قراءة في كتاب (سؤال التعايُش في واقع الإسلام الـمُعاصر .. التَّجارب والـمصائِر)
“إنَّ حياة كلِّ أمَّة تقومُ باستعدادها لكلِّ زمانٍ
بما يُناسبه، ومَنْ غالَب الزَّمان؛ غلبه الزَّمـانُ”
محمَّد عبده
الملخّص:
يتأسَّس مفهوم التَّعايُش، أو بالأحرى يتمظهرُ، في تجلِّياتٍ ثلاثة: أولها الاجتماع- أو العُمْران البشريُّ بحسب تعبير ابن خلدون (1332- 1406م)-، وثانيها الدِّين- أو الثقافة بمعناها الشَّامل-، وثالثها السِّياسة. وهذه التَّجليات الثلاثة كانت حاضرة- وبقوَّة- ضمن تضاعيف الـمشاريع الإصلاحيَّة في الأزمنة الـحديثة، فعندما كان سياسيُّو الإسلام وفقهاؤُه ومثقَّفُوه في الدَّولة العثمانيَّة- في مِصْر بصفةٍ خاصَّةٍ- يُراجعون “فقه العيش الإسلاميِّ القديم”، ويُحاولون النُّهوض به إلى “فقه العيش الـمُشْترك الـجديد”؛ ما كان لديهم الوقت ولا الاهتمام الكافي لقراءة ومُراجعة مُحاولاتهم الـجديدة، ونقدها نقدًا ذاتيًّا.
وبحسب عبد اللَّه العروي، فإنَّ هناك ثلاث فئاتٍ كانت مُنخرطةً بالفعل في صُنْع “فقه العيش الـمُشترك” آنذاك: أولها الشَّيخُ الإصلاحيُّ، وثانيها السِّياسيُّ أو رجلُ الدَّولة، وثالثها التِّقنيُّ الإداريُّ. أمَّا الشَّيخُ؛ فكان لا ينفكُّ يرى التَّناقُضَ القائم بين الشَّرق والغرب في إطاره التَّقليدي؛ أي كنزاعٍ بين النَّصرانيَّة والإسلام، ويُواصل سجالًا دام أكثر من ألف ومائتين سنة على ضفتي الـمُتوسِّط من الشَّرق العربيِّ إلى بلاد الأندلس. وعلى الرغم من أنَّ ثمة اختلافًا بيِّنًا بين الوضْعِيَّتيْن القديمة والـجديدة للنِّزاع؛ حيث استقرَّ العدوُّ الـمُتغلِّب واستعمر البُلدان الإسلاميَّة؛ فإنَّ للشَّيخ مسلكًا يستطيعُ به ومن خلاله أن يتوهَّم أنَّ النِّزاع لا يزال على طبيعته الـمعْهودة؛ إذ يعْرف مُسبقًا الغاية من الـهزائم الـمُؤلِمة: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16].
تتغيَّا هذه الدراسة الإبانةَ عن فقه العيش الـمشْترك وتحوُّلاته في الأزمنة الـحديثة؛ وذلك من خلال التَّركيز أولًا على اجتهادات مدرسة الإمام محمَّد عبده (1266-1323هـ/ 1849- 1905م)، وإخفاقاتها اللاحقة، فيما يتعلَّق بترسيخ قيم التَّعايُش، وانزواء قيم التعدُّدية الدِّينية والثقافيَّة في مناهج التَّعليم وواقع الـحياة الاجتماعية في الـحالة الـمصرية بصفة خاصة. ثانيًا: وتبعًا لذلك؛ فسوف تنقسم الدراسة إلى العناصر التالية:
أولًا: سؤال التَّعايُش في النُّصوص الدِّينية وفي الـخبرة التاريخيَّة ..الـهويَّة والانتماء ورُؤى العالـم.
ثانيا: الـخبرة الأندلسية في العيش الـمشترك .. هل تمثِّل استثناء؟!
ثالثا: بُنَى التَّعايُش في مدرسة الإمام محمَّد عبده التَّجديدية .. العناصرُ التَّأسيسيَّة والـمآلاتُ الرَّجْعِيَّة.
للإطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
(المصدر: مركز نهوض للدراسات والنشر)