مقالاتمقالات مختارة

محمد القرآن هو ذاته محمد السنة

بقلم د. خالد سليمان

حاول مقال خبيث، كتبه كاتب خبيث، ونشره في موقع خبيث، تابع لقناة أمريكية خبيثة، أن يوحي بأن هناك تعارضًا بين القرآن والسنة بخصوص شخصية النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسعى لحمل المسلمين على التشكك بالسنة ونسفها، عبر مطالبة المسلمين أن يختاروا بين محمد القرآن ومحمد السنة!

ذلك المقال الخبيث، مثله مثل سائر المقالات الشيطانية التي تحاول بث الشبهات حول الإسلام، يلعب لعبة رخيصة ومعروفة ومكشوفة، وهي إيراد بعض الآيات والأحاديث مجتزأة ومعزولة عن سياقها، ومبتورة في كثير من الحالات، حتى تعطي دلالات خاطئة ظاهرها التعارض، مستغلة جهل الكثير من المسلمين بأن النصوص الدينية لا تفسر بمعزل عن السياق الكلي لها، المتضمن كل النصوص ذات الصلة بها.

مما يقوله ذلك المقال الخبيث:

فمحمد «القرآن» قد يدافع عن نفسه، ولكنه لا يعتدي على الآخرين: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»، وأما محمد السنة فيقول: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله».

أول جريمة يرتكبها الكاتب هنا هي إيراد الحديث مبتورًا، ليعطي معنى مضللًا، مع أن الحديث كاملًا يقول: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله».

والواقع أنه ليس هناك أي تعارض بين الحديث والآية، وهو ينسجم تمامًا مع آية كريمة أخرى تقول: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ».

وهنا لا بد من توضيح ما تعنيه الآية الأخيرة والحديث، وكيف ينسجمان بعضهما مع بعض. لقد جاء الإسلام لكي يفرض تطبيق شريعة الله على الأرض، لأن البديل الوحيد هو هيمنة شرائع الشيطان، بما فيها من فساد. ولو حللتم الشرائع الأرضية بموضوعية وإنصاف، لوجدتم أنها تشتمل على الكثير من صور الفساد والانحراف، مهما بدت جيدة وعادلة، وتأملوا مثلًا في تلك القوانين التي تبيح الخمر والزنا والربا والقمار والشذوذ الجنسي… إلخ.

ومن ثم، أُمر المسلمون بقتال الكفار في الأقطار الأخرى، ولكن ليس قتالًا اعتباطيًا تعسفيًا عدوانيًا، بل وفق الترتيب التالي:

البدء بدعوتهم إلى الإسلام، بما يتضمن الطلب منهم السماح للمسلمين بممارسة الدعوة إلى الإسلام في بلدانهم، فإن قبلوا ودخلوا في الإسلام، فقد أصبحوا من المسلمين، فعصموا دماءهم وأموالهم، وبات لهم تمامًا ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. وإن وافقوا على أن يقوم المسلمون بالدعوة إلى الإسلام في بلدانهم، دون أن يعتنقوا الإسلام، فقد عصموا دماءهم وأموالهم أيضًا، ولا يجوز للمسلمين قتالهم، ولكن في هذه الحالة يتوجب عليهم وعلى من اختار عدم الدخول في الإسلام دفع الجزية، كإشعار رمزي بالخضوع لحكم الله. علمًا بأن قيمة الجزية كانت أقل بكثير من قيمة الزكاة المفروضة على المسلمين، وكان يعفى منها من لا يستطيع دفعها. فإن أبوا، فهي الحرب. وهنا تأتي الآية الأولى التي تقول: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»، التي لا تتعارض مع الآية الثانية أو الحديث، فهي تتحدث عمن يجب قتالهم أثناء اشتعال الحرب بالفعل، مبينة أنه لا يجوز قتال إلا المحاربين فقط، وليس النساء والأطفال والشيوخ وغيرهم من غير المقاتلين.

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد «القرآن» لا يعرف ماذا سيحدث له أو لغيره يوم القيامة: «وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ»، أما محمد السنة فهو يعلم الكثير من الغيب فيبشر أفرادًا بعينهم يقينًا بدخول الجنة «العشرة المُبشَرون بالجنة!».

وهنا أيضًا لا يوجد أي تعارض بين القرآن والحديث؛ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- هو إنسان في نهاية المطاف، لا يعلم الغيب، ويتلقى الوحي من ربه، فمن الطبيعي ألا يعلم ما سيُفعل به أو بغيره إلا إذا تلقى الوحي من الله تعالى، وقد تلقى الوحي بأن هناك أناسًا بشرهم الله بالجنة.

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن ليس من حقه أن يُكره أحدًا على دخول الدين «لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، بل يؤمن بحرية العقيدة «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، أما محمد السنة فهو يقول: «من بدل دينه فاقتلوه».

وهنا أيضًا ليس ثمة تعارض؛ لأن الآيات والأحاديث لا تفسر وتفهم، كما سبقت الإشارة، إلا في سياقها الكلي. والسياق الكلي يفيد بأن تبديل الدين ليس مبررًا كافيًا لقتل المرتد، وأن ما يستدعي القتل هو الخروج على جماعة المسلمين. وذلك لوجود حديث آخر يقول: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة». فمفارقة الجماعة ومعاداتها والتحول إلى خطر عليها هي المبرر للقتل، وليس مجرد تغيير الدين، وذلك لوجود العديد من الآيات والمؤشرات التي تؤكد بالفعل حرية الاعتقاد. وبالرجوع إلى السيرة النبوية وحقبة الخلفاء الراشدين، أظننا لا نجد ما يثبت أن حكم الردة كان يطبق إلا على من يخرجون من الإسلام ويجاهرون بمعاداته. وعمليًّا فإن من كان يخرج من الاسلام ولا يجاهر بمعاداته، لم يكن ليعلم بأمره أحد، حتى يطبق الحد عليه!

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن أُمر أن يصفح عمن أساء في حقه «فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ»، وأما محمد السنة فهو ينتقم من شاعرة اسمها «أُم قرفة» بصورة وحشية تتعارض مع كل مبادئ الضمير والإنسانية، وذلك لأنها كانت تهجوه بشعرها، فكما ذكر فتح الباري بشرح صحيح البخاري في كتاب المغازي باب غزوة زيد بن حارثة: «فجهزه النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم فأوقع بهم وقتل أم قرفة بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر زوج مالك بن حذيفة بن بدر عم عُيينة بن حصن بن حذيفة وكانت معظمةً فيهم، فيقال ربطها في ذنب فرسين وأجراهما فتقطعت وأسر بنتها وكانت جميلة».

وهنا أيضًا لا وجود لأي تعارض، الا عند الجاهل أو المغرض. فالصفح الجميل في الإسلام يكون لمن يستحق الصفح، لكنه لا يطال غلاة المجرمين الذين جندوا أنفسهم بكل طاقتهم لمحاربة الإسلام والنيل منه، كتلك الشاعرة المجرمة. فعندما فُتحت مكة مثلًا، صفح النبي – عليه الصلاة والسلام- عن أهلها، «إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة»؛ فالإسلام دين الرحمة والسماحة، ولكنه ليس دينًا ساذجًا ومائعًا حتى يعفو عن المجرمين المكابرين الذين لا يستحقون العفو!

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن لا يفرق بين رسل الله «لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ»؛ بل يتبع هداهم ويقتدي بهم «أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ»، أما محمد السنة فهو يقول عن نفسه: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر».

وهنا أيضًا لا يمكن الحديث عن تعارض بين القرآن والسنة؛ بل عن جهل صارخ أو سذاجة مفرطة أو تحريف متعمد من صاحب المقال. فالناس سواسية من حيث المبدأ، ولكن هذا لا يتعارض مع حقيقة أن بينهم ما لا يكاد يحصى من فروق، فبينهم السيد والتابع والغني والفقير والكبير والصغير. فأن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه «سيد ولد آدم ولا فخر» لا يتعارض مع القول بأنه لا فرق بين الرسل من ناحية الإيمان بهم جميعًا وبرسالاتهم. ولو تأملتم في الآية الكريمة كاملة، لوجدتم أنها تدعم هذا المعنى: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».

ويقول ذلك المقال الخبيث:

«ومحمد القرآن لا يرجم الزانية لأن حد الرجم ليس له وجود في القرآن، أما محمد السنة فهو يدعو إلى رجم الزناة بصورة همجية وبشعة».

أولًا ليست كل الأحكام التي فرضها الإسلام موجودة في القرآن الكريم، فكثير منها جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-. والقرآن الكريم يأمرنا بوجوب طاعة النبي في آيات كثيرة منها «وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا».

كما أن حد الرجم من الأحكام التي جاءت في التوراة، والتوراة هي كتاب سماوي ينتمي إلى رسالات الإسلام، وبالرغم من تحريفها، إلا أنها ظلت تشتمل على الكثير من الأمور الصحيحة، التي لم يختلف معها الإسلام بنسخته الأخيرة.

كما أن الكثير من الدول «المتقدمة» تطبق حتى اليوم حكم الإعدام، الذي لا يختلف من حيث الجوهر عن حد الرجم، لأن الموت هو النتيجة في الحالتين. وما دمت تطبق ذلك الحكم، فمن الحكمة أن تجعله على أقصى درجة ممكنة من الشدة والغلظة، حتى يكون رادعًا للناس بحق، وإلا فقد الكثير من نجاعته وجدواه.

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن لا يقتل الأسرى في الحروب «فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً» بل عليه أن يُعاملهم برحمة «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا»، أما محمد السنة فيقتل أسراه بتوحش كما قتل يهود بني قريظة وسبى نساءهم تبعًا لكتب الحديث والسيرة.

وهنا لا تعارض أيضًا بين القرآن والسنة، وإنما استمرار لمسلسل الجهل والتدليس.

فهناك فرق جذري شاسع بين أن يستسلم أحدهم في المعركة فيصبح أسيرًا، ينبغي معاملته بالحسنى، ويمكن المن عليه بإطلاق سراحه أو فدائه، وبين ما فعله بنو قريظة؛ فهؤلاء ارتكبوا جريمة الخيانة العظمى التي تستحق الإعدام، إذ نقضوا عهدهم مع النبي -عليه الصلاة والسلام- وطعنوا المسلمين في ظهورهم وساندوا أعداءهم ضدهم في وقت الحرب.

كما أن الحكم الذي أُبرم فيهم لا يختلف عن حكم التوراة فيمن يفعلون فعلتهم، فما ظلمهم النبي – عليه الصلاة والسلام- بذلك الحكم، الذي أصدره فيهم سعد بن معاذ الذي ارتضوا بحكمه، بل كانوا هم الذين ظلموا أنفسهم بغدرهم وخيانتهم.

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن ليس شهوانيًّا فكان يقوم الليل متعبدًا لله «رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ»، بل حُرِمت عليه النساء في آخر مراحل الدعوة «لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ»، أما محمد السنة فهو يجامع تسع زوجات في ليلة واحدة وأوتي كما ذكرت كتب الحديث «قوة ثلاثين في الجماع».

وهنا أيضًا ليس هناك أي تعارض بين القرآن والسنة، بل مجرد فهم جاهل ومريض ومنحرف، ربما استمد من الرؤية التي تنفر من العلاقة الزوجية الحميمة، بل تثني على فكرة إخصاء الرجل حتى يتفرغ للشؤون الدينية، كما جاء في العهد الجديد: متّى: 12:19! فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان إنسانًا ورجلًا، كما أنه كان ضد الرهبانية المختلقة؛ فقد قال: «أمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»؛ فصلاته وصيامه وقيامه أمور لا تتعارض مع إتيانه أهله. وبما أن الله تعالى قد أعطى لرسوله الإذن بالزواج من أكثر من 10 نساء، فمن الطبيعي جدًا أن يعطيه قدرات تتجاوز القدرات الطبيعية. كما أن قول الله تعالى «لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ»لا يعني تحريم اقترابه من زوجاته، بل يفيد عدم الزواج من أخريات، والدليل أن الآية كاملة تقول: «لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا». وفي هذا مؤشر آخر على عبقرية ذلك الكاتب في التدليس والتحريف وإخراج الكلام عن معانيه!

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن ليس مريضًا بمرض البيدوفيليا أو «معاشرة الأطفال جنسيًا»، فلا يقبل أن يتزوج إلا بعد أن تبلغ الزوجة الأجل المناسب «أي تكون ناضجة جسديًّا وذهنيًّا» كما ذكر القرآن «وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، أما محمد السنة فهو يتزوج طفلة صغيرة عمرها ست سنوات ويعاشرها جسديًّا وهي في التاسعة من عمرها.

هذه الشبهة السخيفة قتلت تفنيدًا ودحضًا، ولكن لا بد من الرد هنا بإيجاز لإفحام ذلك الخبيث:

ـ ليس من الغريب أو المستبعد بتاتًا بلوغ الفتاة في سن التاسعة في البيئات الحارة.

ـ كان الزواج في تلك السن أمرًا طبيعيًّا تمامًا وشائعًا جدًا في تلك الأيام، ولم يكن هناك أي اعتبار لفرق العمر بين الزوجين، لذلك لم نجد من الكفار من عاب على النبي -عليه الصلاة والسلام- زواجه من السيدة عائشة -رضي الله عنها- بالرغم من حرصهم الشديد على ألا يفوتوا فرصة للنيل منه. بالمناسبة، الرئيس السادات، منذ أقل من نصف قرن فقط، زوَّج ابنته وهي في سن الثانية عشرة، فليس غريبًا أبدًا أن يزوج الناس بناتهم في سن التاسعة قبل 1400 سنة! بل إن التاريخ الغربي حافل بأسماء الكثير من الأميرات اللواتي تزوجن في سن مبكرة جدًا.

ـ من الحمق والسفه والتجني تطبيق معايير اليوم على حياة مجتمع آخر قبل 1400 سنة. فمفهوم الطفولة بالمعنى السائد اليوم، هو مفهوم حديث؛ ففي العصور الوسطى مثلًا، كان القانون الإنجليزي يقضي بشنق من يسرق، حتى وإن كان في السابعة من العمر!

ـ كان متوسط العمر في تلك الأيام أقل من متوسط العمر اليوم بكثير، لذلك كان من الطبيعي تزويج البنات في سن مبكرة جدًا، وبخاصة أنه لم يكن هناك ما يمكن أن ينشغلن به، كالدراسة أو العمل.

ـ ما دامت الفتاة مؤهلة بيولوجيًّا لكي تصبح أمًّا بمجرد البلوغ، فهذا يعني أنها صممت لكي تكون مؤهلة للزواج بمجرد البلوغ أيضًا.

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن أُرسل كما جاء في القرآن «رحمة للعالمين»، «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، أما محمد السنة فيقول في الحديث «لقد جئتكم بالذبح».

سبقت الإجابة عن مثل هذا الكلام السخيف، فرحمة الإسلام هي لمن يستحقون الرحمة. أما الأوغاد من المجرمين العتاة الذين يعيثون في الأرض فسادًا فمن السفه المطالبة برحمتهم، إلا إذا كانت هناك نية ممن يطالب بذلك للانضمام إلى صفوفهم، أو كان منهم بالفعل!

ويقول ذلك المقال الخبيث:

ومحمد القرآن ليس من حقه أن يشفع لأحد يوم القيامة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ»، بل سيشهد على أمته كما جاء في القرآن «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا»، أما محمد «السنة» فيقول: «أمتي أمتي» ويشفع لأمته يوم القيامة فيخرجهم من النار إلى الجنة كما ورد في كتبِ الحديث.

إذا افترضنا جدلًا أن تلك الآية الكريمة هي القاعدة، أليس لكل قاعدة استثناءات! فمنزل تلك الآية الكريمة، أي الله تبارك وتعالى، هو ذاته الذي أنزل آية تقول: «لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدًا»، وأخرى تقول: «يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولًا»، وثالثة تقول: «ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له»!

من كل ما سبق، يتيقن أي باحث عن الحق أن محمد القرآن الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، هو ذاته محمد السنة المشرفة، ولكن أعداء الإسلام يأبون إلا الكذب والتضليل والتزييف، فاحذروا خبثهم!

(المصدر: ساسة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى