مقالات مختارة

كلمة إلى كل مظلوم مكلوم

بقلم مجاهد ديرانية

كتب إليّ أبٌ مفجوع يقول إنه فقدَ أسرته كلها في لحظة واحدة، عندما ضرب برميل متفجر بيته فهدمه على مَن فيه، فغدا بين لحظة ولحظة بلا بيت ولا زوجة ولا ولد. يقول إنه لن يهدأ قلبُه بين أضلعه ولن يهنأ بطعام ولا منام أبدَ الحياة، لأنه يخشى أن ينجو القاتلُ من العقاب.

يا أخي: نعم، قد ينجو قاتلُ بَنيك من عقاب الدنيا، ولكنْ هل ينجو من عذاب الآخرة؟ لو أن الدنيا هي المحلّ الحصري لقضاء الحقوق ورد المظالم وعقاب الظالمين، لصارت الحياة عذاباً لا يُطاق، لأننا نرى كيف ينجو كثير من المجرمين والجُناة فلا يكاد يصيبهم غير قليل من الأذى، أو أنهم يموتون ويخرجون من الدنيا سالمين؛ لم يعاقَبوا أقل عقاب. فأين العدل؟ أين قضاء الحقوق؟

لن نصل إلى الطمأنينة أبداً إلا إذا وثقنا بالله وبعدل الله، ولن نصل إليها إلا إذا آمنّا بأن الحقوق لن تُقضى كاملةً أبداً في الدنيا، إنما تُقضى كاملةً في الآخرة في محكمة الديّان.

هَبْ أن الثوار قبضوا على بشار السفاح حياً كما قبض أحرار ليبيا على سفّاحهم، ثم أطلقوا عليه رصاصة كالتي أطلقها أولئك على ذاك. هل تَرُدّ الرصاصةُ الحقَّ لمئات الألوف من المقتَّلين والمعذَّبين؟ أمَا إنهم لو قطّعوه قِطَعاً بالشفرات والسكاكين لما رَدّوا الحق لمعذَّب واحد استُشهد تحت التعذيب.

فاترك الأمر للديّان مالك يوم الدين. وما يومُ الدين؟ إنه يوم الحساب، يوم القضاء. في ذلك اليوم ينادي المنادي: {لمن المُلك اليوم؟} فيجيب المجيب: {لله الواحد القهار}. وماذا بعد؟ {لا ظلمَ اليوم}. في ذلك اليوم لا ظلم، أما اليوم -في الدنيا- فظلم وبغي وحق مهدور.

سلّمْ أمرك لله يا أيها الأخ الكريم، ولسوف يطمئن قلبُك بإذن الله وتطمئن قلوبُ المؤمنين في يوم الجزاء الأكبر. قل: يا الله، آمنت بك وفوّضت أمري إليك وتركت لك القضاء، فأفرِحْ قلبي وقلوبَ عبادك المؤمنين بالشهادة على يوم الدين، وأشهدنا يا رب تقلّبَ أولئك المجرمين في النار، وأسمعنا فيها صَريخَهم وعويلهم: {وهم يصطرخون فيها: ربّنا أخرِجْنا}، وأسمعنا يا رب جوابك: {فذوقوا فما للظالمين من نصير}. اللهم عذبهم عذاباً لا آخِرَ له ولا تخفيف: {لا يُقضى عليهم فيموتوا ولا يخفَّف عنهم من عذابها}، حتى يتمَنَّوا الموتَ ولا موت: {ونادَوا يا مالكُ ليقضِ علينا ربك. قال إنكم ماكثون}.

يومئذ تفرح يا أيها المحزون، يومئذ يفرح المؤمنون.

المصدر: موقع الأمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى