مقالاتمقالات مختارة

ماليزيا وأول قمة اقتصادية إسلامية

ماليزيا وأول قمة اقتصادية إسلامية

بقلم محمد قدو أفندي أوغلو

لأول مرة وباجتماع غير اعتيادي يحضر رؤساء باكستان وتركيا وإندونيسيا وأمير قطر في ضيافة الرئيس الماليزي وفي عاصمة بلاده قمة نوعية بعنوان معد بدقة وهو (دور التنمية في تحقيق السيادة).

فقد أعلن رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر أن بلاده ستعقد قمة إسلامية في كوالالمبور في الفترة بين 19 إلى 21 كانون الأول/ ديسمبر الحالي يحضرها رؤساء ومسؤولو الدول الأربع مع مضيفهم رئيس الوزراء الماليزي مع 450 من القادة والعلماء والمفكرين من اثنين وخمسين دولة.

وقال مهاتير إن القمة ستكون الخطوة الأولى نحو إيجاد حلول لأمراض العالم الإسلامي، وطلب الدعم الدولي لهذه الجهود والوقوف إلى جانبهم لتحقيق الغرض المنشود.

وأولى القضايا المهمة والمصيرية التي ستناقش في أيام المؤتمر هي قضية اللجوء وتشريد المسلمين في جميع أنحاء العالم بسبب المشاكل التي تعاني منها الدول الإسلامية بسبب الخلافات والنزاعات الداخلية أو بسبب تردي الوضع الاقتصادي.

كما سيناقش قضية الأمن الغذائي للدول الإسلامية وكذلك الهوية الوطنية والثقافية ومسألة الإسلاموفوبيا والكراهية المتصاعدة ضد الإسلام والمسلمين، كما سيتناول مسائل التكنلوجيا والإنترنت والأمن وغيرها.

وفي تصريح مماثل لوزير خارجيته داتوك حول القمة المرتقبة، أكد أنها ستكون منبرًا لعرض رسالة الإسلام الحقيقية على العالم بالإضافة إلى حل القضايا المتعلقة بالتطرف والإسلاموفوبيا.

إن هذا المؤتمر بشعاره “دور التنمية في تحقيق السيادة” أو “دور التنمية في تحقيق الأمن القومي”، يعتبر أول مؤتمر وتجمع يعنى بتجميع الإرادات والموارد الاقتصادية وتوجيهها لأجل استقلالية تلك البلدان.

ومن الطبيعي أن نذكر أن هذا النوع من الاجتماعات وعلى أعلى المستويات بين الدول الإسلامية، وكذلك المؤتمرات والدراسات والأبحاث كانت غائبًا تمامًا بين الدول الإسلامية، التي تمتلك الإمكانات الهائلة والتي تحتم الدعوة للتفكير بجدية منذ سنين عديدة لاستغلالها خدمة لاقتصاد الدول المؤثر بصورة مباشرة على الاستقرار السياسي والاستقلال السياسي والأمني.

ولنبحث بصورة موجزة عن أهمية توحيد تلك الاقتصاديات والتي تعتبر فتية حيث شهدت السنوات الأخيرة تطورها المميز، وهي حتمًا تبحث عن أسواق وتسهيلات متبادلة ومناطق وأسواق حرة كما هو الحال في باقي التكتلات الاقتصادية  كمنظمة الآسيان في شرق آسيا والسوق الأوروبية المشتركة.

باكستان، حيث تتوقع مجموعة “برايس ووتر هاوس كوبرز” البريطانية أن تصبح باكستان والتي هي إحدى الدول المعنية والمدعوة لمؤتمر كوالالمبور في إطار أكبر 20 اقتصاد في العالم بحدود عام 2030، وتوقعت أن يكون الناتج المحلي الإجمالي لها بحدود 1.78 ترليون دولار في نفس العام.

وتحسنت باكستان في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، حيث صنفت كواحدة من العشرة الأوائل في العالم في مجال تنظيم الأعمال، كما أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد ازْداد إلى 5.2 في المئة في عام 2017 وهو أعلى معدل منذ 10 سنوات. كما أن الزراعة تمثل 19 في المئة والصناعة 21 في المئة بينما قطاع الخدمات وصل إلى 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.

وسجل الاقتصاد الباكستاني تفاوتًا في أدائه على مر التاريخ، حيث أنه كان يعاني أحيانًا من ظروف متراجعة فيما كان يحقق في أحيان أخرى مستويات عالية من النمو الاقتصادي من خلال الاقتصاد الزراعي ومستويات مرتفعة من الإنتاجية أيضًا من خلال التنمية الصناعية.

 وماليزيا منذ السبعينيات بدأت بتقليد اقتصادات النمور الآسيوية الأربعة (كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة)، والتزمت بالانتقال من الاعتماد على التعدين والزراعة إلى اقتصاد يعتمد بدرجة أكبر على التصنيع. في السبعينيات، بدأ الاقتصاد الماليزي القائم على التعدين والزراعة في التحول نحو اقتصاد متعدد القطاعات، حيث لعب الاستثمار عالي المستوى دورًا هامًا في  النمو الاقتصادي، ازدهرت الصناعات الثقيلة وفي غضون سنوات، أصبحت الصادرات الماليزية هي المحرك الرئيسي للنمو في البلاد. حققت ماليزيا بشكل متواصل نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 7% إلى جانب انخفاض معدلات التضخم في الثمانينيات والتسعينيات.

ومن المتوقع ارتفاع اجمالي الدخل القومي الماليزي إلى نحو 524 مليار دولار مع حلول عام 2020 مقارنة بالدخل القومي في عام 2009 البالغ 188 مليار دولار، وذلك من خلال سعي الحكومة لتنفيذ برنامج التحول الاقتصادي. وأضاف أنه نتيجة لذلك فإن متوسط دخل الفرد الماليزي بطبيعة الحال سيرتفع من 7 الاف دولار إلى ما لا يقل عن 15 ألف دولار في عام 2020، موضحًا أن الدولة بحاجة إلى تمويل بمبلغ 690 مليار دولار خلال فترة برنامج التحول الاقتصادي.

في تركيا، أكدت وزيرة التجارة الخارجية روهصار بكجان، أن بلادها تهدف إلى رفع إجمالي الناتج القومي إلى تريليون دولار بحلول عام 2023.

وقالت بكجان في كلمة ألقتها عقب توقيع بروتوكول تعاون في إطار الاجتماع الـ16 للجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا وروسيا والذي انعقد في ولاية أنطاليا التركية، إن “بلادها تهدف إلى رفع نصيب الفرد من ناتجها القومي إلى 12 ألف دولار، وزيادة إجمالي صادرات السلع والخدمات إلى 332 مليار دولار”.

وبلغ إجمالي الناتج القومي التركي 784 مليار دولار في العام 2018، في حين بلغ نصيب الفرد 9.6 آلاف دولار، وفق إحصائية رسمية.

وتتمتع إندونسيا بأحد أكبر الاقتصادات في جنوب شرق آسيا، وهي أحد اقتصادات الأسواق الناشئة في العالم. وهي أيضًا عضو في مجموعة 20 وتصنف كبلد صناعي جديد. لا تزال إندونيسيا تعتمد على السوق المحلي وإنفاق الميزانية الحكومية وملكيتها للمؤسسات المملوكة للدولة (تمتلك الحكومة المركزية 141 مؤسسة). كما تلعب إدارة أسعار مجموعة من السلع الأساسية دورًا هامًا في اقتصاد السوق الإندونيسي.

وفي عام 2012، حلت إندونيسيا محل الهند كثاني أسرع اقتصاد نموًا ضمن مجموعة 20، بعد الصين. وتجاوز الاقتصاد الإندونيسي تريليون دولار منذ عام 2017 وهو الاكبر في جنوب شرق آسيا.

 وفي دولة قطر أكد وزير الاقتصاد والتجارة، الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، أن دولة قطر حافظت على معدلات نمو متوازنة، مشيرًا إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لقطر، خلال عام 2017، إلى نحو 222 مليار دولار، مقارنة بـ 218 مليار دولار في عام 2016، وبنسبة نمو سنوي بلغت 1.6%.

ومن المؤكد أن الطموحات الكبيرة وفق إرساء أسس اقتصادية مدروسة ستكون متحققة، فهذه الدول تمتلك إمكانات بشرية هائلة وخبرات فنية عالية المستوى ومتوفرة، إضافة إلى مميزات أخرى منها وقوع معظم هذه الدول في مواقع قريبة من مراكز النشاط الإنساني وتوسطها لطرق المواصلات العالمية التي تربط الغرب بالشرق والشمال بالجنوب، إضافة إلى اقتصاديات هائلة وبرامج تنموية ناجحة وتطلعات مستقبلية نحو المزيد من التقدم الاقتصادي.

وحتمًا فإن أولى أهداف التجمع اقتصاديًا هو تأسيس سوق مشتركة كمرحلة أولى، كما يتوقع أن تطرح مسألة تشكيل شركات صناعية وإنشائية عملاقة تتولى بناء المصانع والمدن والسفن والموانئ.

كما أن العملة الموحدة ستكون أيضًا أولى النقاط التي ستتولى لجان اقتصادية وبحثية نقدية مناقشتها ودراستها، حيث تطمح الكثير من الدول من التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي.

هذه وغيرها من المواضيع الاقتصادية الضرورية ستكون على جدول المناقشات حيث تتطلع الدول الخمسة وغيرها من الدول التي ستنضم اليها لاحقًا إلى تكوين سوق اقتصادي للدول الإسلامية التي تمتلك كل مقومات نجاحها في حال توفر النيات المخلصة للعمل من أجلها.

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى