مقالاتمقالات المنتدى

كَيْفِيَةُ ضَبْطِ عُلومِ اللُّغَةِ وَالتَّمَكُّنِ فِيْهَا وَطَرِيْقَةُ تَنْمِيَتِهَا | الحلقة 1 (علم النَّحو)

إعداد الشيخ مروان الكردي

الْحَمْدُللهِ الَّذِي أَنْزَلَ كِتَابَهُ بَالعَرَبِيَّةِ الفَصِيْحَةِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتُّسِمَ بالبَيَانِ وَالقَرِيْحَةِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا تَلَألَأَ القَمَرَانِ، وَتَعَاقَبَ الْمَلَوَانِ، أَمَّا بَعْدُ.

فَالْمَنَاهِجُ لِتَعلُّمِ العَرَبِيَّةِ وَضَبْطِ عُلُومِهَا كَثِيْرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ كَثُرَ الإِلْحَاحُ لِإِبْدَاءِ رَأيي مِنَ الإِخْوَانِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْهُم مُجِدًّا، فَهذِهِ طَرِيْقَةٌ أرْسُمُهَا لَعَلَّهَا تُفِيْدُ بَعْضَ الإِخوَانِ، معَ اعتِرَافِي بِوجُودِ الخَلَلِ وَالغَفلَةِ وَالنِّسْيَانِ، وَاللهُ الْمُسْتَعَان.

فَفِي بَادِئِ ذِي بَدْإٍ أَوَدُّ أَنْ أُنَوِّهَ إِلَى أَمرٍ مُهِمٍ وَهُوَ كَوْنُ الْمَنَاهِجِ وَطَبِيعَتِهَا تَخْتَلِفُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى آخَرَ، كَمَا هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ وَالْمَلحُوظُ مِنْ أَقوالِ أَهْلِ العِلْمِ الْمُحَقِّقينَ، لِذَا قَالَ الإِمَامُ الشَّوْكَانِيُّ بَعْدَ أَنْ رَسَمَ خُطَّةً لِطَالِبِ العِلْمِ فِي تَحْصِيْلِ العُلُومِ: “هذَا بِاعتِبَارِ هذِهِ الدِّيَارِ اليَمَنِيَّةِ إِذَا كَانَ طَالِبُ العِلْمِ فِيْهَا، لأَنَّهُ يَجِدُ شُيُوْخَ هذِهِ الْمُصَنَّفَاتِ وَلَا يَجِدُ شُيُوخَ غَيْرِهَا مِنْ مُصَنَّفَاتِ النَّحوِ إِلَّا بِاعتِبَارِ الوجَادَةِ([1])، لَا بِاعتِبَارِ السَّمَاعِ، فَإِذَا كَانَ نَاشِئًا فِي أَرْضٍ يَشْتَغِلُونَ فِيْهَا بِغَيْرِ هذِهِ الْمُصَنَّفَاتِ، فَعَلَيْهِ بِالِاشتِغَالِ بِمَا اشْتَغَلَ بِهِ مَشَايخُ تِلْكَ الأَرْضِ مُبْتَدِئًا بِمَا هُوَ أَقْرَبُهَا تَنَاولًا، مُنْتَهِيًا إِلَى مَا هُوَ النِّهَايَةُ للْمُشْتَغِلِينَ بِذَلِكَ الفَنِّ فِي ذلِكَ القُطْرِ.”([2]).

فَلِذلِكَ مِنَ الأَمْثَلِ أَنْ يَقْتَفِيَ الطَّالِبُ أَثَرَ مَنْ سَبَقَهُ فِي الْمَنهَجِيَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ، لأَنَّ كُلَّ بَلْدَةٍ تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الكُتُبِ وَأَقبَلَ أَهلُهَا عَلَيْهِ وَلَا تَرَاهُ مُشْتَهِرًا فِي بَلْدَةٍ أُخرَى، مَا دَامَ الأَمْرُ كَذلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَّبِعَ فِي الْمَنْهَجِيَّةِ للدِّرَاسَةِ عِنْدَ الشُّيوخِ طَرِيْقَةَ مَنْ سَبَقَهُ فِي اختِيَارِ الكُتُبِ الْمُقَرَّرَةِ فِي بِلَادِهِ، لأَنَّ تِلْكَ الكُتُبَ لَهَا شُروحٌ وَحَواشٍ وَتَعلِيقَاتٌ مِنْ قِبَلِ عُلَمَاءِ بَلَدِهِ، وَمَا دَامُوا اشتَغَلُوا بِهَا لِمُدَّةِ سِنِينَ طِوَالٍ تَجَمَّعَتْ لَدَيْهِمْ خِبرَةٌ بِهَا وَلَهُم مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ بِهَا وَبِشُروحِهَا وَحَواشِيْهَا، فَصَارَ الغَامِضُ عِنْدَهُم وَاضِحًا بَيِّنًا، وَالْمُشْكِلُ سَهْلًا يَسِيْرًا، وَبِهَذَا يُقَرَّبُ لَهُ القَاصِي البَعِيْدُ وَيُسَهَّلُ لَهُ الشَّاقُّ العَنِيدُ.

أَمَّا نحْنُ هُنَا فَنَسْتَطِيْعُ أَنْ نُشِيْرَ إِلَى كُتُبٍ مُهِمَّةٍ للدِّرَاسَةِ الْمُمَنْهَجَةِ وَعَلَى القَارِئِ الكَرِيْمِ أَنْ يَقِيْسَ عَلَى تِلْكَ الكُتُبِ مَا يُسَاوِيْهَا فِي بَلَدِهِ([3]).

عِلْمُ النَّحْوِ

لَا نَتَكَلَّمُ عنْ فَضْلِ هذِهِ العُلُومِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنْهُ فِي كِتَابِ: (رَفْعِ الشَّجو عَنِ اللُّغَةِ وَالنَّحوِ) لَعَلَّ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُيَسِّرَ إِخْرَاجَهُ وَطَبْعَهُ، أَمَّا هُنَا فنَكْتَفِي بِذكْرِ مَنْهَجِيَّةِ ضَبْطِ هذِهِ العُلُومِ وَتَنْمِيَتِهَا([4]).

الْمَرْحَلَةُ الأُوْلَى: ضَبْطُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالقَوَاعِدِ:

الدِّرَاسَةُ عِنْدَ الشُّيوخِ([5]):

عَلَى الطَّالِبِ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي هذِهِ الْمَرْحَلَةِ لِهذَا العِلْمِ وَللعُلُومِ الأُخرَى بالكُتُبِ الْمُخْتَصَرَةِ فَالْمُطَوَّلَةِ عَلَى سَبِيْلِ التَّدَرُّجِ، وَالكُتُبُ الْمُقَرَّرَةُ هِيَ:

  • العَوَامِلُ للإِمَامِ عَبْدِالقَاهِرِ الجُرجَانِيِّ([6]): خِلَالَ هذَا الْمَتْنِ الْمُخْتَصَرِ الْمُفيدِ يَتَعَرَّفُ الطَّالِبُ عَلَى مَعْرِفَةِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ضَرورِيَّةٍ، وَهِيَ: العَامِلُ وَالْمَعمُولُ وَالعَمَلُ.
  • التُّحْفَةُ السَّنِيَّةُ للشَّيْخِ مُحَمَّد مُحيي الدِّيْنِ.
  • الأُنمُوذَجُ([7]) لِجَارِ اللهِ الزَّمَخْشَرِيِّ، أَوِ الهِدَايَةُ فِي النَّحوِ الكِتَابُ الْمَنسُوبُ إِلَى أَبِي حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيِّ.

أَمَّا بالنِّسْبَةِ إِلَى شَرْحِ الأَردَبِيْلِيِّ عَلَى الأُنمُوذَجِ، فَأَنَا لَا أَختارُهُ حَسَبَ عِلْمِي القَاصِرِ، وَفِي الْمَتْنِ كِفَايَةٌ وَالشَّيْخُ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُمْلِيَ شَرْحَ الأَردَبيلِيِّ وَزِيَادَةً عَلَيْهِ بِمُدَّةٍ يَسِيْرَةٍ مُقَارَنَةً بِقِرَاءَةِ الشَّرْحِ وَالتَّعليقِ عَلَيْهِ، فَفِي قِرَاءَةِ الْمَتْنِ يَرْجِعُ وَقْتٌ كَثِيْرٌ للطَّالِبِ وَللشَّيْخِ مَعًا.

  • الإِظْهَارُ للبركَوِيِّ: هذَا الكِتَابُ مُهِمٌّ جِدًّا وَهُوَ عَلَى مِنوَالِ عَوَامِلِ الجُرجَانِيِّ، لِأَنَّ كُتُبَ النَّحوِ إِمَّا مَوضُوعٌ أبوَابُهُ عَلَى الأُسلُوبِ الَّذِي كُتِبَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الكُتُبِ النَّحويَّةِ، وَهُوَ تَقْسِيْمُ الكِتَابِ إِلَى الثُّلاثِيَّةِ الْمَشهورَةِ (الِاسمِ وَالفِعْلِ وَالحَرْفِ) (أَعْنِي الكَلِمَةَ وَأَقْسَامَهَا) ثُمَّ يَأتِي الْمُصَنِّفُ بِمَا لَهُ عَلَاقَةٌ بِهَا، وَإِمَّا قُسِّمَ عَلَى التَّرتيبِ الإِعرَابِيِّ الْمَشهُورِ: (الْمَرفُوعَاتِ، وَالْمَنصُوبَاتِ…)([8]).

أَمَّا الإِظهَارُ فَإِنَّهُ رُتِّبَ عَلَى طَرِيقَةِ العَوَامِلِ وَمَعْرِفَتِهَا، فَهُوَ يَكُونُ تَأصِيْلًا لِمَا قَرَأتَهُ وَدَرَستَهُ مِنَ العَوَامِلِ الْمائَةِ للجُرجَانِيِّ، وَيُساعِدُكَ للولُوجِ فِي هَذَا التَّرتيبِ العَامِلِيِّ الَّذِي يُعَدُّ جَانِبًا ضَرورِيًّا مِنْ عِلْمِ النَّحوِ.

  • الكَافِيَةُ لِابنِ الحَاجِبِ: هَذَا الكِتَابُ يُعَدُّ خُلَاصَةً عَجِيْبَةً لِمَسَائِلِ النَّحوِ فَمَنْ ضَبَطَهُ وَضَبَطَ شَرحًا عَلَيْهِ كَشَرْحِ الرَّضِيِّ([9]) فَلا يَكُونُ بِحَاجَةٍ إِلَى كِتَابٍ آخَرَ، وَالكِتابُ مَخدُومٌ وَعَلَيْهِ شُرُوحَاتٌ وَحَوَاشٍ مَا بينَ مُخْتَصَرٍ وَمُطَوَّلٍ، وَالأَشْهَرُ شَرْحُ الرَّضِي وَشَرْحُ الجَامِيِّ، فَالأَخِيرُ عَلَيْهِ حَواشٍ كَثِيْرَةٌ وَاهتَمَّ بِهِ الكُردُ وَالفُرْسُ وَالتُّرْكُ وَالهِندُ وَمَا جَاورَ هذِهِ الْمَنَاطِقَ.
  • شَرْحُ السُّيُوطِيِّ عَلَى الأَلفِيَةِ: شَرْحُ السُّيُوطِيِّ شَرْحٌ غَزِيرٌ يَحتَوِي عَلَى دَقَائِقِ النَّحْوِ وَأُسلُوبُهُ قَوِيٌّ مَتِيْنٌ للغَايَةِ وَيَجْنَحُ إِلَى الصُّعُوبَةِ فِي أَكثَرِ الأَوقاتِ، لأَنَّهُ أَقْبَلَ عَلَى الإِيجَازِ فِيْهِ كَثِيْرًا، وَإِذَا ضَبَطَ الطَّالِبُ هذَا الكِتَابَ وَقَفَ عَلَى مَبَاحِثِ النَّحوِ وَجُمْلَةٍ مِنْ أَبوَابِ التَّصرِيْفِ وَسَاعَدَهُ أَيضًا فِي فَهْمِ الكُتُبِ الأُخرَى بِسُهُولَةٍ لِصُعوبَةِ تَرَاكِيْبِهِ وَنِهَايَتِهِ فِي الإِيجَازِ فِي مَوَاطِنَ كَثِيْرَةٍ([10]).

وَبَقِيَ لَنَا أَنْ نُشِيرَ إِلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ وَهُوَ انتِشَارُ كُتُبِ الإِمَامِ العَلَّامَةِ ابنِ هِشَامٍ بينَ الطَّلَبَةِ، مَا دَامَ أَنَّ هذِهِ الكُتُبَ لَقِيَتْ قَبُولًا حَسَنًا وَصِيْتًا بينَ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ، مِنْ حَقِّهَا أَنْ نُنَبِّهَ إِلَى أَنَّ مَنْ أرادَ الإِقبالَ عَلَى كُتُبِ ابنِ هِشَامٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدرُسَ بَعْدَ الأُنموذَجِ القَطْرَ ثُمَّ الشُّذُورَ ثُمَّ الْمُغنِي ثُمَّ شَرْحَهُ عَلَى الأَلفيةِ، وَبِذلِكَ يَكُونُ قَدْ ضَبَطَ القَوَاعِدَ وَانتهَى مِنْ مَرْحَلَةِ الدِّرَاسَةِ عِنْدَ الشُّيوخِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ.

الدِّرَاسَةُ الفَردِيَّةُ:

هذِهِ الْمَرحَلَةُ مُهِمَّةٌ للغَايَةِ وَقَدْ يُهْمِلُهَا كَثيرٌ مِنَ الطُّلَّابِ، وَبذلِكَ الإِهمَالِ يُحْرَمُونَ مِنْ خَيرٍ كَثيرٍ وَعلمٍ غَزِيْرٍ، لأَنَّ فِي بُطُونِ الكُتُبِ فَوَائِدَ وَمعلُومَاتٍ وَتَحقِيقَاتٍ لَا يَستطِيعُ الشَّيخُ الْمُدرِّسُ أَنْ يُوافِيْكَ بِهَا، فَلِذلِكَ يَنْبَغِي للطَّالِبِ أَنْ يُمْعِنَ النَّظَرَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ مِنْ أُمَّهَاتِ كُتُبِ اللُّغَةِ، فَمِنْ أَهَمِّ الكُتُبِ الَّتي نَنْصَحُ بِهَا:

  • الكِتَابُ لِسِيْبَوَيْهِ (ت:180هـ): هَذَا الكِتَابُ لَيْسَ بِحَاجَةٍ إِلَى التَّوصِيْفِ وَذِكْرِ الْمَزَايا، لأَنَّهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَشْتَهِرَ عَلَى لِسَانِي، وَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَظْهَرَ بِقَلَمِي وَبَيَانِي، وَلَكِنْ أَقُولُ: لَا بُدَّ لِكُلِّ مَنْ أَرادَ التَّمكُّنَ فِي العَرَبِيَّةِ أَنْ يُمْعِنَ النَّظَرَ فيهِ وَيَجْعَلَهُ أَنِيْسَهُ وَرَفِيْقَ دَرْبِهِ فِي هذَا الْمَيدَانِ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الطَّالِبَ بَعْدَ الوقُوفِ علَى القَواعِدِ وَالأُصُولِ وَالتَّعليلَاتِ النَّحويَّةِ فِيْهِ، تَقَعُ عَيْنُهُ عَلَى مِئَاتِ آياتٍ قُرآنِيَّةٍ وَكَذلِكَ يَظْفَرُ بِنَحوِ أَلْفِ بَيْتٍ شِعْرِيٍّ فِي استِشْهَادَاتِ الإِمَامِ، وَهذَا يُعَدُّ مِنْ مُميزَاتِ هذا السِّفْرِ العَظِيْمِ وَيَسْتَفِيدُ الطَّالِبُ مِنْ هذِهِ الكَثْرَةِ استِفَادَةً عَجِيْبَةً([11]).
  • الْمُقْتَضَبُ للْمُبَرَّدِ (ت:285هـ): إِنَّ هذَا الكِتَابَ مِنَ الكُتُبِ الْمُهِمَّةِ فِي النَّحوِ وَيَحْتَوِي عَلَى نُكُتٍ وَفَوَائِدَ مُهِمَّةٍ بِحَيْثُ لا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا، وَكَانَ هذَا الكِتَابُ عِبَارَةً عَنْ مَجهُودَاتِ الْمُبَرَّدِ اللُّغَويَّةِ وَتَحصِيلَاتِهِ فِيْهَا لأنَّهُ كَتَبَهُ فِي شَيْخُوخَتِهِ، وَقَدْ يأَتِي الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ الْمَذَاهِبِ وَيُرَجِّحُ بالدَّلِيْلِ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَوقاتِ وَيَرُدُّ عَلَى أَئِمَّةِ الشَّأنِ وَكَانَ قَوِيَّ الحُجَّةِ فِي أَكثرِ الأحَايينِ، وَقَدْ مَالَ إِلَى السُّهولَةِ واليُسرِ مُقَارَنَةً بالكُتُبِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَقَدْ أَسْمَى الأَبوابَ بِمَا يَدلُّ عَلَى الْمُرادِ فَورًا، بِخِلافِ كِتَابِ سِيْبَوَيْهِ، بِحَيْثُ لا يَعْرِفُ القَارِئُ مُرادَ البَابِ إِلَّا بَعْدَ الفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَةِ مَا تَحْتَهُ مِنَ الكَلامِ الْمَضمُونِ، وَلكِنْ مِنَ الصَّعْبِ أَنْ يَجِدَ الطَّالِبُ بُغْيَتَهُ فِي الْمُقْتَضَبِ إِلَّا بَعْدَ قَرَاءَتِهِ كُلِّهِ وَضَبْطِهِ ضَبْطًا كَامِلًا عِنْدَهُ بِفَهْرَسَةٍ جَيِّدَةٍ، لِأَنَّ الإِمَامَ لَمْ يُرَتِّبْهُ تَرتيبًا حَسَنًا كَالكُتُبِ الْمَعروفَةِ عِنْدَنَا اليومَ، وَمِنْ أَهَمِّ مُمَيزاتِ الكِتَابِ احتِوَاؤُهُ لِجَمْهَرَةٍ مِنَ الآياتِ القُرآنيَّةِ وَقَدْ يَصِلُ عَدَدُهَا إِلَى خَمْسِمَائَةِ آيَةٍ([12]).
  • الْمُفَصَّلُ للزَّمَخْشَرِيِّ(ت:467هـ) وَشَرْحَا ابْنِ يَعِيْشَ وَابنِ الحَاجِبِ: إِنَّ الْمُفَصَّلَ لَهُ أَهَميتُهُ وَدَوْرُهُ بينَ الكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي النَّحوِ وَالصَّرْفِ، وَقَدْ حَوَى جَمِيْعَ مَسَائلِ النَّحوِ وَالصَّرْفِ الاُصُولِيَّةِ مَعَ كَثِيْرٍ مِنَ الْمَسَائِلِ الفَرْعيَّةِ، وَقَسَّمَهُ صَاحِبُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: (الِاسمِ، والْفِعل،ِ وَالحَرْف،ِ مَا كَانَ مُشْتَرِكًا بينَ الثَّلاثَةِ)، وَقَدْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى الآياتِ القُرآنِيَّةِ وَالقِراءَاتِ وَالحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ في الِاستِشهَادِ وَبِهذَا قَوَّى مَذهَبَ الْمُستَشْهِدِينَ بالأحَادِيْثِ فِي الِاحتِجَاجِ اللُّغَوِيِّ، وَكِتَابُهُ يُعَدُّ مَوسُوعَةً ضَخْمَةً فِي عِلْمَي النَّحوِ وَالتّصرِيْفِ، وَالكِتَابُ بِحَاجَةٍ إِلَى دِقَّةِ النَّظَرِ وَالتأمُّلِ مَعَ الفَهْمِ الثَّاقِبِ لِإِدرَاكِ دُرَرِهِ وَيَوَاقِيْتِهِ، وَالأَمْرُ كَمَا قَالَ ابنُ يَعِيْشَ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِهِ لَهُ: “قَدْ جَمَعَتْ أُصُوْلَ هذَا العِلْمِ فُصُوْلُه، وَأُوْجِزَ لَفْظُهُ فَتَيَسَّرَ عَلَى الطَّالِبِ تَحْصِيْلُهُ، إِلَّا أَنُّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ضُرُوْبٍ مِنْهَا لَفْظٌ أَغْرَبَتْ عِبَارَتُهُ فَأَشْكَل، وَلَفْظٌ تَتَجَاذَبُهُ مَعَانٍ فَهُوَ مُجْمَل…”([13]). وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ فِي حَقِّهِ:[مِنَ الطَّوِيْلِ]

مُفَصَّلُ جَارِ اللهِ فِي الحُسْنِ غَايَةٌ = وَأَلْفَاظُهُ فِيْهِ كَدُرٍّ مُفَصَّلِ

  • شَرحُ الكَافِيَةِ للرَّضِي (ت:684 أوْ 686): هذَا الكِتَابُ مُهِمٌّ جِدًّا وَمُفيدٌ للغَايَةِ لأَنَّ صَاحِبَهُ يَأتِي بِدَقَائِقَ مِنَ الْمَسَائِلِ النَّحويَّةِ وَيَعْتَنِي بِجَمْعِ الآراءِ وَالتَّرجيحِ فِيْهَا، وَقَدِ انْفَرَدَ الْمُصَنِّفُ بِمَسَائِلَ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَقِيْلَ فِي حَقِّهِ بأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ كُلِّ كِتَابٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ كِتَابٌ يَنُوبُ عَنْهُ!

وَقَالَ عَنْهُ عَبْدُ القَادِرِ البَغْدَادِيُّ -صَاحِبُ الخزَانَةِ-: “وَهُوَ كِتَابٌ عَكَفَ عَلَيْهِ نَحَارِيرُ الْعُلمَاءِ، وَدَقَّقَ النَّظَرَ فِيهِ أَمَاثِلُ الْفُضَلَاءِ، وَكَفَاهُ مِنَ الشَّرَفِ وَالْمَجْد، مَا اعْتَرَفَ بِهِ السَّيِّدُ([14]) وَالسَّعْد([15])، لِمَا فِيهِ مِنْ أبحَاثٍ أَنِيْقَةٍ وَأَنْظَارٍ دَقِيْقَةٍ وَتَقْرِيْرَاتٍ رَائِقَةٍ وَتَوْجِيْهَاتٍ فَائِقَةٍ، حَتَّى صَارَتْ بَعْدَهُ كتبُ النَّحْوِ كَالشَّرِيْعَةِ الْمَنْسُوْخَةِ أَوْ كَالأُمَّةِ الْمَمْسُوْخَةِ.”([16]).

  • مُغْنِي اللَّبِيْبِ لِابنِ هِشَامٍ الأنصَارِيِّ (ت:761) مَعَ حَاشِيَةِ الدُّسوقِي وَشَرْحِ الدَّمَامِيْنِيِّ: إِنَّ كِتَابَ ابنِ هِشَامٍ هَذَا كِتَابٌ بَدِيعٌ فِي النَّحوِ، وَقَدْ تَرْجِعُ أَهميَّتُهُ إِلَى بَاعِ صَاحِبِهِ وَتَمَكُّنِهِ فِي اللُّغَةِ وَقَدْ أَودَعَ كِتَابَهُ مَسَائِلَ مُهِمَّةً وَفَوَائِدَ غَزِيْرَةً بِحَيْثُ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَسَعُ طَالِبَ النَّحوِ تَرْكُهُ وَلَا سِيَّمَا فِي الحُرُوفِ وَمَعَانِيْهَا وَعَمَلِهَا، وَقَدِ ابتَكرَ الْمُؤلِّفُ تَرتِيبًا آخَرَ غَيرَ مَا أَلِفَهُ العُلَمَاءُ فِي كُتُبِهِم كَمَا يَتَلَمَّحُ فِي الكِتَابِ، وَالأَجْمَلُ مِنْهَا تَطَرُّقُ الإِمَامِ للآيَاتِ القُرآنِيَّةِ وَتَفْسِيرِهَا تَفْسِيرًا لُغَويًّا بَدِيْعًا وَبَيَانِهِ لِمَا كَانَ مُشْكِلًا عَلَى بَعْضِ النَّاسِ.
  • هَمْعُ الهَوَامِعِ فِي شَرْحِ جَمْعِ الجَوَامِعِ للسُّيُوطِيِّ: يُمْكِنُ القَوْلُ بأَنَّ هذَا الكِتَابَ مُحَصِّلُ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمينَ وَالْمُتَأخِّرِينَ، وَقَدْ جَمَعَهُ مُصَنِّفُهُ مِنْ نَحوِ مَائَةِ مُصَنَّفٍ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ([17])، فَلِذَلِكَ لا يُمْكِنُ تَرْكُهُ وَإِهْمَالُهُ.

الْمَرْحَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَرْحَلَةُ التَّطْبِيْقِ:

هذِهِ الْمرْحَلَةُ مِنَ الْمَرَاحِلِ الْمُهِمَّةِ وَقَدْ يَكونُ جُهدُ الطَّالِبِ كُلُّهُ لأَجْلِهَا وَتَحْصِيْلِهَا، وَإِذَا رامَ التَّطبيقَ فَعَلَيْهِ بِهذِهِ الأُمُورِ:

  • القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ إِنْ ظَفَرَ بِهِ وَسَرْدُ الكِتَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ، لأَنَّ الشَّيخَ يُقَوِّمُ لَهُ لِسَانَهُ وَيُصَوِّبُ لَهُ أَخْطَاءَهُ، وَبِهذَا يَضْبِطُ مَا يَقْرَأُ.
  • قِرَاءَةُ الكُتُبِ الَّتِي تُسَاعِدُهُ عَلَى التَّطبيقِ، وَيَبْدَأُ بالكُتُبِ السّهْلَةِ الَّتِي تَقْتَصِرُ عَلَى الإِتيانِ بِالجُمَلِ وَإِعْرَابِهَا، وَهذَا يَبْدَأُ بِهِ مِنَ البِدَايَةِ إِلَى وَقْتِ إِنْهَاءِ التُّحْفَةِ السَّنِيَّةِ أَوِ الأُنموذَجِ حَسَبَ ذَكَاءِ الطَّالِبِ وَقُوَّةِ إِدْرَاكِهِ.
  • إِذَا انتَهَى مِنَ التُّحْفَةِ أَوِ الأُنمُوذَجِ يَشْرَعُ فِي كُتُبِ إِعْرَابِ القُرآنِ الكَرِيْمِ، وَإِذَا اخْتَارَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمينَ وَكِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْمُتَأَخِّرينَ كَانَ حَسَنًا، وَلا بُدَّ مِنَ الِاعْتِنَاءِ بالكُتُبِ التَّفسيريَّةِ الَّتِي تَعْتَنِي باللُّغَةِ وَالإِعْرَابِ كَـ(البَحْرِ الْمُحيطِ لأَبِي حَيَّانَ) وَغَيْرِهِ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الكُتُبِ الَّتي اعْتَنَتْ بِشَرْحِ الشَّوَاهِدِ وَإِعرَابِهَا كَشَوَاهِدِ كِتَابِ سِيْبَوَيْهِ وَمُغْنِي اللَّبِيْبِ وَابنِ عَقِيْلٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الكُتُبِ.
  • السَّمَاعُ إِلَى كَلَامِ الفُصَحَاءِ والبُلَغَاءِ وَمُتْقِنِي اللُّغَةِ، وَأَنْصَحُ بِالشَّيْخِ الدُّكتورِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الخَالِقِ القَرنِيِّ، وَهُوَ مُتْقِنٌ لِمَا يَقُولُهُ قَلَّ أَنْ تَجِدَ لَهُ لَحنًا.
  • الكِتَابَةُ وَعَرْضُهَا عَلَى شَيْخٍ مُتْقِنٍ لِيُصَحِّحَ لَكَ مَا أَخْطَأتَ فِيْهِ، وَبِهَذَا يَسْهُلُ عَلَيْكَ التَّطبيقُ شَيْئًا فَشَيْئًا.

تَحْضِيْرُ الْمُحَاضَرَةِ وَالخُطْبَةِ اِرْتِجَالًا وَتَسْجِيْلُهَا وَالِاستِمَاعُ إِلَيْهَا بِإِمْعَانٍ وَتَذَاكُرُ القَوَاعِدِ وَالأُصُولِ الَّتِي مَرَّتْ عَلَيْكَ، ثُمَّ الْمُقَارَنَةُ بينَ كَلَامِكَ وَالقَوَاعِدِ حَتَّى تُصَحِّحَ الأَخْطَاءَ إِنْ وُجِدَتْ، وَبِهَذَا تُقَوِّمُ لِسَانَكَ فِي الكَلامِ.

([1]) يَعْنِي بِهَا التَّحْصِيْلَ الذَّاتِيَّ.

([2]) أدَبُ الطَّلَبِ وَمُنْتَهَى الأرَبِ للشَّوكَانِيِّ، ص: (190-191)، ت: عبدالله السريحي، ط: دار ابن حزم -بيروت- ط:2/1435هـ.

([3]) وَالْمُشكِلَةُ أَنَّ الدِّرَاسَةَ الْتَّأصِيْلِيَّةَ بَادَتْ بِالِانقِرَاضِ فِي كَثيرٍ مِنَ الدُّوَلِ، فَلَا تَكَادُ تَجِدُ يُشْرَحُ سِوَى كُتَيباتٍ صَغِيْرَةٍ لَا تَصِلُ إِلَى الْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي الدِّرَاسَةِ، فَإِذَا كَانَ الحَالُ هَكذَا يَسْتَطِيْعُ الطَّالِبُ أَنْ يَسْتَعِيْنَ بالأَشْرِطَةِ وَالشُّرُوحِ الْمُسَجَّلَةِ. واللهُ الْمُسْتَعَانُ.

([4]) أَنَا لَا أَدَّعِي ضَبْطَ هذِهِ العُلُومِ وَإِتقَانَهَا، وَلا زِلتُ طَالِبًا مُبْتَدِيًا، وَلكِنْ أَعرِفُ طَرِيْقَ الوصُولِ إِنْ لَمْ أَصِلْ بِنَفْسِي، فَهذِهِ هِيَ حَقِيْقَةُ الأَمْرِ!

([5]) يَجُوزُ كَسْرُ الشِّيْنِ فِي (الشّيوخِ) علَى لُغَةٍ.

([6]) وَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ لَم يَدْرُسْ شَيْئًا فِي النَّحْوِ سَابِقًا، فَيَحْسُنُ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَتْنِ الآجُرُّوميَّةِ أَوَّلًا، لأَنَّ العَوَامِلَ قَدْ يَكُونُ صَعْبًا عَلى مَنْ لَمْ يَتَعَرَّفْ عَلَى بَعْضِ القَوَاعِدِ سَابِقًا، لأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي العَمَلِ وَالأَثَرِ الإِعرَابِيِّ فَوْرًا دُونَ الْمَعْرِفَةِ بالْمَعْمُولِ وَأَنواعِهَا وَالتَّمييزِ بينَهَا، فَالطَّالِبُ يَكُونُ بِحَاجَةٍ إِلَى بَعْضِ الْمَعلُومَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لِفَهْمِهَا، فَعلَى الأَقَلِّ لَا بُدَّ أَنْ يُمَيِّزَ بينَ الِاسمِ وَالفِعْلِ وَالحَرْفِ مَثَلًا. فَدِرَاسَةُ كِتَابِ العَوَامِلِ للطَّالِبِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ شَيْئًا قَدْ جَرَّبْنَاهُ وَرَأَيْنَا صُعُوبَتَهُ عَلَى الطُّلَّابِ، وَللأَسَفِ الشَّدِيْدِ لَا يَزَالُ مَنْ يُدَرِّسُ هَذَا الكِتَابَ لِمَنْ يَدْخُلُ فِيْهِ وَيَخْرُجُ كَمَا دَخَلَ دونَ فَائِدَةٍ تُذْكَرُ.

([7]) قِيْل بأَنَّ الأُنمُوذَجَ لَيْسَ فَصِيْحًا وقَدْ عَدَّ ابنُ الحَنْبَلِيِّ استِخدَامَهَا لَحنًا وَقَالَ في: (سَهْمِ الأَلْحَاظِ فِي وَهْمِ الأَلْفَاظِ) (ص:25) (الوَهْمُ الثَّانِي): “وَمِنْ ذَلِكَ: (الأُنْمُوْذَجُ). فَفِي القَامُوسِ: النَّمُوذَجُ، بِفَتْحِ النُّونِ: مِثالُ الشَّيْءِ، مُعَرَّبٌ. وَالأُنْمُوذَجُ لَحْنٌ. وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ سَبَقَهُ كَصَاحِبِ الْمُغْرِبِ حَيْثُ قَالَ: النَّمُوذَجُ، بِالفَتْحِ، وَالأُنْمُوْذَجُ، بِالضَّمِّ: تَعْرِيْبُ نَمُوذَه. وَكَالتَّفْتَازَانِيِّ حَيْثُ جَزَمَ فِي مَبَاحِثِ الفَصَاحَةِ مِنْ شَرْحِ المِفْتَاحِ بِأَنَّ الأُنْمُوذَجَ مُعَرَّبُ “نَمُوذَه” أَوْ “نَمُودَار” مُقِرًّا لِلسَّكَّاكِيِّ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي مِفْتَاحِهِ”.ا.هـ.

وَقَالَ صَاحِبُ: (الْمِصبَاحِ الْمُنيرِ) (2/625): “(ن م ذ ج): الْأُنْمُوذَجُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِفَةِ الشَّيْءِ. وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَفِي لُغَةٍ: نَمُوذَجٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالذَّالِ مُعْجَمَةً مَفْتُوحَةً مُطْلَقًا. قَالَ الصَّغَانِيُّ: النَّمُوذَجُ مِثَالُ الشَّيْءِ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَعْرِيبُ نَمُوذَهْ. وَقَالَ: الصَّوَابُ النَّمُوذَجُ لِأَنَّهُ لَا تَغيِيرَ فِيهِ بِزِيَادَةٍ.” ا.هـ.

([8]) وَمِنْهُم مَنْ يَجْنَحُ إِلَى تَرْتِيْبٍ آخَرَ كَابنِ هِشَامٍ فِي مُغْنِي اللَّبِيْبِ.

([9]) لِهذَا الشَّرْحِ عِدَّةُ طَبَعَاتٍ، وَعَلَيْهِ حَوَاشٍ كِحَاشِيَةِ الشَّريفِ الجُرجَانِيِّ، وَقَدْ قَامَ عَبْدُ القَاهِرِ البَغْدَادِيُّ بِشَرْحِ شَوَاهِدِهِ شَرْعًا عَجِيْبًا رَائِعًا وَهِي مِنْ زُهَاءِ أَلْفِ بَيْتٍ، وَمِنْ تَحقِقَاتِهِ تَحْقِيقُ الأُستَاذِ عَبدِ السَّلامِ هَارونَ، طُبِعَ بِمكتَبَةِ الخَانجِيِّ فِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مَعَ جُزْئَي الفَهَارِس.

([10]) مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ يُقَابِلَ الطَّالِبُ شَرْحَ السُّيوطِيِّ بِشَرْحِ الأُشمُونِيِّ مَعَ حَاشِيَةِ الصَّبَّانِ، وَيَزِيدَ عَلَيْهِ مَا وَجَدَهُ فِي هذَا الكِتَابِ النَّفِيْسِ.

([11]) وَمَعَ هذَا فَإِنَّ فِي الكِتَابِ عُيوبًا كَالخَلْطِ وَعَدَمِ بَيَانِ عَنَاوِينِ الفُصُولِ وَطُولِهَا، وَهذَا يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ سِيْبَوَيْهِ لم يُنْهِ كِتَابَهُ وَوَافَتْهُ الْمَنِيَّةُ وَصَرَفَتْهُ عَنْ إِتْمَامِهَا، وَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى ذلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأتِ بالْمُقَدِّمَةِ فِي كِتَابِهِ، كَمَا لَا يَحْتَوِي عَلَى خَاتِمَةِ الإِنْهَاءِ، وَلكِنْ يَجِبُ أَنْ يُراعَى أَنَّ كِتَابَهُ أَوَّلُ مُصَنَّفٍ فِي الفَنِّ فلِذلِكَ مِنَ الطَّبِيْعِيِّ أَن يُوجَدَ بعضُ الخَلَلِ أَو شَيْءٌ مِنَ التَّقْصِيْرِ.

([12]) وَقَدْ تحَاملَ عَلَى كِتَابِ الْمُبَرَّدِ هذَا بعضُ النَّاسِ، وَهذَا لَم يكُنْ بِسَبَبِ النَّقْصِ وَالعَيْبِ فِي الكِتَابِ، بلْ كَانَ نَاتِجًا مِنْ كَونِ الرَّاوِي عَنْهُ ابنَ الرَّاوندِيِّ الْمُلحِدَ، وَهذَا ليسَ سِوَى تَعَصُّبٍ بارِدٍ وَمُجَانَبَةِ الحَقِّ وَالْمَيْلِ عَنْهُ!

([13]) شَرْحُ ابنِ يَعِيْشَ (1/39)، ط: دارُ الكُتبِ العلميَّةِ.

([14]) وَهُوَ السَّيِّدُ الشَّريفُ الجُرجَانِيُّ لَهُ عَلَى شَرْحِهِ حَاشِيَةٌ شَرَحَ بِهَا مُشْكِلَهُ وَبيَّنَ مُجمَلَهُ وَصَوَّبَ لَهُ أَخْطَاءَهُ.

([15]) وَهُوَ سَعدُ الدِّيْنِ التَّفْتَازَانِيُّ العَلَّامةُ البارِزُ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ وَالْمُطَوَّلِ.

([16]) خزَانَةُ الأدبِ للبَغْدَادِيِّ (1/3). ت: عبد السَّلامِ هارُون، ط: مكتبة الخانجي -القاهرة- الطبعة الرابعة 1418هـ. وَكَانَ الرَّضِيُّ شِيْعِيًّا وَقَدْ يَظْهَرُ تَشَيُّعُهُ فِي ضَرْبِ الأَمْثِلَةِ فِي ثَنَايا الكِتابِ فِي أَمَاكِنَ.

([17]) كَتَبَ السُّيوطِيُّ الْمَتْنَ (جَمْعَ الجَوَامِعَ) وَأَخَذَهُ مِنْ كِتَابِ: (التَّسْهِيْلِ لِابنِ مَالِكٍ) وَ(ارْتِشَافِ الضَّرَبِ) لِأبِي حَيَّانَ، ثُمَّ شَرَحَهُ بِهَمْعِ الهَوَامِعِ.

(منتدى العلماء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى