لا تناقشهم بالقرآن.. كيف؟!
بقلم خبّاب مروان الحمد
بين أظهرنا فئة تقول: إذا أردتَ محاججة الملحد أو أصحاب الأديان الباطلة؛ فلا تناقشهم بالقرآن؛ لأنّهم لا يؤمنون به؛ بل ناقشهم بالأفكار العقلية.
وهذا القول باطل من أوجه:
1- أن الله تعالى حثّنا على مناقشة الآخرين بكتاب الله فقال: {فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً} فالضمير في (به) يعود على القرآن كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
وأصل مجاهدتهم الاحتجاج بآي القرآن لأنّ آياته فيها قوة تأثير ودقة معنى وبلاغة خطاب أكثر من خطابنا نحن؛ فهي مع عرضها بشرحٍ وتفصيل وتبيين لتستقر في القلب معانيها ممن يريد البحث عن الحقيقة .
2- أنّ القرآن غالب وما سواه مغلوب؛ ولهذا كان كثير من الكفار السابقين واللاحقين يعلمون قوّة تأثيره، وصدق مضامينه، ولكنهم يُحاولون إبعادنا عن مجادلتهم بالقرآن؛ ولهذا أخبر تعالى عنهم أنهم: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}.
3- على فرض عدم إيمانهم بالقرآن وأنّه كتاب مُنزّل من عند الله، فبالإمكان أن يفهم المرء ما توحيه الآية من معانٍ، ويقرأ تفسيرها وشرحها؛ ثم ينثرها على لسانه أثناء مخاطبته غيره، دون أن يقول أنها من كتاب الله، فالقرآن لم ينزل للذكرى والبشرى فحسب، بل فيه فكرة وعبرة، ولهذا خاطب الله فيه بمئات الآيات؛ العقول والأدمغة، ولم يكن خطابه يتعلق بالقلب والنفس الماكثة في جسد البشر، بل حُججه التي تُبهر العقول فيه كثيرة؛ ولأجله كان القرآن آية هذه الأمّة ومعجزتهم الخالدة التي تحدّى بها البشر.
4- تفحصُّت سبب إسلام فئة من غير المسلمين؛ فكان من أسباب ذلك: سماعهم آيات القرآن، وتلاوته ممن يحاورهم أو يناقشهم؛ فضلاً عن أن بعضهم لمجرد سماعه بالآية وفهم معناها يدخل هذا الدين، ولهذا كان من أعظم أسباب عصمة الدماء حين يستجير الكافر المحارب بالمسلم أن يسمع كلام الله ، كما قال تعالى: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتّى يسمع كلام الله ثمّ أبلغه مأمنه}، وقال سبحانه وتعالى: {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
5- في القرآن الكريم شمول لكثيرٍ من الأدلّة العقلية، ولكن ما يعقلها إلا العالمون، وفي هذا يقول الإمام ابن تيمية: “القرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها يعرف الصانع وتوحيده وصفاته وصدق رسله وبها يعرف إمكان المعاد ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح مالا يوجد مثله في كلام أحد من الناس بل عامة ما يأتي به حذاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها وبما هو أحسن منها قال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}”.
وقال الإمام ابن تيمية: ” منهم من يعرض عن تدبر القرآن وطلب الدلائل اليقينية العقلية منه لأنه قد صار في ذهنه أن القرآن إنما يدل بطريق الخبر فقط فلابد أن يعلم بالعقل قبل ذلك ثبوت النبوة وصدق الخبر حتى يستدل بعد ذلك بخبر من ثبت بالعقل صدقه”.
(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)