مقالاتمقالات مختارة

قصة التصوف السياسي (1)

بقلم عنتر فرحات

في هذه العجالة نريد أن نتطرق لأكبر الحركات الإسلامية، والتي تعتبر أولها ظهورا، وهي الحركة الصوفية، وكيف استغلتها بعض الأطراف الداخلية والخارجية؛ لتكون جزءا من الفساد الذي تسلط على الأمة، وأن الصراعات التي رأيناها بين الحركات الإسلامية، ليس منشؤها إسلاميا بحتا، بل سياسيا محضا، وما سأكتبه ليس الحق المبين، وإنما هي وجهة نظر خاصة، وفكر متواضع، وبما أن الإسلام ألزمنا بالتفكير، فهذا ما يبدو لصاحب هذه الأسطر.

في قراءة سريعة لتاريخ الأمة الإسلامية، وفي كل فترة من فترات الضعف والتشرذم والانحطاط الشديد للأمة، وجدنا ذلك يرجع لِسَبَبَينِ رَئِيسَيْنِ.

1- حكم ظالم.

2- انتشار الخرافة (البعد عن الدين).

فكلما تسلل إلى السلطة حاكم ظالم، وكان ذلك بسبب فترات تراكمية توالت على الأمة؛ فليس أمام حاكمها -الذي تسلط وتجبر أو ضعف عن أداء واجباته- إلا إحدى طريقين للسيطرةِ المطلقة، وضمان بقائه في السلطة.

01: الملك الجبري (القبضة الأمنية).

02التضليل الديني. (شيوخ يجعلون منه إما متغلبا، وَظِلُّ الله في الأرض).

وتظهر هَاتِهِ الصفتان جَلِيَّة، منذ اسْتَهَلَّ العباسيون فترة حكمهم، فكانت بقتل أربعين ألفا من بني أمية، ثم الضغط وبقوة، خاصة على أئمة المسلمين الذين رفضوا تصرفات العباسيين، وخير مثال لذلك الإمام ابن أبي ذئب في المدينة، والأوزاعي في دمشق الشام.

وكان ما نصح به الخليفة أبو جعفر المنصور لِوَلِيِّ عهده، بعد أن استطاع التخلص (تصفية) من عمه، -يجب أن يهابك الجميع، من رعية وجند، وخاصة كبار العلماء-.

 تنبيه: لا تطلق كلمة (الإسلاميون) وإلا والمراد منها الحركات السياسية التي تحمل فكرا معينا، سواء كانت الغاية الوصول إلى السلطة، مثل: العلويين والعباسيين، أو كانت عبارة عن أفكار فقط مثل: الفكر الإرجائي، والمعتزلة.

 أما الحركات الإسلامية المعاصرة، فهي امتداد لتلك الحركات، فمثلا جماعة الدعوة والتبليغ، وإن لم تكن لها أي مآرب سياسية إلا أنها تعتبر حركة إسلامية، وتدخل ضمن هذه التسمية، وكذلك الأمر عند الطرق الصوفية، أما الحركات الجهادية، وجماعة الإخوان المسلمين، فأمرها بَيِّنٌ واضح، إضافة إلى أنهما أصحاب دعوة، ومع ذلك يجاهرون بأنهم  يريدون بناء نظام حكم معين.

هذا يبين لنا أن مصطلح (الإسلاميون) ليس وليد اليوم، أو ليس من مصطلحات قناة الجزيرة، كما يبدو للبعض، وإنما هو مصطلح امْتِدَاده، امْتِدَادَ أول حراك سياسي خرج عن الخلافة، أي من عهد أول فتنة نزلت بالخلافة -فتنة الدار-، ويكفي أن نُدَلِّلَ على ذلك بأن الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه المتوفي (324هـ) صاحب كتاب الإبانة، له مؤلف عظيم تحت مُسمَّى  – مقالات الإسلاميين-، وهو يتكلم فيه عن هذه الحركات التي كانت تحمل أفكارا سياسية، وذات مرجعية إسلامية، على اختلاف مشاربها والانتماءات التي كانت تنضوي تحتها.

إلا أن الكثير من الحركات الإسلامية، قد زالت وانتهت كحراك سياسي، إلا أن بعضا منها استطاع الصمود والبقاء، ولكن ليس بصفته حراكا سياسيا، ولكن أصبح أفكارا تمشي بين الأقطار، ومن هذه الأفكار، فكرة الشيعة، والتي كانت ولا زالت تَتَسَرْبَلُ بـ نصرة آل البيت، والمعتزلة أصحاب المدرسة العقلية، والذين كانت لهم دولة وصولة، خاصة أيام خلافة المأمون، وإن لم يبق لهم وُجُودُ سَيطَرَةٍ على أرض الواقع، إلا أن أفكارهم استمرت طويلا، ويكفي في ذلك الكتب التي تحوي في بطونها على فكرهم إلى يوم الناس هذا، ونحن اليوم نَرى وخاصة عبر منابر الإعلام المعادي للتيار الإسلامي، أن كل من يدعي التجديد، وأن الإسلام تقليدي، فما هو إلا فكر المعتزلة يريد أن يظهره للعامة، ناسبا ذلك لاجتهاداته، كذبا وَزُورًا.

(المصدر: مجلة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى