ليبراسيون: حزب سياسي إسلامي بفرنسا يزعج اليمين
قالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية إن القادة السياسيين في الأغلبية والمعارضة اليمينية أكثروا من التحذيرات في الأسابيع الأخيرة، وكأن فرنسا تعيش بالفعل أحداث رواية “الخضوع” للكاتب ميشيل ويلبيك التي تتنبأ بوصول رجل من حزب مسلم إلى السلطة في عام 2022.
ولا يتردد بعض السياسيين -كما تقول الصحيفة- في استدعاء رواية ويلبيك، للوقوف في وجه “القوائم المجتمعية” المرشحة للبلديات من قبل حزب اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين الصغير الذي يقوده المهندس نجيب أزرقي منذ إنشائه عام 2012 والذي لا يتجاوز عدد منتسبيه 800 شخص تقريبا.
وقالت الصحيفة إن السياسي اليميني كزافييه برتران هو الذي دشن في 19 سبتمبر/أيلول الماضي المعركة ودعا إلى حظر اللوائح البلدية التي يعد الحزب الإسلامي لترشيحها في مدن فرنسية عدة، من أهمها ليون ومرسيليا وليل.
ويقول الأمين العام للحزب جان بريو -وهو رجل أعمال- إن “الأحياء المحرومة وجدت صدى لدى حزبنا، وسنتواصل معها في اللحظة الأخيرة لتجنب وضع العوائق في طريقنا، لدينا ثلاثون قائمة جاهزة تقريبا، ونرجو أن نصل إلى خمسين”.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها هذا الحزب، حيث حصل عام 2014 على مستشار في بوبيني، كما تقدم -دون نتيجة- إلى الانتخابات التشريعية والإقليمية الفرنسية عام 2015، ثم للبرلمان الأوروبي في عام 2017 ولم تحصل قائمته المسماة “أوروبا في خدمة الشعب” إلا على 0.13% من الأصوات.
الانفصال
وأوضح رئيس منطقة “أو دو فرانس” كزافييه برتران للصحيفة أن مكتبه “يبحث عن وسيلة قانونية” لحظر إيداع قائمة اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين، كما أعلن رئيس مجموعة “الجمهوريين” في مجلس الشيوخ برونو ريتايو أول أمس الأحد تقديم “مشروع قانون لمواجهة شكل من أشكال الانفصال”، وذلك بعد رفض الحكومة حظر اللوائح، قائلة إن “الدين لا يمنع من ممارسة السياسة، بما في ذلك الترشح للانتخابات البلدية”.
وأكدت الصحيفة أن برنامج حزب اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين يشمل الموضوعات المعتادة للبلديات، مثل الدين والتهرب الضريبي والجنوح وقانون العمل والبيئة الأخلاق العامة، إلا أنه مع ذلك يحمل إشارات تحيل إلى الإسلام، كتطوير “التمويل الإسلامي” وتنمية سوق الحلال وتعليم اللغة العربية في المدارس ومواجهة رهاب الإسلام في أوروبا، وإنهاء الحصار المفروض على غزة.
وتقول كريمة مرشحة الحزب في منطقة “فال دي مارن” إننا “لا نمتنع عن الخوض في أي موضوع، من المفيد أن نحصر أنفسنا في هذه الادعاءات، ولكن لماذا تمنعنا كلمة “مسلم” من التحدث عنها؟”.
وأشارت الصحيفة إلى أن كلمة “مسلم” على وجه التحديد ينظر إليها من قبل هذا الحزب الذي يصنف في وسط اليسار باعتبارها مطالبة سياسية لا تعبيرا عن عقيدة دينية.
ويقول مرشح الحزب في منطقة غويانكور “في كثير من الأحيان نتعرض للانتقاد لعدم مشاركتنا بشكل كافٍ، نحن مسلمون، لكننا أيضا فرنسيون، ويمكن أن نضيف شيئا إلى فرنسا”.
وأكدت الصحيفة أن أيا من عشرات المرشحين الذين تمت مقابلتهم لم يتعاملوا مع الدين في جانبه الطائفي، موضحة أن هؤلاء المرشحين يتطلعون إلى رئاسة البلديات وهم يتحدثون عن انعدام الأمن أو خيارات الميزانية أو تطوير منطقة تجارية أو تركيب هاتف فيديو أمام المدرسة، ولم يأتوا على ذكر تقديم الحلال في المقاصف.
ويقول طالب الدكتوراه فابريس -وهو مرشح تشاتيللو- “إن هذا الحزب ليس حزبا دينيا، وإن فكرة المشروع السياسي الديني تُستخدم سلاحا ضد التكامل، لكنه غير موجود في فرنسا”.
هلال أصفر
وتقول الصحيفة إن موضوع التمثيل في السياسة يتشدق به كل السياسيين، ولكن من خاضوا التجربة من خلال الأحزاب التقليدية عادوا بخيبة أمل، ويقول علي بن عياش الذي يسعى لرئاسة بلدية ليون إن “الكثير من الناس يتحدثون بالنيابة عنا، المسلمون من الفرنسيين يحق لهم التعبير عن أنفسهم”.
ويضيف نجيب أزرقي أن فكرة تأسيس هذه الحركة جاءت من كون المسلمين مرفوضين ويتلقون الضربات من كل اتجاه، في حين يقول بن عياش إن “المسلمين يحتاجون إلى الحديث عن مشاعرهم كمواطنين”.
ويضيف بن عياش “لقد نشأت في المسيحية، وأنا أدرك الكيل بمكيالين، هناك انطباع بأنهم سيضعون هلالا أصفر على المسلمين”، موضحا أنه يعني السياسيين ووسائل الإعلام الذين غالبا ما يكونون متورطين بنبرة مؤامرة.
وتعود الصحيفة لتقول إن هذا الحزب -إذا استثنينا موضوع رهاب الإسلام- لا نكاد نجد له أي مشروع سياسي، وإن كان بعض المرشحين يبحثون عن رؤية، مستنتجة أنه حزب غير معروف على الساحة.
ويتهم البعض الاتحاد الديمقراطي للمسلمين الفرنسيين بأنه يلعب لعبة حزب التجمع الوطني الذي يركز دعايته على التخويف من الإسلام قائلا إنه “إذا لم نكن نحن فسيكونون هم”، في إشارة إلى حزب اتحاد الديمقراطيين المسلمين الفرنسيين.
وتختم الصحيفة بأن لدى هذا الحزب فرصة ضئيلة للغاية في إشغال مقعد في المجالس البلدية، حتى أن أمينه العام جان بريو يقول إن “الهدف ليس ممارسة التفويض بقدر ما هو المساهمة في النقاش”.
ويقول فرانك فريغوسي مدير البحث في المعهد الوطني للبحث العملي الفرنسي والمتخصص في الديانة الإسلامية “إن التصويت الإسلامي غير موجود، ولكن الحياد هو الذي يتزايد”.
(المصدر: صحيفة ليبراسيون / الجزيرة)