ليبيراسيون عن شاهد عيان هندوسي: الشرطة أطلقت النار على المسلمين في الهند.. والهجمات مخطط لها مسبقا
قالت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية إن شارع جفراباد الطويل شمال شرق العاصمة الهندية نيودلهي تحول مدة يومين إلى خط مواجهة في “حرب دينية” -شاركت فيها الشرطة- بين حيين يغلب على سكان أحدمها الهندوس وعلى سكان الآخر المسلمون.
وفي مقال بقلم مراسلها في نيودلهي سيباستيان فارسي، قالت الصحيفة إن الشارع ما زال يحمل آثار الاشتباكات، حيث الواجهات المهدمة ونوافذ المنازل المكسورة والعديد من حطام الدراجات النارية والجرارات المتفحمة تنتشر في ساحة المعركة.
ونقل الكاتب للمراسل عن كريشنا، وهو هندوسي يعيش على هذا الطريق، مشترطا عدم كشف هويته خوفا من الانتقام “مظاهرة أولى ضد قانون الجنسية وقعت يوم الاثنين بالشارع وانتهت دون وقوع أي حادث” مضيفا أنه رأى صباح الثلاثاء حشدا يتراوح بين خمسمئة وسبعمئة شخص قادمين من منطقة “ماوجبور” يرفعون لافتات عليها شعارات “عاش رام وعاشت أمنا الهند” وبعضهم لديه سيوف ومسدسات وترافقهم الشرطة.
وأوضح كريشنا أن مجموعة تتألف بشكل أساسي من المسلمين بدأت المواجهة مع هذا الحشد الذي قال إنه من “جمعية صويا الوطنية” وهي منظمة شبه عسكرية قومية هندوسية مسلحة وتساندها الشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع.
ضباط شرطة يطلقون النار
وفي شهادته، قال كريشنا للصحيفة إن المعارك الدموية استمرت عدة ساعات وانتشرت في الأزقة المجاورة، قبل أن تعبر الجسر وتصل إلى الجانب المسلم، وعندها يقول شاهد آخر واسمه عشرت علي “وصل ثلاثون أو أربعون ضابط شرطة وانضموا للحشد وبدؤوا يطلقون النار على المسلمين، إنها جريمة ضد الإنسانية ارتكبوها هنا، وأسوأ ما في الأمر أن هنودا يفعلون ذلك ضد هنود آخرين”.
وعلى الجانب الهندوسي، وقفت مجموعة أكثر هدوءا في زقاق، وهي تدين بشدة هذا العنف، ولكن بعبارات مختلفة، فهي قبل كل شيء غاضبة من المتظاهرين المعارضين لقانون الجنسية بسبب رغبتهم في بدء اعتصام في هذا الحي.
ونبه المراسل إلى أن المكان المذكور يؤدي إلى منطقة “شاهين باغ” حيث تمارس النساء المسلمات اعتصاما منذ 15 ديسمبر/كانون الأول احتجاجا على قانون الجنسية، في حركة أصبحت بمثابة المحفز الوطني للثورة ضد هذا القانون الذي يسهل تجنيس المهاجرين غير الشرعيين من أفغانستان وباكستان وبنغلاديش، لكنه يستثني المسلمين، مما يعني بالنسبة للكثيرين تقويضا للعلمانية في الهند.
ويقول المراسل إنه وفي هذا الجو المتوتر، هدد أحد زعماء الحزب القومي الهندوسي (بهاراتيا جاناتا) الحاكم الشرطة قائلا “سننتظر ثلاثة أيام حتى تنتهي زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإذا لم تتمكنوا من إبعاد المتظاهرين عن الشارع، فلن نستمع إليكم بعدها وسننزل إلى الشوارع”.
وفي الحقيقة -يقول المراسل- لم ينتظر الهندوس إلا يومين قبل دخول الحي وإشعال النار في العديد من الشركات التي يديرها المسلمون. ومع ذلك، يقول الناشط الهندوسي أرونش باندي إن تهديد هذا السياسي لا علاقة له بالموضوع، لأنه لم يزد على النهي عن إغلاق الشارع، مضيفا “المؤيدون للقانون لم يلقوا الحجارة، بل كانوا يغنون الأغاني الدينية فقط. أما من ألقى الحجارة فهم من يعارضون قانون الجنسية. إنهم يخططون ضد بلدنا لتشويه صورة ناريندرا مودي. إنهم خونة، لأنه لا يوجد هندي حقيقي يفعل ذلك”.
تخطيط مسبق
ومن جهة أخرى، قال المراسل إن الشرطة تنكر أي مشاركة في أعمال العنف وتزعم أن المظاهرات تجاوزت طاقة قواتها، إلا أن كريشنا يرى أن “الهجمات تم التخطيط لها مسبقا” لأن القوميين الهندوس يخشون انتشار الثورة ضد قانون الجنسية، وهم يريدون أن يوجهوا رسالة مفادها “نحن الهندوس نمثل الغالبية وندير هذا البلد. أنتم الأقلية، يجب أن تصمتوا وتقبلوا ما نقرره”.
ولكن المظاهرات ضد هذا القانون -حسب المراسل- تجاوزت الانقسامات الدينية، للمطالبة باحترام الدستور العلماني، وبالتالي تبدو هذه المواجهة محاولة لتحويل الموضوع إلى صراع بين الهندوس والمسلمين، كما يريد حزب بهاراتيا جاناتا.
ومع عودة الهدوء، قال جميع من قابلتهم الصحيفة بالحي إنهم لم يروا مثل هذا العنف الديني منذ عقود، وقد شبهه بعضهم بالمذابح المناهضة للسيخ التي تلت اغتيال رئيسة الوزراء إنديرا غاندي، في حين قال النائب الشيوعي سيتارام يشوري إن هذا العنف يذكر “بشكل مخيف” بالمذابح المعادية للمسلمين التي ارتكبت عام 2002 بولاية غوجارات بقيادة ناريندرا مودي نفسه.
وختم المراسل تقريره بما يقال إن الشرطة كانت لديها أوامر “بعدم التعرض للهندوس الغاضبين” وإن قادة بهاراتيا جاناتا نشروا رسالة مفادها أن المسلمين قد “وضعوا عند حدهم” وهي عبارة يكررها أنصار (مودي) رئيس الوزراء الذي لم يعرب أبدا عن أسفه لوقوع مثل هذه المذابح تحت مسؤوليته.
(المصدر: ليبيراسيون / الجزيرة)