مقالاتمقالات مختارة

كيف ينظر الإعلام الصهيوني لغزة ؟

كيف ينظر الإعلام الصهيوني لغزة ؟

بقلم مصطفى أبو السعود

بكل فخرٍ واعتزازٍ، ولا أكونُ مبالغاً لو قلتُ إن غزة ذات الجغرافية الصغيرة تشغل حيزاً واسعاً وكبيراً من تفكير دولٍ كثيرة بكل أذرعها على امتداد الأرض، ليس لأنها كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش، أجمل أو أکبر أو أغنى، أو أرقى المدن، وليس لأن شاطئها أشد زرقة من شواطئ المدن العربية، إذن لماذا ؟ لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته، لأنها كابوسه، لأنها برتقال ملغوم، من هنا يكرهها العدو حتى القتل، ويخافها حتى الجريمة.

ولأنها كما قال درويش، نرى العدو الصهيوني وأذنابه يسعون لإغراق غزة في بحر الموت والحيرة والشك واليأس والتكذيب، وخاصة في الاعلام الذي يسير وفق رؤية أمنية عسكرية صهيونية، حيث يقوم مقام وزارة الحرب الصهيونية لكن بصيغة ناعمة ليس فيها اراقة دماء.

نقرأ ونسمع كل يوم أخبار من الإعلام الصهيوني حول قضايا حساسة، المصالحة، التهدئة، فتح المعابر واغلاقها ،وعدوان على غزة، مسيرة العودة، المنحة القطرية، الوقود القطري، صفقة تبادل اسرى جديدة، حتى أنك ما أن تفتح المواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي حتى تشعر بالحيرة أي الأخبار تصدق وأيها تكذب؟

ففي نفس اللحظة تقرأ خبراً عن قضيةٍ ما، وبعده تقرأ خبراً ينفيه، وهذا يؤكد أن الاعلام الصهيوني يُدار ضمن فلسفة واحدة تسعى لتضليل الشعب الفلسطيني، وخلق حالة من اليأس في لديه مما يجري على الساحة الفلسطينية، وخلق نوع من الشك في القادة السياسيين بأنهم غير قادرين على قيادة السفينة الفلسطينية، وهذا الفلسفة تعزز فكرة أن نشر أخبار متناقضة ليس عملاً اعتباطياً، بل هو عمل مدروس بعناية فائقة يشارك فيه خبراء إعلام وعلم نفس وعلم اجتماع وعسكريون وساسة، وأنه لمن المؤسف أن نجد فينا من يصدقهم ،وهنا ينطبق قول الله عزوجل “وفيكم سماعون لهم”.

إن من أبرز القضايا التي تناولها الإعلام الصهيوني بقوة هي مسيرة العودة حيث انبرى للقول بأن مسيرة العودة قد جلبت الموت والدمار ورفعت فاتورة الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني من جرحى وقتلى وأرامل وثكالى وأيتام، وأن النتيجة صفر كبير، و بأن حماس تزج بأهل غزة في أتون المواجهات على الحدود لتحقيق مكاسب حزبية، وأن قادة المقاومة يرسلون أبناء الناس بينما أبناؤهم يلعبون ويلهون، وينشرون عن كل جمعة بأنها الجمعة الأخيرة من مسيرات العودة، ثم يروجون بأن حماس تحرم الشعب من خيراته وتنفقها على عناصرها وتنفقها على الأنفاق بينما الشعب لا يجد ما يأكله، وهذا جاء على لسان “أفيخاي أدرعي”، وخارجياً يحاول الاعلام الصهيوني الترويج أن غزة هي منبع الارهاب، وأن المقاومة تقتل الاطفال، وهذه محاولة لاستثارة تعاطف عالمي مع ما يقوم به الاحتلال ضد غزة، وتخفيف مستوى التعاطف مع غزة..

إن نظرة الاحتلال لغزة ليست جديدة، فقد قال اسحاق رابين رئيس وزراء الاحتلال الراحل (بأنه يتمنى أن يستيقظ ذات يوم ووجد غزة قد ابتلعها البحر) وهذا الشعور لا زال موجودا عند قادة الاحتلال، فغزة هي القلعة التي ترفض النوم في حظيرة المشروع الصهيوني، وترفض أن تتمايل أنثى عبرية على إيقاع النشيد الوطني الصهيوني في جغرافيتها، ولسان حالها يقول (لن نعترف بإسرائيل).

أخيرا : إن من الواجب علينا ألا نبالغ في تصديق أو تكذيب الاخبار القادمة من الاعلام العبري حتى لا نقع ضحيته.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى