مقالاتمقالات مختارة

قواعد منهجية في تفسير القرآن الكريم (2) (التجديد)

قواعد منهجية في تفسير القرآن الكريم (2) (التجديد)

بقلم د. محمد عياش الكبيسي

مراعاة حاجة الجيل في تطلعاته وتحدياته ومشكلاته وما يحقق استفادته العملية من القرآن الكريم في كل مجالات حياته، وهنا ينبغي ملاحظة الآتي:

1- ضبط بوصلة (التجديد) بالضوابط الشرعية و العلمية واللغوية، حتى لا ينقلب التجديد إلى (تحريف) كما حصل في الديانات السابقة، وكذلك لكي لا ينقلب التجديد إلى حالة من الفوضى وضياع الأصول والفروع.

2- مراعاة اللغة التي يفهمها هذا الجيل، من حيث المفردات، والصياغات، والأمثلة والشواهد ..الخ فالشباب غير المختص لم يعد قادرا على فهم لغة التراث، وصارت بعض كتب التفسير أكثر صعوبة عليه من فهم القرآن الكريم نفسه، وهذا لا يعني إهمال كتب التراث، فهي -لا شك- المصدر الثر للتجديد، والبناء المعرفي التراكمي، ولا غنى للمختصين عنها بحال.

3- تحصين الشباب بوجه الأفكار الوافدة التي تهدد عقيدتهم وهويتهم وأخلاقهم، فالشاب حينما يقرأ كتب التفسير القديمة يجد مثلا (الجهمية، والقدرية، والمشبهة، والمعطلة) ويقرأ مسائل مثل (زيادة الصفات على الذات) و(الفرق بين صفات المعاني والصفات المعنوية والصفات السلبية) ولا يجد فيها -وهذا أمر طبيعي- أي ذكر للمسائل والشبهات والأفكار التي يتعرض لها اليوم مثل (العلمانية، والليبرالية، والنسوية، والداروينية والباطنية الحديثة، والإلحاد الجديد).

4- الإجابة عن أسئلة الشباب في القضايا المعاصرة مثل: المشاركة السياسية، والدولة الحديثة وحقوق المواطنة وقضية المرأة وفقه العلاقة مع الآخر، وأوضاع الجاليات أو الأقليات الإسلامية في الغرب، والمستجدات الاقتصادية ..الخ.

5- إبراز المنظومة القيمية القرآنية في بناء الشخصية وبناء الأسرة والمجتمع والمؤسسات المدنية والعسكرية المختلفة، وقيم المجالات الواسعة في السياسة والاقتصاد والتربية والقضاء وأخلاقيات المهن المختلفة كالتجارة والصناعة والزراعة والطب ونحو ذلك، خاصة بعد شيوع حالة من الانبهار بمنظومة القيم الغربية، وحينما يرجع الشاب إلى كتب التفسير القديمة لا يكاد يجد هذه المنظومة إلا في تفسيرات مجزّأة وإشارات متباعدة.

6- مدّ الخطباء والدعاة بما يحتاجونه من خطاب قرآني معاصر، يتناسب مع الجمهور المتطلع إلى خطاب يلامس همومه ومشاكله وآلامه وآماله، ويحيي فيه ثقافة الشعور بالمسؤولية والثقة بإمكانياته وطاقاته.

إن عدم معالجة هذه القضايا وأمثالها هو الذي جعل كثيرا من شبابنا ينبهرون بالثقافات الغربية، أو بحركات التجديد المشبوهة والتي استغلت هذه الثغرة للنفاذ إلى عقول الشباب وقلوبهم.

إننا -باختصار- إذا كنا نعتقد بأن هذا القرآن -وكذلك السنّة- قد جاءا لكل الأجيال ولكل العالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فلا بد من مواكبة التدبر والفهم والاستنباط لحركة هذه الأجيال مهما اختلف حالها وزمانها ومكانها.

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى