مقالاتمقالات المنتدى

(لا يَأتيهِ البَاطلُ) (13) أسماء القرآن الكريم … معاني رفيعة وصفات جليلة

(لا يَأتيهِ البَاطلُ) (13)

أسماء القرآن الكريم…

معاني رفيعة وصفات جليلة

 

 

بقلم د. علي محمد الصلابي (خاص بالمنتدى)

 

 

ذكر العلماء رحمهم الله للقرآن الكريم تعريفاً اصطلاحياً يُقرِّبُ معناه، ويميزه عن غيره، فعرّفوه بأنه: كلامُ اللهِ المنزلُ على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، المُعْجِزُ بلفظه، المتعبَّدُ بتلاوته، المكتوبُ في المصاحفِ، المنقولُ بالتواتر. وللقرأن الكريم عدد مهم من الأسماء أهمها:
1 ـ النبأ العظيم:

قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ۝ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾ [ص: 67 ـ 68] أي: خبر عظيم، وشأن بليغ، وهو إرسالُ الله إياي إليكم أي: غافلون. في ﴿أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾ أي: غافلون . في قوله عزّ وجلّ: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴾  يعني: القرآن(ابن كثير،1999، 4/43)

وقال تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ۝ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴾ [النبأ: 1 ـ 2].

ولاشك بأنّ القرآن نبأ عظيم، فمنذ إيجاد البشرية، وتكوينها، ما رأتْ ولا سمعتْ بمثل هذا القرآن العظيم، فهو عظيمٌ في أسلوبه، وعظيمٌ في روعته، وعظيمٌ في معناه، وعظيمٌ في جمال تركيبه، وعظيمٌ في وعده ووعيده، وعظيم في أحكامه، وعظيمٌ في أمره ونهيه، وعظيمٌ في أخباره وقصصه وأمثاله.(الدوسري،2005، ص162)

2 ـ البلاغ:

قال تعالى: ﴿هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم: 52].

فلمّا بين البيان المبين في هذا القرآن قال في مدحه: ﴿هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ﴾، أي: يتبلّغون ويتزودون إلى الوصول إلى أعلى المقامات، وأفضل الكرامات ما اشتمل عليه من الأصول والفروع، وجميع العلوم التي يحتاجهـا العبـاد ﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾،  لما فيه من الترهيبِ من أعمال وما أعد الله لأهلها من العقاب.

3 ـ الروح:

قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى: 52].

والمعنى: ﴿وَكَذَلِكَ ﴾ حين أوحينا إلى الرسل قبلك ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾، وهو: هذا القرآن سمّاه روحاً، لأنّ الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين، لما فيه من الخير الكثير، وهو محض منة الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين، من غير سبب منهم؛ ولهذا قال تعالى ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي﴾ أي: قبل نزوله عليك  ﴿مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ﴾ : أي: ليس عندك علمٌ بأخبار الكتب السابقة، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية، بل كنت أمياً لا تخطُّ ولا تقرأ، فجاءك هذا الروحُ الذي ﴿جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ يستضيئون به في ظلمات الكفر والبدع، والأهواء المردية، ويعرفون به الحقائق، ويهتدون به إلى الصراط المستقيم.

4 ـ الموعظة:

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [يونس: 57] يعني: القرآن يتعظ به من قرأه وعرف معناه.

يا أيها الناس قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية، الكاشفة عن محاسن الأعمال ومقابحها، المرغبة في المحاسن، والزاجرة عن المقابح.

قد جاءكم كتابٌ جامعٌ لكلّ المواعظ أو الوصايا الحسنة؛ التي تُصلح الأخلاق والأعمال، وتزجر عن الفواحش، وتشفي الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد، وتهدي إلى الحق واليقين والصراط المستقيم الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة.(الزحيلي،2003، 6/213)

فكفى بالقرآن واعظاً، وكفى بالقرآن زاجراً، وكفى بالقرآن هادياً ومُذَكّراً.

5 ـ الشفاء:

سمّى الله عزّ وجلّ القرآن العظيم شفاءً في ثلاثة مواضع من كتابه، وهي:

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ﴾[يونس: 57]. أي: دواء للقلوب من أمراضها التي هي أشدُّ من أمراض الأبدان، كالشك، والنفاق، والحسد، والحقد، وأمثال ذلك.

وقال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82] فالقرآن كله شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين.(الدوسري،2005، ص175)

وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: 44].

فالقرآن الكريم شفاءٌ من أمراض القلوب والنفوس والجوارح، وأمراض السياسة والاقتصاد والحياة والحضارة، وغيرها من أمراض العصر، فمن عظمة القرآن الكريم، وعلوِّ شأنه، وعظمةِ تأثيره: أنَّ فيه الشفاء الكامل لأمراض الاعتقادات الباطلة، والأخلاق المذمومة، والأمراض الجسدية، وشفاؤه يمتدّ كذلك إلى الأمراض المعاصرة المزمنة؛ لو أخذ الناسُ بتعاليمه وأدويته النافعة فعملوا بها.

6 ـ أحسن الحديث:

قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: 23]. يعني: أحكم الحديث، وهو القرآن، وأحسن الكتب المنزلة من كلام الله، هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن، عُلِمَ أنَّ ألفاظَه أفصحُ الألفاظ وأوضحُها، وأن معانيه أجلُّ المعاني، لأنه أحسنُ الحديث في لفظه ومعناه، متشابه في الحسن والائتلاف، وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه، حتى إنّه كلّما تدبّره المتدبر، وتفكّر فيه المتفكر، رأى من اتفاقه، حتى في معانيه الغامضة ما يبهرُ الناظرين، ويجزم بأنّه لا يصدر إلا من حكيم عليم.(الدوسري،2005، ص178)

وقد سُمّي القرآن حديثاً في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى، منها: قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 185]. وقوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]. وقوله تعالى: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴾ [النجم: 59]. وقوله تعالى: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ﴾ [القلم: 44].

وكون القرآن العظيم أحسن الحديث على الإطلاق، وأحسن الكتب المنزلة من كلام الله تعالى، من حيث فصاحة ألفاظه ووضوحها، وجلالة معانيه وكثرتها ونفعها؛ دلّ ذلك على عظمته، وعلوِّ شأنه ورفعته.(الدوسري، 2005، ص179)

مراجع البحث:

علي محمد الصلابي، الإيمان بالقرآن الكريم والكتب السماوية، المكتبة العصرية للطباعة والنشر،1432ه-2011م ص 26-30

ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار طيبة، الرياض،  1999

وهبة الزحيلي، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر،بيروت، 2003

محمد بن أحمد صالح الدوسري، عظمة القرآن الكريم، دار ابن الجوزي، السعودية، 1426ه-2005م

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى