مقالاتمقالات مختارة

ماكرون.. بديل فاشل من أمريكا للحرب على الإسلام

ماكرون.. بديل فاشل من أمريكا للحرب على الإسلام

بقلم د. أبو يعرب المرزوقي

إن من يدرك العلاقة بين سياسة ترامب الهادفة إلى إخراج القوات الأمريكية من ورطة الحروب في الإقليم الإسلامي: الشرق الأوسط الكبير ومحاولات ماكرون -المتفافي على بدنه- إيجاد البديل من الحلف الأطلسي باعتماد الخماسي الذي حارب الإسلام والمسلمين لا يمكن أن يذهل عن استراتيجية الصهيونية:

– محاولة إحياء المناخ العدائي إزاء المسلمين والإسلام بعد فقدانها القدرة على منعهم من التحرر وبعد انسحاب أمريكا من حماية أوروبا الغربية التي لم يعد لأي من أقطارها الحجم الكافي  لإعادة الاستعمار المباشر أو مواصلة حماية الاستعمار غير المباشر.

– محاولة تعويض أمريكا بروسيا التي ساهمت مع أوروبا وخاصة في القرون الثلاثة الأخيرة الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين (بعنوان القياصرة ثم السوفيات) ساهمت في إضعاف الخلافة العثمانية وإخراجها من جل جغرافيتها الآسيوية والأوروبية ثم في الشرق الإسلامي.

– الاعتماد على العملاء العرب الذين كانوا دائما في خدمة أي قوة تمكنهم من رقاب الشعوب منذ ما حصل في الأندلس مغربا وفي الإطاحة بالخلافة الأولى (في المدينة) والثانية (في دمشق) مشرقا إلى الخيانة الأخيرة في سايكس بيكو الأولى والمشاركة في إسقاط الخلافة والتي يريدون تكرارها في سايكس بيكو ثانية.

– الحليف الدائم لهما أي شيعة الإقليم وبقايا الصليبية من المسيحيين ولعل الرمز الناطق بهذه الحقيقة هو الحلف الحالي في لبنان بين حزب رئيس الجمهورية ورئيس مليشيات إيران في لبنان ومساعدها في غزو سوريا والعراق واليمن والكثير من إمارات الخليج.

– حلف أكثر الحاقدين على الإسلام وقائدي الجوقة ضده أعني العنصرية الفارسية والعنصرية اليهودية اللتين بدأتا حلفهما والحرب  على الإسلام منذ أن أسقط العرب إمبراطورية فارس وآخر قلاع السلطة اليهودية في الشرق بعد إخراجهم منها صاغرين من الجزيرة العربية وتحالفهم مع دهاقنة فارس لضرب الإسلام من الداخل بخرافة آل البيت التي ظاهرها آل بيت الرسول وباطنها أسرة الله المختارة (أكاسرة فارس) وشعب الله المختار (ملوك إسرائيل).

? أعلم أن الكثير يهزا من التاريخ لكنه هو أكبر الهازئين بمن يهزؤون منه.

فما أصفه هنا لم يعد الإستراتيجية خفية على كل من له بصيرة. فجولة دمية روتشيلد ماكرون الذي كب على كتفيه دمية قرطاج جولته الأخيرة المكوكية بين لبنان والعراق والحرب على الثورة السورية ودور فرنسا وروسيا وإيران فيها كل ذلك ذو علاقة بقرار أمريكا الانسحاب والبحث عن بديل للحرب على تركيا وعلى الثورة في الإقليم من المغرب إلى المشرق.

لمنع استئناف المسلمين دورهم في العالم ومثلما أن لبنان هي رمز هذا الحلف فإن الإمارات هي رمز حلف أعمق بين إيران وإسرائيل وفرنسا والأنظمة العربية المعادية للثورة ولتركيا وهي معاداة تجسدت خاصة في ليبيا والصومال واليمن وحتى في تونس.

فالحرب على الانتقال الديمقراطي في تونس لكل هؤلاء يد فيها وهم ممثلون بحزب فرنسا (بقايا النداء والبسكلات) وحزب إيران (البراميل) وحزب الإمارات (عبير) وبسفهاء المداخلة السعوديين وهم في خدمة كل هؤلاء باستعمال الدين التابع في الفتاوى والإرهاب.

? ولولا هذه الإستراتيجية لما طالب من جاؤوا على ظهر الدبابة في العراق بانسحاب القوات الأمريكية من العراق علما وأن ترامب قرر سحبها وهو ما يخيفهم ويخيف إسرائيل والأنظمة العربية العميلة كلها.

– فالذين جاؤوا على ظهر الدبابة لا يجهلون أنهم لن يستطيعوا الصمود أمام ثورة العراقيين حتى من شيعتهم بعد أن خبروا الاستعمار الإيراني ويعلمون أن إيران هي بدورها لم تعد قادرة على أكثر من حماية نظامها من ثورة عارمة في شعبها عليه.

– والأنظمة العربية العميلة لا يجهلون ألا حامي لهم بعد مغادرة أمريكا للإقليم وانشغالها بمعركتها المصيرية مع الصين وخوفها من هذا الأنظمة يمكن أن تكون عبئا عليها وقد تيسر احتلال الصين لمصادر الطاقة فلا يبقى لها عليها قدرة أو سلطان.

– وإسرائيل في هذه الحالة تدرك أن التطبيع يمكن أن تخدع به شعبها لكنه لا مفعول له لأنه مع هذه الأنظمة التي تهددها ثورة تشمل كل الإقليم بمن فيها حليفتهم إيران وحتى روسيا التي إن لم تنظم إلى احد المتصارعين الكبار – أمريكا والصين – فهي ستصبح من  العالم الثالث.

– وروسيا تعلم أنها في هذه الحالة لن يبقى لها إلا حزام خردتها والعودة إلى حدودها وترك الأبيض المتوسط والإقليم لأهله.

وقد تجد نفسها أمام ثورة إسلامية لا تبقي ولا تذر في كل الجغرافيا التي أفتكها من الخلافة العثمانية بعد أن ضعفت وتحالف عليها الغرب كله ومعه الخونة من أهل الإقليم وخاصة الصفوية.

– وأوروبا تعلم أنها لم تعد قادرة حتى لو توحدت أن تعيد كرة الصليبيات ولا الاسترداديات لأن ما كانت تتفوق به لم يعد حكرا عليها وما يتوفق به المسلمون ما يزال حكرا عليهم.

ومن يعرف تاريخ العلاقة بين شعوب الحضارتين يعلمون ما أقصد.

? مكرون يحسب وحده ولن يفضل له.

فالبداية في هذه الإستراتيجية التي يقودها ماكرون باسم الصهيونية والصفوية ومحاولاته ضم الأنظمة العربية المحاربة للثورة وتركيا والإسلام مضاعفة:

? وجهها الأول

هو معركة شرق المتوسط في مستوى تأليب أوروبا على تركيا.

وتأليبه سيفشل وسيكون ذلك أول هزيمة لهذه الاستراتيجية:

– لن يستطيع ماكرون توحيد أوروبا ضد تركيا لعلتين: أولا لأن مغادرة أمريكا ستعيد التنافس بين دول أوروبا لأن ما يوحدها كانت المظلة الأمريكية وهم لا يطمئنون لروسيا.

– فرنسا ليس لها القدرة على مجابهة تركيا وما عنترياتها إلا دليل على ذلك واعتمادها على روسيا لن يفيدها لأن روسيا لا تستطيع ضمان أوروبا الشرقية وكل ما استعمرته من جغرافية الخلافة العثمانية وجلهم أتراك.

? ووجهها الثاني هو تأليب الإقليم على تركيا وكان ذلك قابلا للنجاح لأن الجميع يعلم أن أنظمة سايكس بيكو تخشى تركيا وإيران وإسرائيل يريدون إسقاطها.

لكنهم يعلمون أن الشعوب كلها مع تركيا ما يعني أنه في حالة حدوث حرب فعلية فإن جميع الشعوب ستكون معها على أعدائها وهي ستسلحهم بما يجعل دورهم رادعا.

– وسيكون أول المتدخلين في الحرب مع تركيا شعوب البلاد العربية التي ثارت أعني سوريا ومصر وليبيا وتونس على الأقل.

وهؤلاء لا يحتاجون للذهاب إلى الجبهة حول تركيا إذ يكفي أن يسقطوا الأنظمة العملية حتى يتعزز صف تركيا وتحجم أوروبا وروسيا على المغامرة والمقامرة.

– وسيليها وهو المؤكد الآن تدخل شعوب البلاد التي تعاني من الاستعمار الإيراني في العراق وسوريا واليمن والضفة الشرقية من الخليج  الأحواز وحتى بعض الإمارات الخليجية التي هي مستعمرات إيرانية صامتة لأن إيران تحتاج لحلبهم وابتزازهم دون الوصول إلى الاستعمار المباشر كما في العراق وسوريا ولبنان.

? والنتيجة التي اعتبرها من مكر الله الخير هي أن دمية روتشيلد -ماكرون معلم دمية قرطاج- سيؤدي خدمة جليلة للأقليم بهذا الغباء الذي لا نظير له:

يريد أن يحيي تاريخا دون اعتبار تغير الأحوال.

فلا أحد يمكنه الآن الانتصار على الأمة لأنها تداركت تخلفها العلمي والتقني ولأن ما لا يمكن لأحد أن يدركها فيه ما يزال في غاية العنفوان.

ويكفي أن يتحالف النظام التركي والنظام الجزائري مثلا حتى يصبح الشعبان أقوى في كل مجالات القوة من أوروبا مجتمعة.

وفرنسا لن تستطيع جمع الأوروبيين لأن القوة الكنسية التي كانت تحقق ذلك لم يعد لها ما كان لها من سلطان والصهيونية ليس لها سلطان على جل شباب الغرب.

ثم إن الألمان ظلموا من فرنسا أكثر مما ظلمت تركيا. وهم قد ضاقوا ذرعا بابتزاز فرنسا والإيطاليون والأسبان لن يتبعوا ماكرون ولان انجلترا تستعد مع أمريكا للحرب الأهم اعني المحافظة على دورهما في نظام العالم الجديد وشرطها الخروج من ورطة الحرب على الإسلام.

? وإذن فماكرون -بمكر إلهي خير مرة أخرى- بصدد تمكين الأمة من فرصة الثورة الشاملة في الإقليم كله وستكون بداية النهاية للصفوية والصهيونية وعودة الأمة لدورها التاريخي.

والأيام بيننا: لأن النصر حاصل في الحالتين سواء وقعت الحرب وفيها سننتصر أو لم تقع وسيكون نصرا دون حرب.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى