مقالاتمقالات مختارة

كيف تسعى واشنطن لتصفية المقاومة الفلسطينية؟

كيف تسعى واشنطن لتصفية المقاومة الفلسطينية؟

بقلم خلدون زكريا مظلوم

تسعى الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترمب وفريقه للسيطرة على العالم بمجموعة قرارات ومشاريع قوانين ومراسيم خالفت في معظمها القانون الدولي والشرائع التي أجمعت عليها الدول عبر التاريخ من خلال الجمعية العامة والأمم المتحدة؛ لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وثوابتها المختلفة. ومنذ أن قرر ترمب الترشح للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بدأ حملته بوعود وقرارات معادية لك ما هو أخلاقي في القانون الدولي؛ لا سيما فيما يتعلق بـ “الصراع العربي الإسرائيلي” واتهام الأمم المتحدة بأنها منحازة ضد “إسرائيل” في القرارات التي اتخذتها قبل رحيل إدارة باراك أوباما ودخول إدارة ترمب؛ خاصة ذاك المتعلق بالاستيطان في الضفة الغربية المحتلة ووضعية ومكانة القدس ومقدساتها والمسجد الإبراهيمي في الخليل، وليس انتهاءً لمحاولته منع السلطة الفلسطينية من دخول منظمة “الإنتربول”.

بدأ ترمب بمدينة القدس المحتلة واعترف بها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ونقل سفارة واشنطن لها من تل أبيب في السادس من سبتمبر 2017، في الاعتراف الذي عارضه الاتحاد الأوروبي ودول العالم الحرة التي ما ارتضت الانصياع للتهديد والوعيد الأمريكي عبر سفيرة واشنطن منتهية الولاية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، ومخالفة تلك الإدارة للشرائع الناظمة للعلاقات الدولية ولو جزئيًا. وجاء بـ “صفقة القرن” التي لا تبقي ولا تذر من أعمدة وثوابت القضية الفلسطينية وتنهي حلم الدولة وتُثبت أركان الاحتلال امتدادًا لقمم الاستسلام التي بيعت فيها فلسطين التاريخية ووعد بلفور البريطاني.

واليوم، جاءت واشنطن لتلصق “الإرهاب” بالمقاومة التي تحاول تحرير شعبها من احتلال ما طال أمده حتى يومنا (70 عامًا) إلا بـ “فيتو” ومشاريع القوانين الأمريكية في الأمم المتحدة على مر السنين. وهي تطرح فرارها العدواني بعدوانية فظة بذات الأيام التي أصدرت فيه الجمعية العامة قرار تقسيم فلسطين وإنشاء “وطن قومي” للمستوطنين اليهود من شتى بقاع الأرض في أرض فلسطين الوقفية. ومشروع إدانة حركة ‏”حماس” في الأمم المتحدة، إن استطاعت واشنطن وتل أبيب تمريره اليوم، يعني أولًا تخلي المجتمع الدولي عن بند مهم وتشريع قديم في القانون الدولي وهو حق وشرعية المقاومة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال. وهذا يعني أن يصبح الاحتلال “مشروعًا” بكل ما يتسبب به من جرائم ومآسي وويلات للشعوب المحتلة.

وتعتبر إدانة حماس كـ حركة مقاومة فيها إدانة للشعب الفلسطيني برمته وكل فصائله تبدأ بـ حماس ولن تنتهي بـ ‏فتح، وحتى سيطال ذلك ‏منظمة التحرير أيضًا، ولا ننسى أن واشنطن أغلقت قبل فترة قصيرة ممثلية المنظمة في الولايات المتحدة. وفي مشروع الإدانة الذي تعكف واشنطن وتل أبيب على تقديمه للجمعية العمومية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تغطية كاملة على جرائم الاحتلال منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا وفي حال مروره لا نستبعد حربًا بتغطية وموافقة أوروبية ودعم أمريكي على قطاع غزة بدعوى تواجد ثقل حركة حماس في القطاع المحاصر منذ 12 عامًا.

ولاستيضاح الأمور في جوانب أخرى فإن تمرير القرار يعني؛ وسم الشعب الفلسطيني بـ الإرهاب، حيث أن شرعية الشعب جاءت أو كانت بداياتها من البندقية والمقاومة؛ ولقد لوحظ مدى وحجم استهداف فلسطين المحتلة منذ لحظة وصول دونالد ترمب والإدارة الأمريكية الجديدة للبيت الأبيض والحكم في واشنطن ابتداءً من منظمة التحرير الفلسطينية التي أوجدت السلطة فيما بعد، ومن قبل ذلك المشاريع الأمريكية التي حاولت تسييس سلاح المقاومة وتحويره وقلب أساس وجوده عبر ذريعة تسليح أمن السلطة وتدريبه عبر برنامج دايتون. وليس خفيًا أن الولايات المتحدة تُلاحق كل ما أقرته الأمم المتحدة من قرارات لصالح القضية الفلسطينية ومن ذلك قضية اللاجئين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، بالإضافة لمدينة القدس المُحتلة. تُرِيد واشنطن من هذا القرار، وهو من أهداف إدارتها الخبيثة، فرض رؤيتها المتطرفة على العالم، استمرارًا لمقولة جورج بوش الابن إبان الحرب على أفغانستان والعراق “من لم يكن معنا فهو ضدنا”.

ويعتبر القرار، الذي ما تجرأت على الحوار مع الدول العربية للتصويت لصالحه إلا لأن عددًا من الأنظمة العربية الرسمية هرولت إلى التطبيع مع الاحتلال وإنشاء علاقات اقتصادية وسياسية معه بزعم محاولة حلحلة القضايا المتعثرة في مفاوضات التسوية السياسية بين تل أبيب ورام الله، بمثابة الحرب على فلسطين والأمة العربية برمتها.. واعتداء على الحريات والقوانين الناظمة لها دوليًا. ومحاولة أمريكية لإنقاذ دولة الاحتلال التي كشفت مسيرات العودة وجولات القتال مع المقاومة على حدود قطاع غزة ضعفها وعدم تماسكها داخليًا.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى