أن يتوقع لطمات صينية سوف تطال الجميع.

 ولا يمكن ان تتسم علاقة العالم التركي بالصين التي أجبرها أجدادنا قبل ألفي عام على بناء سُوَر الصين بالخنوع والتسليم. وينبغي اتخاذ موقف موحد وشجاع تجاه الصين ومن ثم لا بد من العمل بنشاط  وجدية وإرادة حديدية من أجل التفوق والتقدم. ومن المعلوم أن الشعب التركي لا يقبل الاذعان والعيش بذل ويفضل بدل ذلك الموت بكرامة. إن الشعب التركي يحب الحرية والاستقلال وهذه صفات متعمقة بجذورها.

 وإذا اشتد الضغط والظلم عليه فان مقاومته سوف تشتد ولن يقبل الاذعان. وهذا ما يحدث من قبل الأويغور في منطقة سنكيانغ ذاتية الحكم (تركستان الشرقية) التي تحكمها الصين. فعلى الرغم من ممارسة الصين لأشد أنواع القمع والقهر تجاههم وصمت المجتمع الدولي وتواطؤه إلا أن الأويغور مازالوا ينتفضون من أجل حريتهم ودينهم ويقاومون الصين -إحدى الدول القوية عسكريا واقتصاديا حاليا في العالم-.

 هل من الممكن أن ينجح الأويغور في مقاومتهم ؟ الجواب على ذلك يبدو صعبا، ولكن إن تحرك المجتمع الدولي وضغط على الصين من أجل وقف انتهاكاتها الصارخة فسوف يساعد ذلك الأويغور في مسعاهم من أجل نيل حريتهم وحماية ثقافتهم ودينهم. ولكن أولا لابد لدول الجوار ومنظمات حقوق الانسان أن تبادر إلى نقل ما يجري للأويغور من ظلم وبطش  على أيدي الصين بكل شجاعة ومهنية واحترافية. ويبدو في الوقت الحالي ذلك صعبا بالنظر إلى أن الصين لا تسمح للصحافيين بدخول تركستان الشرقية.

ماذا من الممكن فعله لوقف الظلم الصيني ضد الأويغور؟

١.على الأمم المتحدة اتخاذ قرار يدين الصين بارتكابها إبادة جماعية بحق الأويغور ومن ثم تلتزم كافة الدول بذلك القرار مما يشكل ضغطا على الصين.

  1. ينبغي تحريك منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني في العالم لاتخاذ خطوات عملية ضد الصين وتزويد تلك المنظمات بالمعلومات الصحيحة عن الوضع في تركستان الشرقية واعتماد خطوات جادة تحرك الضمير العالمي.
  2. تنظيم مظاهرات ومسيرات في كافة المدن الكبري في دول العالم للاحتجاج ضد الظلم الصيني على الأويغور ومقاطعة البضائع الصينية.
  3. فرض عقوبات اقتصادية على الصين من قبل دول العالم وعلى رأسها الدول الناطقة بالتركية.
  4. خفض العلاقات الاقتصادية بين كافة دول العالم والصين مما يشكل درسا للأنظمة والدول التي ترتكب إبادة جماعية عرقية.
  5. سحب رخص العمل من الشركات الصينية التي تعمل في الخارج.
  6. منع الزيارات السياحية إلى الصين.
  7. منع دخول المواطنين الصينيين إلى دول العالم حتى يضغطوا على قيادتهم لوقف ممارساتها العنصرية بحق الأويغور.
  8. حظر بيع منتجات البترول وتكنولوجيا السلاح إلى الصين.
  9. تقديم كافة أشكال الدعم للمنظمات الأويغورية التي تناضل من أجل حماية الأويغور في منطقة شينجيانغ (تركستان الشرقية). ومن أجل تقوية تلك المنظمات لا بد من مساندتها في المحافل الدولية، وبهذه الخطوات يمكن أن تتلقي دعما من الشعب ومن المجتمع الدولي.
  10. وينبغي تنظيم صفوف الشعب التركستاني من الداخل بحيث يحدث ما يقوم به من نشاطات لنيل حريته صدى واسعا في العالم.
  11. يجب تنظيم صفوف الشعب بحيث يتم منع قوات الأمن الصينية من اقتحام البيوت والمنازل وجعلها تفكر ألف مرة قبل أن ترتكب أي حماقة بحق الأتراك الأويغور.
  12. يجب الحصول على دعم القوميات الآخري في نيل الحكم الذاتي التي يكفلها الدستور في منطقة شنجيانغ، ولذلك لا بد من الحذر وعدم القيام بأي نشاط من شأنه أن تثير مشاعرها وغضبها. وهذا الموقف الموحد لجميع القوميات من شأنه أن يزيد الضغوط على النظام الصيني الذي لن يستطيع أن يواصل ممارساته التعسفية كما اعتاد سابقا.

 هذا ويجب على المجتمع الدولي أن يبرهن للأنظمة القمعية والدكتاتورية أن الظلم والبطش والتعذيب التي تمارسها في حق شعوبها لن يبقى بلا عقاب وإلا فإننا سوف نشهد مثل هذه الممارسات القمعية من قبل الدكتاتوريين لقرون طويلة.

ويمكن لنا – لا قدر الله- ان نقع في مثل هذه الأوضاع ان لم نتدارك الأمر في وقتها.

 ولكل إنسان بغض النظر عن جنسيته ولونه ودينه وثقافته الحق في العيش بحرية وكرامة كما نصت عليها تعاليم الأديان والإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة. وهذا الحق مكفول أيضا  للأتراك الأويغور ولا يمكن القبول بمصادرة هذا الحق من طرف أي مخلوق كائنا من كان.

(المصدر: موقع إسلام بوليتن)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى