دور العلماء في تعزيز السلم الأهلي .. بين إجراءات الدولة وحقوق الناس
إن العلماء نجوم لأهل الأرض يضيئون بعلمهم طرق الحياة التي يكتنفها الظلام، وتنعدم فيها الرؤية، ويبينون ما أوجب الله عليهم بيانه من الحق ومدافعة الظلم وإيضاح الموقف الشرعي في القضايا الشائكة التي تتعرض لها الأمة.
ومن تلك القضايا التي انعدمت فيها الرؤية وحدث فيها خلل وانحراف؛ قضية السلم الأهلي الذي يعني: حماية النسيج المجتمعي من التعصب، والعداوة، والبغضاء، والعنف، والحروب الأهلية، وكل شكل يعكر صفوه.
ولعل من أهم أسباب فقدان السلم الأهلي هو: ضياع الحقوق، وانحراف العدالة بكل أشكالها، وفقدان الحريات، وغياب المساواة، وظهور العنصرية، والطائفية، والاستبداد، والقهر، والانحرافات الفكرية والعملية.
ولقد كان من مظاهر فقدان السلم الأهلي: إنتشار العنف، والإرهاب، والحروب الأهلية، وضياع الأمن، وخراب المجتمعات، وضعف الأمة، وتسلط الأعداء.
ومما زاد الأمر تعقيداً هو: تغييب وتحجيم العلماء الربانيين عن الساحة الدعوية، والريادة المجتمعية، ورضوخ بعضهم، وعجز البعض الآخر أمام إجراءات الدول المستبدة.
وسبب التغييب والتحجيم للعلماء، لأنهم هم الذين يهدمون قواعد الاستبداد، والظلم، وينشرون مبادئ الحرية، والعدالة.
ولئن آل حال الأمة إلى ما نراه اليوم من صراعات متعددة ومتأججة فإن الأمل – بعد الله – في علمائها، لأن رسالة التغير كبيرة وضخمة، ومهمة العلماء: إيجاد التغيير الإيجابي في المجتمع، والعودة إلى قيادة الأمة والرأي العام فيها من جديد.
ولن يكون ذلك إلا بصلاح العلماء وقربهم من ربهم، لأنهم هم القدوة والمثل فإذا صلحوا صلحت الأمة، وإذا فسدوا فسدت الأمة، والإسلام يجعل الإصلاح النفسي للفرد هو الدعامة الأولى لصلاحه واستقامة أمره في الدنيا والآخرة، فما بالك بالقادة والموجهين والمصلحين من أهل العلم والدعوة.
ثم بعد ذلك يعملون على توحيد الصفوف، وجمع الكلمة والتواصل فيما بينهم، ومد جسور المحبة والألفة والاجتماع والأخوة والمشورة، ثم التحلي بالنزاهة والتجرد والعدالة والشجاعة والإقدام في مواجهة التحديات دون تردد أو خوف، والصدع بكلمة الحق في وجه كل ظالم وباغ ؛ وكشف مخططات الأعداء وتحذير الأمة منها، فإذا وجدا هذا الصنف من العلماء وجدت معه أسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.
الكتاب من تأليف د. عماد محمد عبدالله