كان الله في عون أهل فلسطين
بقلم أ. محمد إلهامي (خاص بالمنتدى)
إنْ كان المرء ليحتار في تربية ولده وإصلاح زوجته وهو قادر عليهما.. فالمرء أشد حيرة في سياسة صديقه، وهو الندّ النظير الذي يكافئه!
فكيف إذا كان المرء يخوض حربا مع عدو متفوق مدجج بالسلاح وبالدعم الإقليمي والدولي، وهو مُحاصَر مقهور مجبور!!
لئن كان الغني يحتار في تدبير ماله، وفي صفقاته، وفي مغامراته التجارية.. فكيف يفعل الفقير الذي يدبر أمواله القليلة فيحسبها مائة مرة: ماذا يشتري وماذا يؤجل وعم يستغني؟!
لئن كان هذا.. فكيف حال القائد السياسي الذي يحسب حساب قراره، وهو يعلم أنه يوازن بين مقادير الخسائر في رعيته من رجاله وشعبه: شيوخهم ونسائهم وأطفالهم وأموالهم ومبانيهم؟!
فما أصعب القرار حين يكون حسابا في الدماء وفي الأهوال وفي الخراب الكبير!!
ثم يأتيك القاعد على هاتفه في مأمنه يقول لهم: افعلوا ولا تفعلوا!!
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم .. من اللوم، أو سدوا المكان الذي سدُّوا
ولا والله، لا أقترف إثم لومهم إذا أقدموا أو أحجموا، فإنما هم أهل الثغر، وهم أدرى بأنفسهم وشعابهم وطاقتهم، فمن ذا الذي يلوم الفقير في تدبير المال القليل؟!.. فوالله إن الرجال الذين يقاومون لهم أندر من المال ومن الذهب ومن الجواهر النفيسة!!
وآخر من يُنْظَر إليه أو يُعْتَبَر به، ناعق على حسابه أو زاعق في فضائية!!
ولئن كنتُ راجيا أهل فلسطين بشيء، فأن يُوَسِّعوا تدبيرهم وأنظارهم، وأن يراجعوا بعض ما صار ثابتا من طريقتهم.. فوالله إن أقصر الطرق إلى بيت المقدس هو الذي يبدأ من العواصم العربية!!
وسهمٌ في قلب نظام عربي هو كألف سهم في قلب المحتل!
وما بلغ المحتل بنفسه، مثل ما بلغ بهؤلاء الذين مَكَّنوا له وحرسوه، وجندوا موارد بلادهم ورجالها ليكونوا رجاله وخدمه وحرسه والساهرين على حمايته!!