مقالاتمقالات المنتدى

ماذا تبقى من كلمة بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عام (1)

ماذا تبقى من كلمة بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد عام (1)

بقلم: أ. عماد الدين عشماوي (خاص بالمنتدى)

في يوم 22 سبتمبر من العام الماضي 2023م اعتلى بنيامين نتنياهو منصة الأمم المتحدة مخاطبا ممثلي دول العالم عن آماله وطموحاته ورؤاه وتصوراته لمستقبل إسرائيل والعالم العربي وإيران والعالم كله في ضوء ما وصلت له إسرائيل في عهده.

تحدث عن رؤيته الصائبة لتحقيق السلام وعن بعض مزايا التطبيع مع دول اتفاقات ابراهام وعن السلام المرتقب مع المملكة السعودية وما سيفتحه من آفاق لمستقبل المنطقة ورخاءها. وتحدث عن الخطر الإيراني الذي يهدد العالم والسلام وبالطبع إسرائيل، وتحدث عن فوائد الذكاء الاصطناعي وما سيحدثه من ثورة في عالمنا تحقق الرخاء. وتحدث قبل ذلك كله وبعده عن نبي الله موسى قدوته ودليله ودليل كل يهودي وإسرائيلي وصهيوني الذي بشر بالنعمة وحذر من النقمة اللتان تتوقفان على أي طريق يسلك العالم.

في هذه السلسلة من المقالات نحاول الرجوع لخطاب نتنياهو لننظر مآلاته بعد عام من تاريخ إلقائه وما الذي تحقق وما الذي لم يتحقق ولماذا؟ وكيف سيخاطب نتنياهو العالم اليوم إن قدر له ذلك وماذا سيقول عن القضايا التي خصها بالذكر في خطابه هذا من أوسع منبر لمخاطبة العالم في الأمم المتحدة.

نبدأ أولا بما تحقق من تنبؤات ورؤى نتنياهو على أرض الواقع، حيث يتناول هذا المقال رؤية نتنياهو للسلام مع العرب وكيف تحققت؟

في غمرة فرحته بما رآه انجازات خاطب نتنياهو العالم قائلا: “عندما تحدثت آخر مرة على هذه المنصة قبل خمس سنوات، تحدثت أيضًا عن نعمة عظيمة استطعت رؤيتها في الأفق. إليكم ما قلته وأنا أقتبس: “التهديد المشترك الذي تشكله إيران جعل إسرائيل والعديد من الدول العربية أقرب من أي وقت مضى في صداقة لم أرَها في حياتي“. وهو ما تحقق واقعا فعلا فغالب الدول العربية وخصوصا المطبعة منها ترى أن عدوها الرئيسي هو إيران والمقاومة الإسلامية في فلسطين، وبالفعل صارت إسرائيل وهذه الحكومات أقرب لبعضهم البعض من قرب تلك الحكومات من بعضها البعض أو من شعوبها للأسف الشديد.

واستطرد مزهوا بصواب نبوءته: قلت: “سيأتي قريبًا اليوم الذي ستتمكن فيه إسرائيل من توسيع دائرة السلام إلى ما بعد مصر والأردن لتشمل المزيد من جيراننا العرب“.  وهو ما حدث بالفعل بتوقيع اتفاقات إبراهام واستمرارها بل وازديادها قوة على الرغم من العدوان الصهيوني الأثيم على فلسطين ولبنان وإيران.

ثم شرع في تعداد نجاحاته التي تدلل على صدق ما قاله فأخذ يقول منتشيا فرحا :”الآن، في اجتماعات لا حصر لها مع قادة العالم، أوضحت أن إسرائيل والدول العربية تتقاسم العديد من المصالح المشتركة، وقد اعتقدت أن هذه المصالح المشتركة العديدة يمكن أن تسهل تحقيق انفراجة في طريق التوصل إلى سلام أوسع في منطقتنا. وقد أصاب في ذلك أيضا كما هو واقع أمامنا، فالتنسيق الأمني والتعاون المخابراتي بل والدفاع عن الكيان الصهيوني ضد هجمات إيران والمقاومة أمر لا تخطئه عين وهو الذي كان من رابع المستحيلات قبل عقود.

ثم بدأ يصف أسباب نجاح سلامه الذي حقق كل هذه الاختراقات، فقال: “أنتم تصفقون الآن، لكن في ذلك الوقت، لكن الكثيرين تجاهلوا تفاؤلي هذا باعتباره تفكيرًا بالتمني حسب رأيهم. وكان تشاؤمهم قائمًا على ربع قرن من النوايا الحسنة وصنع السلام الفاشل“.  ليبين لنا أن الطريق القديم لصنع السلام كان فاشلا وأن طريقه والذي سبق وبينه في كتابهمكان تحت الشمسهو الطريق الذي صنع وسيصنع السلام مع العرب، ولكن، هكذا تساءل نتنياهو قائلا: لماذا كانت هذه النوايا الحسنة تواجه دائمًا الفشل؟ وأجاب على نفسه قائلا: “لأنها كانت تستند إلى فكرة خاطئة واحدة، وهي أنه ما لم نتوصل أولاً إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فلن تقوم أي دولة عربية أخرى بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل“.

ليبين لنا جوهر رؤيته لتحقيق السلام القائمة على عكس كل الخطوات القديمة منذ اغتصاب فلسطين وإبادة جزء من أهلها وتهجير جزء آخر واحتلال الباقين، فالسلام لن يتحقق برد الحقوق والأرض لأصحابها؛ ولو على الجزء المتبقي منها الذي لا يتجاوز 20 بالمائة من فلسطين التاريخية، ولا حتى بالجلوس للفلسطينيين وتحسين شروط حياتهم داخل أماكن ما يسمى بالسلطة الفلسطينية الشبيهية بأي بلدية ولا في غزة ولا حتى داخل دولة الاحتلال، وإنما سيتحقق السلام بتوقيع اتفاقات سلام مع الدول العربية التي لا تعاني من هذا كله ولا يعنيها في شيء ولا يؤثر على حياتها في شيء، والشراكة الاقتصادية معها وإنشاء المعابد اليهودية فيها، وتعليم أبنائها كيف عاني اليهود واضطهدوا كثيرا ليتعاطفوا معهم، هكذا سيبدأ السلام حيث ينشأ جيل ينبذ العنف ويمقته ويحب السلام ويحرص عليه مع أبناء العم، جيل يرى في جهاد الفلسطينيين عنف لا مبرر له ولا طائل من وراءه، بل هو إرهاب صريح للمدنيين ولأبناء العم الذين يمدون أيديهم بالسلام في زمن الصفقات والتبادلات التجارية.

ساعتها سيأتي الفلسطينيون راغمين يطلبون السلام الذي يريده نتنياهو وعصابته.

فما هو هذا السلام الذي أنجزه مع دول اتفاقات إبراهام وما هي شروطه؟ نكمل في المقال القادم إن شاء الله

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى