مقالاتمقالات مختارة

كورونا القيم

كورونا القيم

بقلم د. ونيس المبروك

لا أحد منا يبخل بماله لأجل شراء «كمامة» تقيه من فيروس كورونا الذي قد يصيبه من سعال صديقه وأحب الناس إليه، ولكن هناك فيروسات أخلاقية وفكرية خبيثة انتشرت في فضائنا، ونادرا ما نغسل أيدينا منها، أو نضع كمامات للوقاية من فيروسها القاتل الذي يخرج من عطاس وسعال بعض القنوات وإعلامييها المأجروين!

إن كانت القيم الأخلاقية والاجتماعية لا تتجزأ، ولا تتأثر بالزمان والمكان ، فلماذا الغضب من بعض الإعلاميين الآن؟

ولماذا تتتسترون عليهم وتبررون لهم عندما كانوا يتبنون تصنيف شرائح المجتمع لطبقة دونية وطبقة راقية، مستخدمين خطاب السخرية والجهوية وصناعة الألقاب البذيئة والأوصاف التكفيرية والتبديعية «قرامطة».. ثم تفضحون مواقفهم وتنتقدونهم عندما سلطوا ألسنتهم المأجورة على شخصيات أو جماعة أو حزب أو مدينة ما؟

من منظور المبادئ والقيم الإعلامية -التي لا تتجزأ- ما الفرق بين خطاب فلان وفلان؟

نحن اليوم في أمس الحاجة لمؤسسات  تتبنى خطابا إعلاميا يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، يستر ولا يفضح، يعرض مناقب المجتمع، ومواطن القدوة، ومحاسن الشريعة فيبشر ولا ينفر، وييسر ولا يعسر، ويفتح مجالات الحوار حول قضايا الخلاف في موضوعية وأدب.

معركة الليبيين -بحسب قناعتي- هي معركة سياسية بين أنساب وأرحام ومسلمين، فيهم المخطئ والمصيب، والظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول ،وقد أحسن العرب والغرب توظيفها وتأجيجها ودعم أطرافها، وواجبنا أن نقول للمخطئ أخطأت، وللظالم ظلمت، ونرد عدوان القاتل بالنفس والمال وكل ما نستطيع.. ولكنها ليست بين كفار قريش وأصحاب بيعة الرضوان!

وعلينا أن نجعل للصلح والسلام مكانا، وأن نسعى لرأب الصدع،وتضميد الجراح ، وأن لا نسرف في العداوة والبغضاء والانتقام؛  فإن الله تعالى قال في محكم التنزيل {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ۚ وَاللَّهُ قَدِيرٌ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

فإن كانت هذه «المودة» المرجوة، وردت في الأعداء الذين أشركوا بالله وآذوا نبيه وحاربوه وأخرجوه وقتلوا مصعب ومثلوا بحمزة.. فكيف لا نرجو أن يجعل الله بيننا وبين أهلنا مودة، {والله قدير والله غفور رحيم}

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى