كيف يمكن أن نرسم العلاقة بين الفقيه والدولة؟
س: الفقيه في الحضارة الإسلامية كان له دور مركزي ومحوري، الدولة الحديثة همشت هذا الدور، كيف يمكن أن نرسم العلاقة بين الفقيه والدولة؟
يجيب فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الريسوني:
طبعا الدولة القديمة أو الدولة الإسلامية والدول الإسلامية المتعاقبة بغض النظر عما أصابها من إشكالات وحتى انحرافات بقيت مرجعيتها هي الشريعة ومرجعيتها هي الفقه الإسلامي فإذاً هذا يجعل تلقائيا يجعل الفقيه عمدة في أي دولة إسلامية عباسية أو عثمانية أو أموية أو راشدة أو حتى حديثة، ما دام الفقه الإسلامي هو المرجعية وما دامت الشريعة الإسلامية هي المرجعية العليا فسيعتمد على الفقيه الذي هو الخبير في هذا المجال الذي هو يفتي ويجتهد وهو القاضي وهو المفتي وهو المحتسب وهو الوزير إلى آخره، اليوم لما صارت معظم الدول الإسلامية مرجعيتها قانونية فصار القانونيون حلوا محل الفقهاء فإذاً كيف نصلح العلاقة مع.. هذا يقتضي الدول أن تراجع، إن راجعت هذه القضية وأباحت وأتاحت للفقه أن يأخذ مكانه ولو بالتدريج فسيعود الفقهاء، أنا أتذكر أن بعض الدول الإسلامية التي أعلنت يعني قبل عشر سنوات أو عشرين سنة عن رجوع إلى تطبيق الشريعة الإسلامية هب حتى كثير من القانونيين الذين كانوا قضاة ومحامين وأساتذة جامعات في الحقوق تحولوا فجأة وفي شهور معدودة إلى فقهاء وبدل أن ينكبوا على المدونات القانونية بالعربية والإنجليزية والفرنسية وغيرها انكبوا على كتب الفقه وعلى المدونات الفقهية فإذاً قرار الدولة ومرجعية الدولة في القضاء وفي الحكم وفي التشريع وفي الاقتصاد هذا هو المحدد، هذه هي النقطة المحورية التي تنبني عليها مكانة الفقيه، اليوم مكانة الفقيه توجد في المجتمع بالدرجة الأولى أما مكانته في الدولة فهو أنه عنصر مساعد للدولة بحسب حاجتها وبحسب اعتمادها للأداة الشرعية والدينية في تدبير الأمور، ففي جميع الأحوال تبقى وظيفته ثانوية إلا بعض الاستثناءات القليلة جدا، فإذاً توجه الدولة ومرجعية الدولة هذا هو المحدد لمكانة الفقيه.
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)