مقالاتمقالات مختارة

لماذا تساند الولايات المتحدة المستبدين العرب؟!

لماذا تساند الولايات المتحدة المستبدين العرب؟!

بقلم معاذ عاطف دعادر

حقبة من الزمن مليئة بالاضطرابات، هناك انتفاضه تعقبها، فهنا ثورة وتلك ثورات مضادة، منذ تسع سنوات أو أكثر في عالمنا العربي الذي لا يزال يقف بثبات عند المنطقة المهمشة في العالم تحت وطأه قياده الولايات المتحدة. تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الانغماس في عمليات عسكرية في العالم العربي، في ظل ما تواجهه المنطقة العربية من أزمات لا تحصى، فجميع الدكتاتوريون (حكامنا العرب) يتلقون المساعدات السياسية والعسكرية السخية للحفاظ على حكمهم تارة وممارسه نفوذهم تارة أخرى.

يتساءل الكثيرون عن سبب وضع أمريكا لشعاراتها تحت أقدامها وقيامها بدعم تلك الحكومات المستبدة تماما كما تفعل واشنطن الآن في اليمن حين تساند السعودية بشتى السبل العسكرية والأمنية ضد الشعب اليمني! لكن يبقي السؤال الأهم لماذا يتمسك الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، بهذه السياسة تجاه العالم العربي؟ يقول مراقبون إن الأمن والنفط هما إحدى الأسباب الرئيسية لدعم أمريكا للحكام المستبدين في المنطقة.

دعم الحكام المستبدين، الذين يمثلون التخلف في العالم العربي ويعملون لإبقائه في حالة من الضعف، أصبح ذا أهمية قصوى للولايات المتحدة

المنطق يتدخل هنا بين المعلقين السياسيين يفرض أن الغرب مجبر على التعامل مع الدكتاتوريين العرب لأنهم الوحيدون القادرون على وقف تمدد الإسلاميين فهم يعتبرونهم الأخف ضررا. أتعجب من هذه الحجة ذاتها التي يستخدمها الدكتاتوريون العرب لقمع شعوبهم فهؤلاء الديكتاتوريين يتفوهون مرارا بخطاب حلفائهم من الغرب، ولكن حجة أمريكا هذه حقيقية؟

يمكن لبعض الأمثلة أن تبرز زيف هذه الحجة، في مصر عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالإخوان المسلمين من السلطة، شن قاده الجيش حملة قمع شديدة ضد معارضيه ولم تهدف هذه الحملة لقمع الإخوان فحسب، بل غدت قوة مستنزفة من الناحية السياسية، وهدفت أيضا إلى إحداث استقطاب في النظام السياسي بشكل يضمن الدعم للجيش أمام الطبقات المدنية الوسطى. وكان دفع مؤيدي الإخوان نحو العنف أمرًا جوهريًا في سبيل نجاح هذه الاستراتيجية وهكذا يظهر الوضع وكأنه صراع بين المتحضرين والهمج وتظهر حاجة إلى وجود رجل يتفوه حتى بلسان القمع ولا سبيل لديه سواه لاستعادة النظام، إلى جانب خلق تهديدات أمنية كل ذلك كان مكونًا رئيسيًا لخلق شرعية النظام الجديد، لذا منطق الحاجة إلى دعم الدكتاتوريين من أجل محاربة الإرهاب تبطل نفسها. وبناءً على ما ذكر أعلاه، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان الديكتاتور لمحاربة إرهاب هو الراعي الرسمي له! سلوك أقل ما يقال عنه أنه عقيم.

في العراق يبدو الأمر أكثر وضوحًا فكما ذكر توبي دودج في كتابه “العراق: من الحرب إلى الدكتاتورية الجديدة”، أنشأت الولايات المتحدة نظامًا سياسيًا مبنيًا على الإقصاء بدلاً من مشاركة الجميع، فأشعلت المقاومة بين النخب السنية الحاكمة سابقًا إلى جانب حل الجيش العراقي وقلة عدد قوات التحالف المقاتلة والسياسة العدوانية التي اتبعها من خلفوا البعثيين أدت جميعها إلى دفع البلاد نحو الانهيار ومهدت الطريق لصعود المتشددين من السنة وهو ما أدى أخيرًا إلى ظهور( تنظيم داعش). تلك حالة الانهيار المستمرة منذ عقد وظهور المسلحين والإرهاب، واصلت أيضا الولايات المتحدة وحلفاؤها دعم النظام الطائفي، الذي ارتكب عمليات قتل طائفية، ولم يكن الإرهاب الذي ترعاه الدولة بأقل فظاعة عن إرهاب داعش!

إذا تلك الحجة غير كافيه لإقناعنا بدعم أمريكا للديكتاتورين.. الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال تأتي من مثال تاريخي قديم عندما قامت أمريكا بانقلاب في إيران على محمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطيًا، وذلك في العام 1954. لم يكن الهدف من الانقلاب هو القضاء على خطر الهيمنة السوفييتية على إيران، ولا تأمين تدفق النفط، وإنما لا بد من عدم السماح لحركة وطنية بالتحكم في مصير البلاد دور الدعم الأمريكي للجيش المصري والنظام العراقي الطائفي الهدف من هذه السياسة هو قمع تلك الحركات التي قد تغير موقف العالم العربي كمنطقة هامشية في النطاق الأمريكي، وينهي السيطرة الغربية عليها، فالهدف هو بقاء الحفاظ على المجتمعات العربية في حالة من الهشاشة!

وهذا بدوره يحول دون التنمية المجتمعية ووقف صعود قوة منافسه محتملة قد تعطل السياسة الأمريكية في هذه المنطقة من العالم. يأتي دعم الحكام المستبدين، الذين يمثلون التخلف في العالم العربي ويعملون لإبقائه في حالة من الضعف، أصبح ذا أهمية قصوى للولايات المتحدة فهل سيقوم ربيع عربي جديد في المنطقة ويعيد كتابة التاريخ مرة أخرى؟

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى